وضعت الحكومة مجلس النواب في موقف سيئ عندما أحالت إلية اتفاقية تيران وصنافير لمناقشتها والتصديق عليها على الرغم من صدور حكم قضائي نهائي وبات من المحكمة الادارية العليا ببطلان توقيع الحكومة على الاتفاقية التي بموجبها تتنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية. ولأن مجلس النواب الموقر لا يملك رفضا لطلبات الحكومة، فقد شرع في مناقشة الاتفاقية فى اجتماع لجنة الشئون التشريعية "الأحد" الماضى. لقد اسأت الحكومة لنفسها قبل أن تسئ للمجلس ليس فقط لإحالتها "اتفاقية" هى و العدم سواء بحكم قضائى بل لأن الحكومة ذات نفسها سبق وأن لجأت للمحكمة الدستورية العليا و أقامت هيئة قضايا الدولة دعوى "منازعة تنفيذ " أمامها بعد صدور حكم آخر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بصحة التوقيع على الاتفاقية. ما الداعى إذن لأن تضرب الحكومة عرض الحائط ليس فقط بأحكام قضائية نهائية ولكن تطيح أيضاً بأحكام المحكمة الدستورية العليا بالتسرع بإحالة الاتفاقية لمجلس النواب خلال فترة نظرها أمام المحكمة الدستورية مما يضع أعلى سلطة قضائية فى البلاد في حرج بالغ و يمثل إهانة واستباق لأحكام القضاء. عندما لجأت الحكومة للمحكمة الدستورية لفض الاشتباك بين الأحكام القضائية المتعارضة كانت تعلم علم اليقين أن عليها الانتظار لحين الفصل فى الدعوى، كما كانت تعلم بالضرورة أن هذا الإجراء يغل يد مجلس النواب في مناقشة الاتفاقية مؤقتاً. لكنه "العك السياسى" ووضع السلطة التشريعية في مواجهة مع السلطة القضائية فى الوقت الذى يزعمون فية العمل على تقوية مؤسسات الدولة!! لصالح من زرع بذور الشقاق والاستهتار بأحكام القضاء واستباق احكامة؟! ولمصلحة من زيادة حدة الفرقة داخل مجتمع يعانى من الإرهاب و قسوة الأوضاع الاقتصادية ؟!. الغريب أن رجل القانون المستشار عمر مروان وزير الشئون القانونية يتململ ولا يطيق انتظار أحكام القضاء قائلأ: لا يمكن تأجيل مناقشة الاتفاقية فى مجلس النواب لحين صدور حكم الدستورية العليا لأن الانتظار قد يطول ولا نعلم متى يصدر الحكم !! قليلاً من الحكمة و بعض التعقل، فليس هكذا تدار قضايا الوطن . و إذا كانت الحكومة قد فقدت صوابها واندفعت نحو المجهول فعلى ممثلى الشعب التريث وعدم السير في ركاب الحكومة وانتظار حكم الدستورية العليا احتراماً للناخبين وصونا للقسم الذى أقسموه. لا نريد أن تتحول أزمة الجزيرتين إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر وتحول الوطن لاشلاء في منطقة تعانى من القلاقل وعدم الاستقرار و تربص قوى تسعى لإضعاف مصر . محاولات تمرير الاتفاقية باجراءات باطلة يهدم دولة القانون ويقوض أركان الحكم ويعطى فرصة مشروعة للاحتجاج والاعتصامات والتظاهر في ظل تزايد حالة الاحتقان داخلياً في وقت نسعى فية للبناء. لا نريد أن تتحول أزمة اتفاقية تيران وصنافير إلى نقمة مثلما تسبب إغلاق مضيق تيران فى عدوان إسرائيل وهزيمة مصر عام 1967 . السلطة زائلة و الحكام زائلون.. مصر هى الباقية.