لاشك ان التعليم يعد محوراً رئيسياً فى تكوين الشخصية المصرية، ومن ثم فإن تراجع أخلاقيات وسلوكيات افراد المجتمع أمراً طبيعياً وانعكاساً لتدنى مستوى التعليم فى مصر مقارنة بالدول الأخرى، فيشوب التعليم فى مصر أمورًا عدة من بينها تراجع هيبه المعلم وغياب القدوة، وأصبح العنف ثقافة سائدة بين الطلاب بعضهم البعض وبين الطلاب اتجاه المدرسين، بالإضافة إلى انتشار الدروس الخصوصية وتراجع دور المدرسة خاصة التربوي المنوط به أن يجعل المعلم قدوة للطالب يقتدي به فى أمور حياته، وكل هذه الأمور فقدت احترام المجتمع للتعليم وتقدير قيمته كوسيلة أساسية تساهم فى نهضة الأمم، وأصبح التعليم فى مصر مقصورا على تحصيل الشهادات دون العلم والمعرفة لتطوير المجتمع. وقد طالب البرلمان، بتدريس مادة التربية الأخلاقية كمادة أساسية فى مراحل التعليم الأساسي، والتي تستلزم تعديل المادة 8 من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981. وينص المقترح على أن: "تكون مادة التربية الأخلاقية مادة أساسية فى مراحل التعليم الأساسي الإلزامي، ويشترط للنجاح فيها الحصول على 50% على الأقل من الدرجة المخصصة لها على ألا تحسب درجاتها ضمن المجموع الكلي".. فبات السؤال ملحاً كيف يمكن أن يسهم التعليم فى عودة أخلاقيات أفراد المجتمع اتجاه بعضهم البعض؟، وأن تكون لمادة التربية الأخلاقية فاعلية فى ذلك الامر؟. وفى ذات السياق يري د.على مدكور "استاذ التربية بمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة " ان ما يعاني منه المجتمع من انفلات اخلاقي يعد رد فعل طبيعي لإهمالنا لتدريس مادة التربية الدينية بالمدارس التى تعلم السلوك والعقيدة والأخلاق والمواطنة، وصار التعليم تحصيلاً للدرجات وليس للعلم والمعرفة. مضيفاً، أن كتاب "التربية الاخلاقية" إذا كان مطروحاً ليكون بديلاً عن كتاب التربية الدينية سواء الاسلامية أو المسيحية، فإنه أمر غير مقبول، وإنما لابد من طرحه ككتاب منفصل يمثل إضافه وتأكيداً على الاخلاقيات. مؤكداً أهمية أن يتبنى المجتمع توجه جاداً جديداً، يبنى على التدريس الجيد، على اعتبار ان المجتمع منظومة متكاملة ينطلق منها قاعدة واحدة تحاول ان تحقق الاهداف المرجو منها وخلق جيل متعلم ومثقف وعلى خُلق. ويري د.مصطفى النشار "استاذ الفلسفة بكلية الاداب جامعة القاهرة " أن المدرسة كمؤسسة تعليمية وتربوية غابت عن دورها العلمى والتربوى وأصبحت تمثل عبئًا على الطالب يذهب اليها لتسجيل الحضور والغياب، وأصبحت مجالا للفسحة ولا مجالا للعلم والمعرفة نتيجة قلة الإمكانيات والتكدث الطلابى وحشو المناهج وبعدها عن الواقع. مضيفاً أن المعلم لم يعد قدوة نتيجه الدروس الخصوصية التى أضاعت من هيبته وسط طلابه نتيجة غياب العدالة الاجتماعية وتدنى راتبه بما دفعه للتقرب للتلاميذ كى يعطيهم درس خصوصى ومن ثم غابت سيطرته وتربيته اخلاقياً وعلمياً على الطلاب. ويري د.فوزى عزت"استاذ علم النفس التربوى بكلية التربية جامعة السويس"، أن غياب حصص الانشطة فى المدارس وتهميش المواد التربوية مثل التربية الدينية والتربية القومية، جعل السلوك العدوانى المسيطر على تعاملات الافراد مع بعضهم البعض. موضحاً ان العنف فى المدارس هو صدى العنف فى المجتمع، وغياب القيم المجتمعيه نتيجه الازدحام الشديد والبطالة والزيادة السكانية وارتفاع الأسعار، مما يشكل ضغوطًا نفسية على الافراد ولا يحتملون بعضهم البعض، ويخلق بذلك شخصية غير سوية وغير نافعة للمجتمع. مؤكداً بذلك أهمية عودة الانشطة الطلابية بالمدارس وتفعيلها لما تساهم فيه من إعادة انتماء الطالب للمدرسة.