إذا كانت الأرض بما فيها ومن عليها قد بدت في ظاهرها قاسية عليك يا سيدي يا رسول الله فعند ربك لك خير منها فليكن الإسراء من أجلك كي تنتقل من ضيق الأرض إلي اتساع السماء حتي تعرج إلي "سدرة المنتهي عندها جنة المأوي" وقد عرجت فاستقبلك أبوالبشرية آدم في السماء الأولي ثم ابنا الخالة عيسي بن مريم ويحيي بن زكريا ومن بعدهما يوسف ومن بعده إدريس ومن بعده هارون ثم موسي ثم خليل الله إبراهيم عليك وعليهم الصلاة والسلام ثم تستقر حيث تسمع صرير الأقلام وتستقبل الأمر بفرض الصلاة ولم تنس أمتك في ليلة رحلتك فسألت ربك التخفيف وأعلمتنا بالذي حدث فقلت "فأوحي الله إليَّ ما أوحي ففرض عليَّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلي موسي صلي الله عليه وسلم فقال: ما فرض ربك علي أمتك؟ قلت خمسين صلاة قال ارجع إلي ربك فاسأله التخفيف. فإن أمتك لا يطيقون ذلك قال: فرجعت إلي ربي فقلت يارب خفف علي أمتي فحط عني خمساً.. إلي أن قلت يا سيدي يا رسول الله حين انتهت إلي خمس. لكل صلاة عشر: فنزلت حتي انتهيت إلي موسي فأخبرته فقال ارجع إلي ربك فاسأله التخفيف فقلت قد رجعت إلي ربي حتي استحييت والحديث رواه مسلم من حديث سيدنا أنس. وعدت من رحلتك وحدثت قومك فكذبوك فقلت كما روي ذلك الإمام مسلم في صحيحه "لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلي الله لي بيت المقدس فطفت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه" فسبحان من جلاه لك فطوي المسافات ومحا الحواجز والعثرات حتي امتثل البيت الأقصي بين يديك وأخذت تخبر المكذبين عن آياته فهل رقت لك قلوبهم واستجابت إليك عقولهم ثم بعد هل لانت إليك أبشارهم فركعت لله الذي فرض عليك الصلاة راحة للأبدان واسترواحاً للنفوس ان كفرها بك وتكذيبها لك يزيدك عزماً علي عزمك ويجعلك كما وصفك ربك "فلعلك باخع نفسك علي آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا" الكهف آية .6 فأي رفق بشري بعد رفقك؟ وأي رحمة من قلب بشر بعد رحمتك وصدق الله العظيم القائل فيك: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم" التوبة آية: "128" ونحن في ذكري إسرائك ومعراجك نتذكر لعلنا من الذين تنفعهم الذكري نتذكر قدرة الله العزيز الحكيم وقوته وفضله نسبحه كما أمرنا ونحن نتفيأ ظلال رحلتك المعجزة "سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا" الإسراء آية "1" ونقتبس من رحلة الإسراء معني الفرج بعد الكرب وأي فرج بعد معية اليسر للعسر قال تعالي: "فإن مع العسر يسراً" فصلاة وسلاماً علي المبعوث رحمة للعالمين وعلي آله وأصحابه أجمعين.