اواصل حديثي حول الاسراء والمعراج الدروس والعبر فأقول: المصطفي: ثم رفعت إلي سدرة المنتهي: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَي * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَي * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَي * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيى يُوحَي * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَي * ذُو مِرَّةي فَاسْتَوَي * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَي * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّي* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَي * فَأَوْحَي إِلَي عَبْدِهِ مَا أَوْحَي * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَي * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَي مَا يَرَي * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَي * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَي [النجم:1-14] الرائي هو محمد. والمرئي هو جبريل علي نبينا وعليه الصلاة والسلام. رآه النبي صلي الله عليه وسلم علي حقيقته التي خلقه الله عز وجل عليها. يقول: فرفعت إلي سدرة المنتهي. وإذا نبتها كقلال هجر . الثمرة من النبق -الثمر المعروف- كقلال هجر. ضخامة: وإذا ورقها كآذان الفيلة. جمع فيل أو جمع فيول. واللغتان صحيحتان: وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران. فقال المصطفي: ما هذا يا جبريل؟! فقال جبريل: أما الباطنان فنهران في الجنة. وأما النهران الظاهران. فالنيل والفرات. أصلهما من الجنة. ولكن لا تفهم أنهما الآن متصلان بالجنة. يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم: ثم رفع لي البيت المعمور. والبيت المعمور بناء كالكعبة. والراجح والصحيح أن في كل سماء بيتاً معموراً. لكن الرسول صلي الله عليه وسلم رأي في السماء السابعة إبراهيم عليه السلام وقد أسند ظهره إلي البيت المعمور. وهو بمحاذات بيت الله الحرام. بمعني: لو خر البيت المعمور لخر علي الكعبة. والبيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يعودون. فإن غفلت أنت عن الذكر فعنده من يذكره جل وعلا. لا يغفلون عن ذكره ولا يفترون: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ [الأنبياء:20]. وفي رواية صحيحة: ثم انطلقت إلي مكان يسمع فيه صريف الأقلام اقترب النبي صلي الله عليه وسلم هذا القرب الكبير وكرمه الله هذا التكريم العظيم ثم فرض الله عليه الصلاة. خمسين صلاة فقبل ورضي وسلم واستسلم فهو المطيع لربه دوماً. ولما مر علي إبراهيم في السابعة لم يقل له شيئا وقد تلحظ طبيعة إبراهيم في هذا: إنه لأواه حليم: ثم مر علي موسي علي نبينا وعليه الصلاة والسلام. فقال له موسي -الذي قد تلمح طبعه أيضاً من هذا. بل ومن آيات كثيرة في القرآن- قال: فما أمرت؟ قال: أمرني الله بخمسين صلاة كل يوم وليلة. فقال موسي: لقد جربت الناس قبلك. إن أمتك لا تستطيع ذلك. فلقد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلي ربك فسله التخفيف لأمتك صلي الله علي موسي وصلي الله علي محمد. لا نفرق بين أحد من رسوله ولا داعي لسرد الأقوال التي تنضح بالحقد. والتي تريد أن تبث العداء بين أنبياء الله ورسوله. فالحديث صريح في لفظه وواضح في معناه. لا يحتاج إلي لي لأعناق الكلمات ولا لأعناق النصوص. قال موسي: إني قد عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة. فارجع إلي ربك فسله التخفيف» فإن أمتك لا تطيق ذلك. فرجع المصطفي إلي الله. فحط الله عنه عشراً. وعاد إلي موسي فقال: ارجع. فحط الله عنه عشراً وهكذا حتي بلغت الصلاة عشراً فقال له موسي: ارجع. فرجع حتي حط الله عنه خمساً. وفرض الله عليه خمس صلوات فلما عاد إلي موسي قال: ارجع إلي ربك فسله التخفيف فإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة. فقال له له المصطفي: إني قد استحييت من ربي عز وجل وإنما أرضي وأسلم. يقول: فانطلقت فسمعت المنادي يقول: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي.