* يسأل أبو يحيي من القاهرة الجديدة: عملاء البنوك يقدمون أموالهم ومدخراتهم للبنك الذي يستخدمها ويستثمرها في معاملاته المشروعة مقابل ربح يصرف لهم ويحدد مقدماً في مدد يتفق مع العميل عليها. فما الحكم الشرعي في ذلك؟ ** أجاب علي هذه الفتوي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: الذين يتعاملون مع البنوك ويقومون بتقديم أموالهم ومدخراتهم إلي البنك ليكون وكيلاً عنهم في استثمارها في معاملاته المشروعة. مقابل ربح يصرف لهم ويحدد مقدماً في مدد يتفق مع المتعاملين معه عليها. هذه المعاملة بتلك الصورة حلال ولا شبهة فيها. لأنه لم يرد نص في كتاب الله أو في السنة النبوية يمنع هذه المعاملة التي يتم فيها تحديد الربح أو العائد مقدماً. مادام الطرفان يرتضيان هذا النوع من المعاملة. قال الله تعالي : "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" "النساء: 29". أي: يا من آمنتم بالله حق الإيمان. لا يحل لكم. ولا يليق بكم. أن يأكل بعضكم مال غيره بالطرق الباطلة التي حرمها الله تعالي كالسرقة. أو الغصب. أو الربا. أو غير ذلك مما حرمه الله تعالي لكن يباح لكم أن تتبادلوا المنافع فيما بينكم عن طريق المعاملات الناشئة عن التراضي الذي لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً. سواء أكان هذا التراضي فيما بينكم عن طريق التلفظ أم الكتابة أم الإشارة أم بغير ذلك مما يدل علي الموافقة والقبول بين الطرفين. ومما لا شك فيه أن تراضي الطرفين علي تحديد الربح مقدماً من الأمور المقبولة شرعاً وعقلاً حتي يعرف كل طرف حقه. ومن المعروف أن البنوك عندما تحدد للمتعاملين معها هذه الأرباح أو العوائد مقدماً. إنما تحددها بعد دراسة دقيقة لأحوال الأسواق العالمية والمحلية وللأوضاع الاقتصادية في المجتمع. ولظروف كل معاملة ولنوعها ولمتوسط أرباحها. ومن المعروف كذلك ان هذا التحديد قابل للزيادة والنقص. بدليل ان شهادات الاستثمار بدأت بتحديد العائد 4% ثم ارتفع هذا العائد إلي أكثر من 15% ثم انخفض إلي ما يقرب من 10%. والذي يقوم بهذا التحديد القابل للزيادة أو النقصان. هو المسئول عن هذا الشأن طبقاً للتعليمات التي تصدرها الجهة المختصة في الدولة. ومن فوائد هذا التحديد لا سيما في زماننا هذا الذي كثر فيه الانحراف عن الحق والصدق ان في هذا التحديد منفعة لصاحب المال. ومنفعة أيضاً للقائمين علي إدارة هذه البنوك المستثمرة للأموال. فيه منفعة لصاحب المال. لأنه يعرف حقه معرفة خالية من الجهالة. وبمقتضي هذه المعرفة ينظم حياته. وفيه منفعة للقائمين علي إدارة هذه البنوك. لأن هذا التحديد يجعلهم يجتهدون في عملهم وفي نشاطهم حتي يحققوا ما يزيد علي الربح الذي حددوه لصاحب. وحتي يكون الفائض بعد صرفهم لأصحاب الأموال حقوقهم. حقاً خالصاً لهم في مقابل جدهم ونشاطهم. وقد يقال: إن البنوك قد تخسر فكيف تحدد هذه البنوك للمستثمرين أموالهم عندها الأرباح مقدماً؟. والجواب: إذا خسرت البنوك في صفقة ما فإنها تربح في صفقات أخري. وبذلك تغطي الأرباح الخسائر. ومع ذلك فإنه في حالة حدوث خسارة فإن الأمر مرده إلي القضاء. والخلاصة: ان تحديد الربح مقدماً للدين يستثمرون أموالهم عن طريق الوكالة الاستثمارية في البنوك أو غيرها حلال ولا شبهة في هذه المعاملة فهي من قبيل المصالح المرسلة وليست من العقائد أو العبادات التي لا يجوز التغيير أو التبديل فيها. وبناءً علي ما سبق فإن استثمار الأموال لدي البنوك التي تحدد الربح أو العائد مقدماً حلال شرعاً ولا بأس به والله أعلم.