أشرنا في العدد السابق إلي موقف سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ومدي حرصه علي حياة الكفار مثل حرصه علي المسلمين. حتي أنه لم يدْعُ علي قومه بالهلاك كما فعل سيدنا نوح عليه السلام لأن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كان يري في أصلابهم من سيدخل الإسلام. حين نزل مَلَك الجبال وقال : "يا رسول الله. لو أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين "جبلان كبيران كان الكفار بينهما" فلم يثأر النبي صلي الله عليه وسلم لنفسه. ولم يستغل كونه صاحب دعوة مستجابة .. ولم يطلب القضاء علي الكفار. ولم يستغل الفرصة التي أُتيحت لذلك. بل قال عليه الصلاة والسلام : ¢اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون. عسي أن يخرج من أصلابهم من يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله "¢ بينما سيدنا نوح لم يدْعُ علي قومه إلا بعد أن تأكد أنه ليس في أصلابهم من سيتبعه ويؤمن به وبدين الله. وهذا شأن الأنبياء جميعاً. إن معني اتباع جميع الأنبياء هو عدم إلصاق تهمة الإرهاب والترويع بهم وبأتباعهم. ومن يُرِد أن يروع ويخرب ويدمر ويفجر ويرهب غيره فلينسب ذلك لنفسه لا إلي دينه ولا إلي نبيه. إن المسيحي الذي فجر مبني "أوكلاهوما سيتي" قام بعمل فردي من بنات أفكاره وليس من تعاليم الديانة المسيحية. وكذلك المسلم الذي يقوم بذبح أي إنسان. ينفذ ما تصوره هو شخصياً لا ما يقوله الإسلام. إن كون الخمر تُصنَع من العنب فهذا لا يعني أن العنب حرام. ولا تُعتبَر الخمر عنباً. إن الزبيب يُصنع من العنب والنبيذ يُصنع من العنب. فالشئ الواحد قد يخرج منه الخير والشر. وليست المشكلة في الشئ وإنما فيمن يستعمله لتنفيذ ما يريد. إن الذين حولوا العنب إلي خمر أساءوا استعماله ونسبوه إلي العنب فنسينا من فعل بالعنب ذلك ووجهنا اللوم إلي العنب. وكذلك الإسلام فسروه علي هواهم "النبيذ من العنب" وأفسدوا ما فيه من تسامح ورحمة بتفسيراتهم المتعسفة "العنف والإرهاب" ثم ادَّعوا أن هذا هو الإسلام "كمن لعن العنب لأن الخمر تصنع منه". لا أحد يُشَبِّه الإسلام بالإرهاب. لا أحد يُشَبِّه العنب بالخمر. الأديان كلها بريئة من العنف والقسوة. وأتباعهم المخلصون أيضاً. لكن أغلب الناس لا يعلمون. ولا حول ولا قوة إلا بالله.