* يسأل عاصم داود من طنطا بالغربية: جلست بين أصحابي فوجدتهم يغتابون زميلا لي ويصفونه بأوصاف لا تليق فهل أوافقهم وأجاملهم بالاسترسال معهم فيما هم فيه؟ ** يقول الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر: اعلم يا أخي أن الغيبة هي أن تذكر أخاك بما يكره. وهي من الكبائر وعظائم المنكرات. وهي في حرمتها كأكل لحم الميت قال الله تعالي: "ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم" "سورة الحجرات12" ووجه الشبه أن الإنسان يتألم قلبه من قرض عرضه كما يتألم بدنه من قطع لحمه لأكله بل أبلغ لأن عرض العاقل عنده أشرف من لحمه ودمه.. كما لا يحسن من العاقل أكل لحوم الناس لا يحسن منه قرض عرضهم بالطريق الأولي. وقال صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا هل بلغت" وأيضا "كل مسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه" وعند البزار بسند قوي "من أربي الربا استطالة المرء في عرض أخيه" إلي غير ذلك من النصوص التي تؤكد علي حرمة الغيبة. وحري بالعاقل ألا ينطق إلا بخير ولا يذكر أخاه إلا بخير ولا يفرط في ضياع حسناته بسبب غيبته لأخيه قال قتادة: "ذكر لنا أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث من الغيبة. وثلث من البول وثلث من النميمة" وكان الحسن يقول: "ابن آدم إنك لن تبلغ حقيقة الإيمان حتي لا تعيب الناس بعيب هو فيك. وحتي تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك فإذا فعلت ذلك كان شغلك في خاصة نفسك. وأحب العباد إلي الله من كان هكذا". وإذا علمت يا أخي حكم هذه الكبيرة فكان حريا بك إما أن تدافع عن عرض أخيك وتبين وجه الحق فيه. وبناء ترضي ربك ورسولك ودينك ونفسك أو تترك لهم المجلس ولا تجلس مع هؤلاء الاشقياء التعساء وحذار أن تجاريهم في كلامهم وعليك أن تجتهد في الطهارة من الغيبة لتدخل تحت ما روي عنه صلي الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً ليغنم. أو ليسكت عن شر فيسلم وتستحي من أن تذم غيرك بما أنت متلبس به أو بنظره فإن كان أمراً خلقيا فالدم له ذم للخالق إذ من ثم صنعه ذم صانعها قال رجل لحكوم: يا قبيح الوجه فقال: ما كان خلق وجهي إلي فأحسنه. فإن لم تجد لك عيبا وهو بعيد فأشكر الله إذ تفضل عليك بالنزاهة عن العيوب فلا تسم نفسك بتعظيمها.