في أحد أفلام المنتج المعروف محمد السبكي وقف بطل الفيلم وهو يقول للشارع كله سأفعل مثل الأفلام واقترب من الفنانة المشاركة معه في الفيلم ليقبلها في شهوانية بالغة ولعل ما قاله هذا البطل لا يفرق كثيرا عما تشهده شوارعنا فكثير من شبابنا الذين لا يتخطي عمرهم الثامنة عشرة يحرصون علي تقليد البطل في كل شيء وهكذا انتشرت حركات الأبطال مهما بلغت سوقيتهم بين الشباب لدرجة أن إحدي دراسات مركز المصريين للدراسات السياسية والاستراتيجية أكدت أن بعض الاعمال الفنية كانت شريكا في انتشار عملية التحرش لأنها قدمت للشباب بعض الاعمال المجرمة علي أنها أعمال عادية وغير مجرمة قانونيا ومنها التحرش ...عقيدتي تحاول من خلال هذا التحقيق رصد أسباب تورط الأعمال الفنية بعضها وليس كلها في نشر الفكر الهدام بين الشباب .. والتفاصيل في السطور التالية : بداية تقول الدكتورة ماجي الحلواني العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة : لابد ان نعترف أن هناك أفلاما سينمائية وأعمالا درامية تناولت قضية التحرش بشكل تجاري بحت وبدلا من مواجهتها أصبحت تروج لطرق جديدة استفاد منها المجرمون في التحرش بالنساء وبدلا من أن تكون الأعمال الدرامية وسيلة لمواجهة تلك الظاهرة ومكافحتها أصبحت سببا في انتشار الفواحش والسلبيات ولم تعالجها وللأسف تحولت السوقية إلي وسيلة لجذب الجماهير وأصبحنا نري أفلاما لا تحتوي علي موضوع أو قضية و لكن أفلاما سطحية حولت البلطجي إلي بطل والعشوائيات أجواء رئيسية في الفيلم المصري ليس بغرض معالجة سلبياتها أو لخلق إيجابيات منها ولكن لتمجيدها. وأصبحت السينما متسببة في تحول لغة الحوار من الحضارية إلي المتدنية. وأتذكر أن الفنانة القديرة فاتن حمامة في فيلم ¢الخيط الرفيع¢ كانت لها جملة في الحوار تقول فيها ¢ابن الكلب¢ وقتها وجهوا إليها الاتهامات والاعتراضات علي هذه الجملة فما بالنا بما نراه الآن في السينما. . باختصار فإننا لابد أن نعترف أن السينما تعد من العوامل المهمة لتفشي ظاهرة التحرش الجنسي عموما سواء بالنساء أو الأطفال. حيث إنه يستغل جسد المرأة بصورة مثيرة للاشمئزاز فكيف يمكن أن ندعو شبابنا وفتياتنا إلي الأدب وإلي الاحتشام في الوقت الذي ينتشر عبر الأثير ومن خلال الفضائيات الكثير من الصور الإباحية وغير الأخلاقية. وللأسف - وحتي اليوم- لا نجد في البرامج التي تبثها قنوات عربية التحذيرات التي يتبعها الغرب عند نشر مواد لفئة البالغين . الفن والدراما ويقول الدكتور رضا عريضة أستاذ علم النفس التربويي بجامعة عين شمس : لقد أسفر الحراك الاجتماعي للمجتمع منذ منتصف سبعينيات القرن المنقضي. والناتج عن الانفتاح الاستهلاكي. أن اتسعت ومازالت تتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وما صاحب ذلك كله من تدهور في أحوال التعليم والتردي في التمسك بالقيم الأصلية والسلوكيات المرغوب فيها . وتشابك أزمة البطالة والغلاء الفاحش مع زيادة نسبة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج بسبب ارتفاع تكاليفه بالإضافة إلي ضعف الوازع الديني والخلقي والاجتماعي. وتراجع الأسرة عن القيام بدورها في التربية والتنشئة الحسنة. وتضاؤل دور المدرسة في عملية التنشئة بأبعادها المختلفة "دينية. سياسية اجتماعية. معرفية ...الخ" وتدهور المستوي الثقافي العام والتهاون من أجهزة الرقابة علي وسائل الإعلام والتثقيف تليفزيون. سينما. مسرح. إذاعة 000 الخ" وما نتج عن ذلك كله من استفحال النظرة التشاؤمية لدي الشباب ومحاولتهم الهروب من المجتمع بمشكلاته المعقدة والتي لا يوجد في الأفق حل عملي عقلاني متاح لحلها رغم وعود الخطاب الرسمي فاتجه فريق إلي الخروج علي المجتمع بتكفيره وممارسة العنف والإرهاب ضده . وفريق آثر الانسحاب والانزواء في عالم المخدرات وإدمانها والتحرش الجنسي بالفتيات والنساء واتسعت مساحة النشاط الإجرامي بكافة أشكاله والتشكيلات الإجرامية الخارجة عن القانون . وشملت في ذلك أبناء فئات اجتماعية لم تكن من قبل في دائرة نشاطها. وأيضا تنامت مشاعر "الأنا" والنزعة الفردية المصحوبة بهروب مدمر لكل القيم الاجتماعية خاصة التسامح التي استقرت في الوجدان المصري عبر عقود طويلة من عمره علي الأرض. شرس الظواهر ومن الظواهر السلبية التي نتجت عن الأمور السابقة التحرش الجنسي الذي أصبح وبحق ظاهرة تمثل خطيرة تهدد كيان المجتمع الذي افتقد لكثير من دفء المشاعر والعلاقات الحميمية والمودة والتعاطف والرحمة ليصبح التحرش أحد وسائل التعبير عن النزعة العدوانية والسعار الجنسي لدي الشباب وأصبح التحرش يزداد حدة وعنفا يوما بعد يوم وتعددت أشكاله وازداد خطورة علي الأمن والاستقرار والنمو علي كل المستويات "الفرد الأسرة المجتمع" وليصبح أشرس أنواع الظواهر الإجتماعية السلبية انتشارا في حاضرنا الذي نعيشه. والتحرش الجنسي كغيره شكل من أشكال السلوك هو نتاج علائقي بمعني أدق نتاج علاقة مأزقيه تصيب الذات في الوقت نفسه وتنصب فيه علي الآخر وتبيده إما بالتدمير والقتل وإما تؤذيه "جسدياي ومعنوياي ونفسياي" فالعنف الجنسي أو التحرش الجنسي أصبح وسيلة من الشباب للهروب من الواقع في ظل ترسخ قناعة بداخله بأنه لا يصنع شيئا يخجل منه. ومن هذا المنطلق يجب علي الأسرة أن تلعب دورا مهما في هذه القضية فلا يوجد شك في أن الاسرة تلعب دوراي هاما في ممارسة الابناء للتحرش وذلك لأنها من خلال عملية التنشئة الاجتماعية تجعله إما سويا أو منحرفاي التنشئة الاجتماعية لها جناحان الأول هو التوجيه المباشر للطفل إفعل لا تفعل والجناح الثاني هو القدوة وهو أشد تأثيراي من الاول لأن الطفل رغم سنه يلاحظ ما يدور حوله. ويتأثر بها فيقلد من هم أكبر منه فيما يفعلونه أو يقولونه فإذا تقدم به السن وجدناه يفعل مثلما يفعلون خاصة إن لم يجد في الاسرة من يذجره ويبين له خطأه وللأسف الشديد فإن بعض الأسر ينتابها إحساس بالسرور عندما تجد الطفل يحتضن طفلة كما شاهد في التلفزيون علي سبيل المثال ويقبلها بل إن بعض الامهات يعلمن أطفالهن كيف تكون ما يسمهونه بوسة السينما الطريقة التي يقبلون بها الممثلون بعضهم بعضا وهكذا يشب الطفل ولديه إستخفاف بالقيم مستهترا لا يحترم الإناث ويتعرض لهن بأفعال وأقول بما يدخل تحت مفهوم التحرش كذلك فإن التنشئة الأجتماعية في الأسرة تجعل الأولاد يشعرون بالتميز علي البنات مما يمدهم بجرأة في تعاملهن معهن وهم يعتقدون أن هذا حق من حقوق الرجولة هذا هو دور الاسرة. المواجهة الدينية وعن رأي الدين في هذه القضية يقول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة : إذا كنا نرغب في التصدي لقضية التحرش الجنسي فيجب أن نعالج الطرفين الأنثي والذكر فيجب علي الأسر الإهتمام بتربية الفتيات بمعني أن يتم تنشأة الفتاة علي الدين فتعرف الحلال والحرام وتميزه ثانيا أن توجد لديها الأحساس القوي بالثقة في النفس وألا تشعر بالضعف أمام عادات الغربيين وثقافتهم بصفة عامة وألا تخاف أن يصف البعض سلوكها بالتخلف أو بالرجعية أو بغير هذا من الصفات التي يتعمد الغربيون إطلاقها علي المسلمات الملتزمات كما أن علي الأسرة المسلمة أن تشد من أذر فتياتها دائما عندما تصادفن موقفا يؤثر فيهن سلبيا وأن تعرفهن أنهن علي حق وأن الاخرين علي باطل. ويضيف : هناك عامل آخر يسهم في توفير بيئة التحرش وتسلب الشباب القيم التي تعصمهم من الانحراف والزل وهو محاولات الأممالمتحدة عولمة القضايا الجنسية حيث غلفت كل ما يخص هذه القضايا بإطار من الحرية والتمكين وأصبح من متطلبات العولمة فرض تلك الأجندة التي هي في الأصل منظومة الغرب الإباحية من خلال مواثيق الأممالمتحدة الخاصة بالمرأة والطفل وحل هذه القضية- يقول الدكتور الدسوقي - يكمن في البحث عن الوسائل الفعالة للوصول إلي الشباب وتعميق القيم الإسلامية في نفوسهم إلي جانب الاهتمام بالمقررات الدراسية الإسلامية وتدريسها في كل مراحل التعليم. علي أن يتم تضمين تلك المقررات سير الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وصحابته والتاريخ الإسلامي المشرق والتوعية بالمخاطر التي تجلبها العولمة خاصة في جانبها الثقافي الذي يستهدف فرض "منظومة الغرب الإباحية" علي المسلمين من خلال الفضائيات والإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال. مشكلة مركبة وتقول الدكتورة وجيهة مكاوي أستاذ الادب الإسلامي بجامعة الأزهر أنه لابد أن نعترف أن مشكلة التحرش الجنسي مشكلة مركبة بمعني أن هناك ظروف عديدة تسببت في زيادتها وانتشارها وأنا لا أعفي لا الرجل ولا المرأة من تفشي مثل هذه الظاهرة المؤسفة ولكن بلا جدال فإن الفضائيات التي تستخدم جسد المرأة لجذب المزيد من المشاهدين تلعب دورا مهما في شحذ الرغبة لدي الشباب وفي ظل ارتفاع تكاليف الزواج وهكذا أصبح هناك رجال ما زالوا ينظرون إلي المرأة علي أنها مصدر للمتعة فقط وليست كيانا وفكرا. ما يجعلهم يتعاملون معها في بشكل غير لائق هذا بالإضافة إلي نقص في الوازع الديني كما أن الأسرة مسئولة عن إنتشار هذه الظاهرة بسبب ما تزرعه من عادات ثقافية واجتماعية منذ الصغر ولا تقوم بتعليم وتربية أبنائها كيفية التعامل مع المرأة أو كيفية تعامل المرأة مع الرجل والمرأة تلعب أحيانا دورا في جعل الرجال يتحرشون بها حيث تسهم في التحرش ضدها بسبب ارتدائها للملابس الفاضحة أو طريقة كلامها التي تفسح المجال لضعاف النفوس للتمادي معها كما تلعب وسائل الترفيه السينمائية والتلفزيونية دورا في انتشار وتفشي هذه الظاهرة حيث يعد الإعلام العربي من العوامل المهمة لتفشي ظاهرة التحرش الجنسي عموما سواء بالنساء أو الأطفال. حيث إنه يستغل جسد المرأة بصورة مثيرة للاشمئزاز فاليوم ينتشر عبر الأثير ومن خلال الفضائيات الكثير من الصور الإباحية وغير الأخلاقية دون أدني مسئولية وإدراك لخطورة بث مثل تلك المواد في مجتمع يعاني أكثر من خمسة عشرة في المائة من أفراده من العنوسة.