ترى الباحثة الدكتورة خديجة فيصل مهدي، في دراسة لها نشرتها وكالة الأنباء الألمانية، أن ظاهرة التحرش الجنسي يهدد آمال وطموحات النساء، ولها مخاطر أخرى في صعيد مصر، من بينها القضاء على ما حققته المرأة من مكتسبات في مجال حق العمل، وحرية الخروج والانتقال والسفر، إذ بات بعض الأسر والعائلات والقبائل تبدي تحفظًا على خروج النساء والفتيات للعمل، أو لأي سبب آخر خشية تعرضهن لمضايقات من قبل المتحرشين . وقالت الدراسة: إن التحرش الجنسي يهدد حياة النساء، ويفجر المعارك والصراعات القبلية بين رجال وشبان القبائل والعائلات بمراكز ومحافظات صعيد مصر، التي شهدت بالفعل الكثير من المعارك القبلية، بسبب التحرش، خاصة في قنا، وسوهاج، وجنوبالأقصر. وأشارت إلى أن قضية التحرش الجنسي بالمرأة أصبحت مشهدًا ونمطًا عاديًا يتكرر كل ساعة، دون أن يقتصر على استهداف السيدات في مرحلة عمرية معينة أو طبقة اجتماعية محددة، معتبرة أن ظاهرة التحرش الجنسي "واحدة من أخطر الكوارث الاجتماعية، التي تقف عائقا أمام التنمية والتطور في البلاد". وتقول شيرين النجار، مديرة مركز إيزيس لبحوث المرأة بمدينة الأقصر، إن قضايا المرأة تعد جزءًا هامًا من قضايا المواطنة وعدم التمييز، مشيرة إلى كثرة العوامل التي تساعد على زيادة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، موضحة أن أبرزها انتشار معدلات البطالة بين الشباب، وارتفاع تكاليف الزواج، لذلك انتشرت حالة من حالات شيوع الفوضى. ودعت النجار إلى ضرورة تبني الدولة مجموعة من البرامج الشاملة لمواجهة هذا السلوك، والتعريف بالظاهرة وأسبابها وطرق التعامل معها، وخطورة التداعيات النفسية للظاهرة على الضحية، ومدى تهديدها لتقدم المجتمع وتطوره. ويقول الدكتور السيد عوض، رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، إن ظاهرة التحرش الجنسي بالغة التعقيد من حيث طبيعتها ومضاعفاتها وأسباب حدوثها، لذلك فإن معالجتها والقضاء عليها يحتاجان إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانيات وتعاون شرائح المجتمع كافة، بما في ذلك منظماتُ المجتمع المدني، لمحاربة هذه الظاهرة السلبية باعتبارها تهديدا خطيرا للأمان الاجتماعي. وطالب عوض، وزارة التربية والتعليم، بوضع مناهج تعليمية تتضمن كيفية غرس ثقافة الأخلاق والآداب، كما نشرها ودعا لها الدين الإسلامي وطرق مواجهة السلوكيات الخاطئة في حياتنا اليومية وتعلم وتثقيف الشباب حول مخاطر التحرش الجنسي بشكل خاص والتركيز علي أهمية تعليم المرأة. وحول سبل معالجة هذه الظاهرة، قال الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، إن التصدي للظاهرة يمكن أن ينجح من خلال الإعداد والتنظيم لحملات إعلامية وتوعوية لتوضيح مخاطر التحرش الجنسي والعمل على التصدي لها، بالإضافة إلى استصدار تشريع عاجل بمساعدة الخبراء النفسيين والاجتماعيين للحد من التحرش في الشارع المصري. أرجع عامر السبب في تزايد هذه الظاهرة، إلى سوء الحالة الاقتصادية، يليها قلة الوعي الديني، ووسائل الإعلام وما تبثه من بعض المواد الإباحية، وسوء التنشئة الأسرية للمتحرش، كما أن سكوت الضحية وعدم اتخاذها أي رد فعل، وعدم تقدمها ببلاغ ضد المتحرش يؤدي إلى تمادي المتحرش في القيام بسلوكه. وشدد، على ضرورة تحسين الحالة الاقتصادية، وخلق فرص عمل للشباب، ورفع الوعي الديني بين المواطنين، وتطبيق القوانين الخاصة، أو إصدار تشريع خاص بجرائم التحرش الجنسي وفرض رقابة على الإعلام.