لم يقم شعب ما بثورة ثم يقبل ببقاء الوضع علي ما هو عليه أو يستوي عنده الليل والنهار والماء والنار وهذه حقيقة علي من يأتي به الشعب رئيسا لمصر أن يضعها نصب عينيه حتي لا يضيع تاريخه ويظلم شعبه ويضعف وطنه وفي النهاية لا يعرف عاقبة أمره. أتمني من كل واحد من المرشحين لرئاسة مصر المشير السيسي والاستاذ صباحي أن يدرس جيدا أسباب اندلاع اشهر الثورات التي قامت عبر التاريخ الحديث يحللها ويفسرها ويستخلص العبر منها فيخرج بنتائج وتوصيات تنفعه قبل أن تنفع غيره فعلي سبيل المثال لا الحصر نجد ان من اسباب اندلاع الثورة الانجليزية ديكتاتورية اسرة ستيورات خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر من جاك الأول إلي جورج الأول اضافة إلي ارتفاع أسعار المواد اليومية الضرورية للأسرة مما أدي بالانجليز إلي الهجرة باتجاه أمريكا الشمالية. ومن أهم أسباب قيام الثورة الفرنسية ان انتهي المجتمع إلي طبقتين هما طبقة النبلاء ذوي الصلة بالبلاط وكانت طبقة منعمة بكل الامتيازات حائزة أفضل الخدمات محتكرة أعلي المرتبات ومع ذلك معفاة من الضرائب ترفل في عيش رغيد ثم طبقة الفقراء من عامة الشعب المعدمين المحرومين من كل شيء إلا من الوظائف الدنيا الذين اثقلت الضرائب كاهلهم وتحملوا أعباء رفاهية النبلاء وما هم بنبلاء ولذلك رفعت ثورتهم شعار "الحرية الاخاء المساواة". وكان أحد أهم أسباب قيام الثورة الروسية الحيف والجور والضيم الذي وقع علي الفلاحين فخسروا محاصيلهم وماشيتهم فمات الزرع وجف الضرع فلا اسمدة ولا مياه للري ولا أي من أنواع الدعم للنهوض بمستوي الانتاجية وفي نهاية المطاف يعرضون عليهم اسعارا زهيدة لمحاصيلهم فاحتجوا وازدادت أحوالهم سوءا وازدادوا اصرارا علي تغييرها ولم يكن حال الفلاح الروسي آنذاك بأفضل حال من نظيره المصري الآن. أما السبب الرئيسي لاندلاع الثورة الصينية فكانت ديكتاتورية تشانغ كاي تشيك وارتمائه الكامل في احضان الامريكان الذين ابلغوه انهم ليسوا علي استعداد لارسال جنودهم لمساعدته ولكنهم علي الاستعداد لإمداده بالسلاح ليضرب به شعبه فقامت الثورة ولم ينفعه الأمريكان ولم ينفعه سلاحهم. وأظن وليس كلا الظن اثم ان اسباب اندلاع هذه الثورات مجتمعة متوفرة الآن في مصر فعلي مدي حكم مبارك ظهرت طبقة الأغنياء التي تقابل طبقة النبلاء الذين حققوا ثراء فاحشا علي حساب الشعب من جراء الاحتكارات في قطاعات عديدة كالاتصالات وتجارة الحديد والاستيلاء علي اراضي الدولة التي هي أراضي كل المصريين بأثمان بخسة ففي منتصف تسعينيات القرن الماضي كان يوجد بالدولة التي تعداد سكانها أربعة أو خمسة ملايين نسمة أربع أو خمس شركات للهاتف المحمول بينما في مصر التي تعداد سكانها تسعون مليون نسمة شركة واحدة وكان سعر متر الأرض يباع لهذه الطبقة بخمسين قرشا وقيل بجنيهين بينما يعرض علي الفقير العاجز عن تدبير قوت عياله بألف جنيه وبلغ سعر طن الحديد عندنا عشرة آلاف جنيه في سنة 2001 والسنوات التي تلتها بينما كان سعره العالمي ألف جنيه. ووصل الفساد إلي ابعد مدي يمكن أن يتخيله عقل بشر عندما أتي الغرباء إلي مصر فكانوا يشترون فدان الأرض الزراعية بخمسين جنيها "أقل من سعر كيلو اللحمة" بينما يباع للفلاح المصري بمائتي ألف جنيه!! فأي كارثة حلت بهذا الشعب طوال هذه السنوات وأي ظلم وقع عليه لذا فالأمل في الله وفي الرئيس القادم كبير لأن يجبر هؤلاء الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ونهبوا خيرات العباد علي المساعدة في دعم خزينة الدولة وتحمل جزء من عجز الميزانية دون الاعتماد علي جيوب الفقراء الخالية وامعائهم الخاوية والله يوفقه والله المستعان. من قصيدة للشاعر السعودي جاسم الصحيح مادحا فيها شعب مصر "بتصرف" لم نزل في أول الأضواء فالفجر رضيع وغدا تتسع الشمس تمام الاتساع سائر الشعب الذي كان علي الدرب يضيع عرف المسلك واجتاز تضاريس الضياع وكبرنا أيها الراعي علي دور القطيع وانفطمنا من فسادك وأنهينا الرضاع