بعد أن كانت محركا للثورة الخضراء وساعدت في انقاذ الملايين من الجوع أصبحت أسعار الأسمدة - أهم مستلزمات الزراعة- تفوق قدرة كثير من المزارعين علي مستوي العالم. وإذا أضفنا الي ذلك ارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض المخزون وحاجة العالم الشديدة لمحاصيل وفيرة تتجلي خطورة إنضمام الاسمدة الي قائمة أكثر السلع ندرة وغلاء. ويقدر ان ربع البروتين الذي يستهلكه الانسان نباتي ويحتاج الي كميات كبيرة من الاسمدة لذا فان الاسعار المرتفعة والنقص في السوق الفورية يزيد الضغط علي منظومة الغذاء المعتلة بالفعل. وقال خايمي تاديو وهو مزارع ارز من الفلبين، انه لايتوقع محصولا كبيرا اذا لم تستخدم اسمدة ولكن أسعارها باهظة، مضيفا ان جوال الاسمدة يباع بحوالي 43 دولارا أو1800 بيزو مقارنة بأقل من 1000 بيزو في 2007. وأسعار الاسمدة - التي تمثل الفيتامينات بالنسبة للتربة وتنقسم ل3 انواع رئيسية هي النيتروجين والبوتاس والفوسفات- خرجت عن السيطرة وسط توقعات بإستمرار غلائها طالما استمر صعود أسعار النفط. وفي شهر مايو/ ايار 2008، وافقت الصين علي دفع أكثر من 3 أمثال السعر الذي كانت تسدده قبل عام لتحصل علي امدادات البوتاس مما ادي لصعود اسعار أسهم شركات عالمية لانتاج الاسمدة لمستويات قياسية، وقدر محللون ان الصين وهي اكبر سوق لاستيراد الاسمدة ستدفع بين 650 و670 دولارا للطن. وقال بيل دويل الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس الكندية اكبر منتج للاسمدة في العالم، إنه مع الضغط المكثف علي انتاج الغذاء في العالم والنمو المستمر للطلب علي البوتاس سيصب ذلك في صالح الصناعة في المستقبل القريب. وفي سياق متصل، ارتفعت أسعار الفوسفات 50% علي منذ بدء 2008 الى 570 دولارا كنديا للطن حين حجز مكلين احتياجاته من الاسمدة في يناير/ كانون الثاني، وأضاف ان المزارعين الذين انتظروا حتي الربيع دفعوا ما يصل الى 1230 دولارا كنديا للطن. جدير بالذكر، أن السعر المرتفع عبء علي المزارعين الاثرياء والفقراء علي السواء رغم ارتفاع الاسعار العالمية للمحاصيل، واذا سارت الامور بشكل جيد يمكن ان يحصل المزارع علي 3 دولارات مقابل كل دولار واحد يستثتمر في الاسمدة . ومع تساقط مطر كاف وحرارة مناسبة تساعد الاسمدة المزارعين علي جني ارباح من أسعار الحبوب التي سجلت مستويات تاريخية، ولكن المحصول الضعيف سيتركهم في صراع لشراء امدادات للموسم المقبل. ولعبت الاسمدة دورا حيويا في الثورة الخضراء في العقود القليلة الماضية حين تمكن مزارعون بصفة خاصة في الدول الفقيرة من تحقيق زيادة كبيرة في المحصول، حيث بدأت الثورة في الاربعينات من القرن العشرين وساعدت الاسمدة غير العضوية التي طورت حديثا في تحقيق زيادة كبيرة في الانتاج الغذائي وانقذت دولا مثل الهند من مجاعة. ونما استخدام الاسمدة في العالم اكثر من 11 مرة من 14.5 مليون طن في عام 1950 الى 169.4 مليون طن في عام 2007 بينا قفز تعداد سكان العالم من 2.5 مليار نسمة الى 6.6 مليار نسمة، لكن مع ارتفاع أسعار الاسمدة والوقود يقلق البعض من ان انتاج كثير من الحبوب قد ينهار مما يمثل ضغطا على جميع المزارعين وبصفة خاصة في الدول النامية. ويمثل استخدام الاسمدة تحديا في افريقيا منذ فترة طويلة حيث يستخدم المزارعون منها عشر ما يستخدمه المزارع الامريكي، وتتفاقم المشكلة مع اضطرار الفلاحين لاستخدام كميات اقل من الاسمدة، كما يتعاملون مع تجار بلا ضمير يبيعون منتجات قليلة الجودة، ويعتقد البعض ان الحل الوحيد الممكن يتمثل في زيادة الدعم الحكومي للمزارعين الفقراء. ويعتقد بدرو سانشيز من معهد الارض بجامعة كولومبيا ان الدعم الضخم للاسمدة افضل وسيلة للمزارعين لمواجهة الاسعار "المقلقة"، وأضاف أن الفلاحين يتكيفون مع الوضع بالحصول علي اسمدة مدعومة وحبوب محسنة، حيث انها بصفة اساسية تضاعف انتاج المحاصيل الغذائية الاساسية مثل الذرة. (رويترز)