ونحن نعيش هذه الأيام في عصر الابتلاءات والمحن التي لا تزيد الرجال إلا عزيمة وإصرارا علي مواصلة الطريق بالرغم من وعورته. والمضي قدما في طريق التضحية والعطاء حتي تحقيق الأهداف. لم يكن هدفي عند كتابة هذا المقال الغوص في أعماق البحار. لأنني لن أصل عندئذ إلي قرار. فبحر هذه الامة عميق جدا. ولا كتاب. ولا حتي عشرات المجلدات وإن كثر تعدادها. وإني لأري أن التاريخ سيقف طويلا وهو يؤرخ لهذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد. فنحن بحاجة الي رجل بأُمُة لذلك أشعر أننا اليوم في أمس الحاجة إلي رجل عُمري القلب والقالب. فقد تحول بفضل تربية الحبيب له من رجل حينما يجوع يأكل معبوده. إلي رجل فتح البلاد الاسلامية حتي وصل إلي أذربيجان. وغرسها في وجدان وضمائر الأجيال القادمة من أبناء الأمة الإسلامية. فلدي هذا القائد عزيمة لا تعرف التردد . وإرادة لا تعرف النكوص أو التراجع. وإقدام لا يعرف الجبن والخور. وقوة لا تعرف العجز. فقد كان ابن الخطاب له من الإرادة. ما لا يصدقه العقل وكل ذلك من مخالفته لنفسه فقد كان لا يُعطي لنفسه ما تريد مهما كلفه ذلك من مشقة وعناء. ونجح ايضاً في مخالفة شيطانه الي ان سمع حبيبه يقولها ويًعلم أُمته من بعده ¢إن الشيطان ليفرق من ظلك يا عُمر¢ .. كان عمر لا يحفظ آية من كتاب الله إلا وعمل بها أولاً.. علمنا ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه كيف يكون الرجال الفاتحون لا بالمظهر ولا الأقوال كما يحدث الان في هذا العصر العجيب التي تناسخت فيه الاشياء بشكل لم يسبق في اي عصر اخر. بل بالتوحيد الحقيقي لله وحده. نعم هو الزاهد العابد المجاهد أول من فتح بيت المقدس وبجلبابه إحدي وعشرون رقعة واستلم مفتاح الاقصي المبارك وهو بهذا الشكل حتي قالها أحد القساوسة انه في كتبهم سيأتي رجل وبجلبابه إحدي وعشرون رقعة. نعم هو الفاروق الذي أخذ اللقب من حبيبه في أول يوم إسلامه ¢أنت الفاروق يا عُمر الذي يفرق بك الحق والباطل¢. هنئياً لك يا ابن الخطاب.. نتعلم منك كيفية إحياء سنة قد ماتت منذ مات عُمر وهي ûوَمَا أُبَرِّئ نَفْسِي إِنَّ النَّفْس لَأَمَّارَةى بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُور رَحِيم وأنه رغم قوته تناديه امرأة أمام الجموع وتقول له أخطأت يا عُمر! فيقول: صدقت. نعم هو الفاروق الذي سمعه احدهم يقول لنفسه: من وراء الحائط ويبكت نفسه وهو خليفة المسلمين ¢ابن الخطاب امير المؤمنين أنسيت نفسك يا عُمر أنت من كنت خادما لعجائز القبيلة مقابل إعطائك بعض اللقيمات¢ نعم هو الفاروق الذي كان في آخر حياته وهو يحتضر يقول لحذيفة كاتم أسرار الرسول: اكتبني رسول الله "صلي الله عليه وسلم" من المنافقين¢.