استأذن سيدنا عمر بن الخطاب للدخول علي النبي صلي الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه من الرأي والمشورة عالية أصواتهن, فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب( يتخفين). فأذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يضحك, فقال سيدنا عمر: أضحك الله سنك يارسول الله! فقال له النبي: عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك أبتدرن الحجاب. قال سيدنا عمر رضي الله عنه: فأنت يارسول الله أحق أن يهبن.. ثم قال: أي عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله.. قلن: نعم أنت اغلظ وأفظ من رسول الله.. قال المصطفي صلي الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا, إلا سلك فجا غير فجك.. قال أيضا إني لأنظر إلي شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر. * قال عبد الله بن عامر: حججت مع عمر فما ضرب فسطاطا( خيمة من الشعر) ولا خباء( خيمة أكبر من الوبر أو الصوف).. كان يلقي الكساء والنطع( بساط من الجلد) علي الشجرة ويستظل تحته.. وفي عام استشهاده حج مع ابنه عبد الله فأنفق16 دينارا فقال: يا عبد الله أسرفنا في هذا المال لأنه من مال الأمة وقال قتادة: كان عمر يلبس وهو خليفة جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم( جلد) ويطوف في الأسواق حاملا الدرة.. حتي اشتهر بين العرب قول( لدرة عمر أهيب من سيفكم). * أرسل سيدنا عمر إلي معاوية بن أبي سفيان وكان واليا علي الشام بعد أن علم انه يقيم في قصر ويحيط نفسه بالخدم والحشم والحرس الذي يحجبه عن الناس ولما وصل إلي المدينة واجهه بذلك فأجاب معاوية وكان داهية العرب بأن الشام علي تخوم الاعداء( الروم والفرس) وإنه يريد أن يلقي في نفوسهم هيبة العرب.. وقال لسيدنا عمر رضي الله عنه إن أمرتني أن أنهي كل هذا فعلت.. فقال سيدنا عمر لا أأمرك ولا أنهاك فأنت أعلم بما تقول والله مطلع علي ما في النفوس. وأرسل إليه كتابا جاء فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.. أما بعد.. إياك والاحتجاب وائذن للضعيف وأدنه حتي تبسط لسانه وتجرئ قلبه.. وتعهد الغريب فإنه إذا طال حبسه( إبعاده) وضاق إذنه وترك حقه وضعف قلبه فإنما ترك حقه من حبسه.. واحرص علي الصلح بين الناس, فقد كان سيدنا عمر رضي الله عنه أحلم ما يكون مع الضعيف حتي يأخذ حقه.. يبكيه بكاء طفل ويفزعه أن يكون هناك مظلوم.* وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا. صدق الله العظيم نزلت هذه الآية في سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك أن رجلا من العرب شتمه فأمره الله تعالي بالعفو.. وأيضا لأن المشركين كانوا يؤذون أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم بالقول والفعل فشكوا ذلك إلي المصطفي فنزل هذا التوجيه الإلهي لهم. * جاء رجل إلي سيدنا عمر فقال: إن إمرأة جاءتني تبايعني فادخلتها( الدار) فأصبت منها كل شئ إلا الجماع فقال: ويحك( زوجها) يغيب في سبيل الله, قلت: أجل, فقال له سترك الله لو سترت نفسك وقال له: أأت أبا بكر, فرد عليه مثل سيدنا عمر وقال له: أأت رسول الله صلي الله عليه وسلم فسله, فقال له النبي: خنت رجلا غازيا في سبيل الله في أهله بهذا وأطرق عني, فظننت أني من أهل النار, وان الله لن يغفر لي أبدا وانصرفت حزينا.. فنزلت رحمة الله في قوله تعالي: أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات صدق الله العظيم فأرسل النبي إلي الرجل وكان معه سيدنا عمر وتلا عليه هذه الآية, فقال الرجل آلي خاصة يارسول الله أم للناس عامة؟ فضرب سيدنا عمر صدره وقال: لا ولكن للناس عامة فضحك المصطفي صلي الله عليه وسلم وقال: صدق عمر... وقال النبي من أتم الوضوء كما امره الله تعالي فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن * كان المنافقون والفاسقون بالمدينة يمشون في الطرقات ليلا ليتبعوا النساء إذا خرجن لقضاء الحاجة في مكان يبعد عن البيوت ويراودون المرأة عن نفسها فإذا سكتت اتبعوها وإن زجرتهم انتهوا عنها, ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء, ولم تكن الحرة يومئذ تعرف من الأمة لأن الملابس كانت متشابهة بينهما فشكوا ذلك إلي أزواجهن وإلي الرسول صلي الله عليه وسلم.. وقد رأي سيدنا عمر جارية من الأنصار متبرجة فضربها وكره ما رأي من زينتها فذهبت إلي أهلها تشكو سيدنا عمر فخرجوا إليه فآذوه.. فأنزل الله تعالي دفاعا عنه وتبيانا للملابس التي تحمي نساء المسلمين وتميزهن عن الإماء والعبيد في قوله تعالي: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا. يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما صدق الله العظيم