◄المرأة في المجتمع الإسلامي الأول إذا كنا قد أشرنا إلى معاملة القرآن الكريم للمرأة كإنسان ، وكأنثى ، وتحدثنا عن دور الرسول في مناصرته للمرأة وإبرازه للحب وإشاعته الجمال ، فيجب أن لا ننسى جانبًا ثالثًا هامًا هو منزلتها في المجتمع ، وهم يعبرون عن ذلك في التعبيرات الحديثة باعتبارها مواطنًا في مجتمع المواطنين ولكن لدى الإسلام ما يفضل هذا وهو أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد يشد بعضه بعضا ، وإذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر ، وهو مجتمع العدول ، يسعى بذمتهم من كانوا قبل الإسلام في منزله أدنى كالرقيق والنساء . ومقارنة التصور القرآني النبوي للمرأة في المجتمع ، بالواقع الذي فرضه الفقهاء تمثل إحدى المفارقات الكبرى في هذا المجال . فالرسول لم يتصور الرجل منفردًا دون المرأة أو المرأة وحيدة دون رجل ، فقد كانت سُنته هي الجمع بين الاثنين في إطار الزوجية ، ويصور نظرته للرجل دون المرأة حديث عكاف المشهور : يا عكاف .. هل لك امرأة ؟ قال كلاً . فأنت إذن من إخوان الشياطين . في نظرنا أن الرسول العظيم في كلمته تلك استلهم أن الفطرة الطبيعية تجعل الرجل مع المرأة ، والمرأة مع الرجل وأن الفصل بينهما بحيث يوجد الرجل على حدة ، والمرأة على حدة يخالف الفطرة ويثقلها بالهواجس والظنون والانحرافات بحيث يصبح صاحبها من إخوان الشياطين . ولعل نظرة الرسول هذه لا تختلف عن نظرة المجتمع الأوربي الحديث التي لا تتصور امرأة دون رجل ، أو رجل دون امرأة ، وإذا حدث اعتبرت صاحبه أو صاحبته مسكينًا أو مسكينة ؛ والاختلاف بالطبع أن الرسول كان يتصور الصحبة في إطار الزوجية ، في حين أن المجتمع الأوربي لا يتصورها كذلك ، بل لعله استبعدها ولكن تظل الحقيقة الأساسية كما هي : عدم تصور رجل دون امرأة ، أو امرأة دون رجل . وقبل هذا جاءت آيات قرآنية كالدرر تتحدث حديثًا متسقأً عن الرجال والنساء دون أي تفرقة : •"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة 71) . •"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات 13) . •"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ" (آل عمران 195) . القرآن هنا يتحدث عن مجتمع لا يفرق بين رجال ونساء ، والرسول أيضًا يدين رجلاً دون امرأة ، أنه من إخوان الشياطين . ومع أن درجة تطور المجتمع العربي وتقاليده الراسخة وقتئذ حالت دون تطبيق الإطلاق الذي اتصفت به الآيات ، فإن الرسول سمح بدرجة من الاختلاط للمرأة عندما أمر بأن لا تمنع من المساجد وأمر بخروج النساء جميعًا بما فيهن العواتق والكبار والصغار حتى الحائض وحتى من ليس لديها جلبابُ لحضور الأعياد ، وسمح لهن بالمشاركة في الغزو حسب قدراتهن . ولم يكن المجتمع العربي يسمح أكثر من هذا ، وسنرى أنه ما أن طويت صفحة النبوة والخلافة الراشدة ، حتى أخذت تلك الحريات التي سمح بها الرسول في التقلص وزحفت عليها "حمية الجاهلية". مع هذا فإن المرأة أحست سماحة الإسلام ومساواته وقيامه على أصول العدل وكراهيته لكل صور الاستبداد والاستغلال ، فأقبلن على الإيمان أفواجًا في الوقت الذي ظل فيه آباؤهن وأزواجهن على الكفر . وقد حرر أبو بكر سبعة من المستضعفين الذين كانوا يعذبون لإيمانهم بالإسلام خمسة منهم نساء : (بلال وعامربن فهيرة وزنيرة وجارية بنى المؤل والنهدية وابنتها وأم عبيس) . على أن هذا كله لا يُعد شيئًا مذكورًا إذا قسناه بالدور الذي أدته السيدة خديجة رضي الله عنها للإسلام ، عندما جاءها الرسول مُروعًا من أثر الوحي ، فوجد عندها الأمن والأمان والثقة واليقين وصدقته وآمنت به وأكدت له "إن الله لا يخزيك أبدًا" ثم ذهبت إلى ورقة بن نوفل لتأتيه بالخبر اليقين . ماذا يكون الموقف لو كانت خديجة قد أبدت فتورًا أو شكًا أو صدودًا وإلى أي مدى كان هذا ينعكس على الرسول. في هذه اللحظة الحرجة ، وجد الرسول في خديجة الأمن والأمان والنفس الأولى التي تعلن الإسلام وتقف خلف الرسول ، وعلى امتداد حياتها كانت سندًا وذخرًا وقاسمت الرسول التضحية وعاشت معه سنوات مقاطعة قريش في شعب أبي طالب . وبهذا الفيض من الحب والإيمان والثقة والتصديق والمساندة النفسية والمادية في أشد اللحظات حرجًا ، أعانت خديجة الرسول ، أكثر من أي شخص آخر على المضي في دعوته ، والصمود أمام أعدائه. فإذا كانت خديجة هي أول مؤمنة ، فإن سمية هي أول شهيدة ، وقد يضاعف من قيمة شهادتها أنها رفضت أن تأخذ برخصة رسول الله وآثرت أن تموت متمسكة بإيمانها في حين قبل ابنها عمار هذه الرخصة فنجا بحياته . وإيمان بنات أو زوجات كبار المشركين وزعمائهم أمر يؤكد مدى تأثر المرأة العربية بالإسلام وكيف أن هذا الإيمان تصدى لكل قوى الطواغيت . هذه رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة تؤمن بالإسلام ، وأبوها هو زعيم المشركين وقائد جيوشهم في بدر وأحد ، لقد تحدته وهاجرت مع زوجها عبد الله بن جحش إلى الحبشة ولكن زوجها ارتد واعتنق المسيحية ، فلم تنل هذه المحنة من نفسها ، حافظت على إيمانها وإسلامها واطرحت زوجها كما اطرحت أباها ، فلما مات أتاها البشير بنبأ عوض كل أحزانها ، رغبة الرسول في التزوج بها. وهكذا كافأها الرسول على تضحيتها بأبيها وزوجها وأصبحت وهي بنت زعيم الكفر زوجة نبي الإسلام وعندما جاء أبوها قبيل فتح مكة وهم بأن يجلس على الفراش طوته ، فسألها فقالت : "هو فراش رسول الله وأنت امرؤ كافر" ، فأظهرت أنها كانت جديرة بشرف زوجية الرسول ، وعلمت الزوجات جميعًا أن الولاء هو للزوج أولاً . وهذه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الذي كان يتولى تعذيب المسلمين ، تؤمن وتبايع الرسول ثم تخرج إلى المدينة مهاجرة وحدها حتى قيض الله لها رجلاً من خزاعة استكمل معها الرحلة ، ولم تكد تستقر حتى جاء أخواها يطالبان بها ، ولكن الرسول رفض ، فلم يكن الشأن معها شأن الرجال وبسببها نزلت سورة الممتحنة . وهذه أم سلمة تهاجر وحيدة تحمل ابنها حتى لاقت عثمان بن طلحة فاصطحبها إلى المدينة . حتى بنت أبي لهب العدو اللدود للرسول والذي أنزل الله فيه وفي امرأته ما أنزل وهي درة أسلمت وهاجرت إلى الرسول ، ولما آذاها البعض بذكر أبيها دافع عنها الرسول وقال : "لا يؤذي حي بميت" . وهذه أم الفضل امرأة العباس وهي لبابة الكبرى التي فيما قيل أول امرأة آمنت بعد خديجة وظل زوجها العباس على دين آبائه ردحًا طويلاً . وهذه أم سليم بنت ملحان ذات الذكر المأثور تؤمن ، فيغضب منها زوجها ويخرج إلى الشام فيموت هناك ويعرض عليها أبو طلحة الزواج ، وكان كافرًا فاشترطت إيمانه كصداق لها ، وعندما قال : "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله" ، قبلت زواجه . إن هؤلاء جميعًا آثرن الإسلام على الأباء والأمهات والأزواج ، وهاجرن في سبيله ،وتعرضن لصور عديدة من الأذى ، وكن نواة المجتمع الإسلامي الأول . وهناك من النساء من سبقت إلى الإسلام ثم كسبت إيمان الآخرين ، إن أخت عمر بن الخطاب سبقته إلى الإسلام ، وكانت سببًا في إيمانه . وهذه أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومية زوج عكرمة بن أبي جهل تسلم عام الفتح ثم تأخذ الأمان لزوجها من الرسول وتذهب إلى اليمن التي هرب إليها عقب فتح مكة فتأتي به للرسول ليسلم ويكسب الإسلام أحد أبطال حروب الشام . وهذه سفانة بنت حاتم تؤمن قبل أخيها عدى وتأتي به للرسول ليؤمن هو أيضًا . وكان حضور المرأة في المجتمع مشهودًا وملموسًا سواء كان في السلم أو الحرب . كان المسجد كما هو معروف مركز النشاط العام ففيه كانت تؤدي الصلوات وتلقي الدروس وإذا جد جديد كان المنادي ينادي "الصلاة جامعة" فيهرعون إلى المسجد . وكانت المرأة حريصة على أن تشهد الصلاة وكان الكثيرات يتمسكن بتوجيه الرسول للرجال "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" ، ولم يكن الصحابة يملكون الرفض الصريح لهذا . وحاول عمر بن الخطاب إثناء زوجته عاتكه بنت زيد"وكانت امرأة عجزاء بادنة لها جمال وكمال في منظرها وعقلها وجزالة رأيها ، وقال لها : "والله إنك تعلمين أني ما أحب هذا" فقالت : "لا والله لا انتهي حتى تنهاني" فقال : "فإني لا أنهاك" ، فمكثت تصلي في المسجد ، ولقد طعن وهي في المسجد ، وتزوجها الزبير بن العوام بعد مقتل عمر ، وحاول كذلك أن يثنيها عن الصلاة في المسجد فقالت : "يا ابن العوام أتريد أن أدع لغيرتك مصلى صليت مع رسول الله وأبي بكر" قال : "فإني لا أمنعك" ، ولكنه وصل إلى غرضه بطريقة أخرى ، إذ كمن لها عند صلاة الفجر في سقيفة بني ساعدة ينتظر مرورها عليه ، فلما مرت ضرب بيده على عجيزتها واختفى ، فرجعت إلى المنزل ولم تذهب إلى المسجد ، فلما رجع الزبير من الصلاة قال لها يا عاتكة ، مالي لم أرك في مصلاك قالت : يرحمك الله يا أبا عبد الله ، فسد الناس بعدك ، الصلاة اليوم في القيطون أفضل منها في البيت وفي البيت أفضل منها في الحجرة (1) . فهذا المثال يوضح أن صحابة في مثل منزلة عمر بن الخطاب والزبير بن العوام لم يملكا أن يمنعا زوجتهما من الصلاة بالمسجد . ولم يكن الأمر مقصورًا على الصلوات ، إن المسجد كان مدرسة الإسلام وكان الرسول يعلم فيه الرجال والنساء معاً ، يصور ذلك هذا الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله ، فلما سلم أقبل علينا بوجهه ، فقال : مجالسكم ، هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه ، وأرخى ستره ، ثم يخرج فيحدث ، فيقول : فعلت بأهلي كذا ، وفعلت بأهلي كذا ؟ فسكتوا ... فأقبل على النساء ، فقال : هل منكن تحدث ؟ ، فجثت فتاة كَعاب على إحدى ركبتيها ، وتطاولت ليراها رسول الله ، ويسمع كلامها ، فقالت : إي والله ، إنهم يتحدثون ، وإنهن ليتحدثن .. فقال عليه السلام : هل تدرون ما مثل من فعل ذلك ؟ إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة ، لقي أحدهما صاحبه بالسكة فقضى حاجته منها ، والناس ينظرون إليه" . وفي مناسبة أخرى خص الرسول النساء بموعظته وحضهن على التصدق فكن يلقين بحليهن في ثوب بلال الذي كان يسير خلف الرسول . وفي مناسبة ثالثة طلب النساء أن يخصص لهن يومًا ما وفعل . ثم نحن نعلم نبأ تلك المرأة التي ردت على عمر في المسجد عندما أراد تحديد المهور ، وقالت أم هشام بنت حارثة بن النعمان ما حفظت ق والقرآن المجيد إلا من قراءة رسول الله لها . فهذه كلها شواهد تدل على حرص المرأة على شهود الصلوات والاجتماعات العامة والمساهمة فيها . ونقرأ عن سيدات كان لهن نشاط عام مثل أم شريك التي قال عنها الرسول "تلك أمراها يغشاها أصحابي" وكانت كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة "كانت غنية عظيمة النفقة في سبيل الله ، ينزل عليها الضيفان" ، ونقرأ عن فاطمة بنت قيس التي اجتمع في بيتها أهل الشورى عندما قتل عمر ، ونقرأ عن تلك المرأة التي كانت تعد طعامًا لمجموعة من الصحابة "فإذا صلينا الجمعة كما يقول الصحابي انصرفنا نسلم عليها فتقدمه إلينا فنفرح من أجله وما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة" (البخاري باب تسليم الرجال على النساء) ، ونقرأ عن حفصة أم المؤمنين التي احتفظت بأصول المصحف حتى طلبها عثمان منها لينسخ مصحفه الإمام ، ونجدعائشة وهي تروي أكثر من ألفي حديث من أكثر الأحاديث مصداقية . فإذا نشبت حرب شاركت فيها بدءًا من أحد ، حتى حروب الشام والقادسية ، وكانت هذه المشاركة تأخذ في الأعم صورة مداواة الجرحى مثل رفيدة التي كان لها خيمة قريبة من ميدان القتال وُوضع فيها سعد بن معاذ عندما أصيب "وكانت امرأة تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به صنيعة من المسلمين" ، كما جاء في الإصابة في تمييز الصحابة ، ص 81 ج 8 . "وروى مسلم عن أنس : "أن عائشة وأُم سليم ، كانتا في يوم "أُحُد" مشمّرتين ، تنقلان القرب على متونهما (ظهورهما) ثم تفرغانها في أفواه القوم ، ثم ترجعان فتملآنها" ، ووجود عائشة هنا وهي في العقد الثاني من عمرها يرد على الذين ادعوا أن الاشتراك في الغزوات والمعارك كان مقصورًا على العجائز والمتقدمات في السن ، فهذا غير مُسلم ، وماذا تغني العجائز في مثل هذه المواقف التي تتطلب القدرة البدنية والنفسية معًا ؟" . "وروي الإمام أحمد : أنَّ ست نسوة من نساء المؤمنين كنَّ مع الجيش الذي حاصر "خيبر" ، يتناولن السهام ، ويسقين السويق ، ويداوين الجرحى ، ويغزلن الشَّعر ، ويعنَّ في سبيل الله ، وقد أعطاهنَّ النبي نصيبًا من الغنيمة"(1) . وعندما أراد الرسول إلى الخروج إلى خيبر ، قالت أم سفيان الأسلمية للرسول : يا رسول الله أخرج معك أخرز السقاء وأداوي الجرحى ، فأذن لها الرسول ، وقال " إن لك صواحب قد أذنت لهن من قومك أو من غيرهم فكوني مع أم سلمة . وقالت أم عطية غزوت مع رسول الله سبع غزوات كنت أخلفهم في رحالهم . وجاء في الإصابة ( ج 8 ص 251) عن أم الضحاك بنت مسعود الأنصارية الحارثية أنها شهدت خيبر مع الرسول "فأسهم لها سهم رجل" ، وعند تحقيقه لهذه النقطة أورد خبرًا أن الرسول قسم لامرأتين حضرتا القتال" ، وهما أم الضحاك بنت مسعود أخت حويصة ومحيصة ، وأخت حذيفة بن اليمان "أعطى كل واحدة منهما مثل سهم رجل" ، وأهمية هذه الواقعة المساوة بين النساء والرجال في الغنيمة ، وكانت الروايات السابقة تذكر أن الرسول "رضخ" لبعض المشاركات في المعركة "رضيخة" ، وهي أقل من السهم . أما نسيبة بنت كعب ، وهي أم عمارة ومشهورة باسمها وكنيتها ، فقد حاربت أمام رسول الله في أحد بالسيف عندما انكشف عنه أصحابه وأصابتها جروح ، وقال عنها الرسول "لمقامها خير من مقام فلان وفلان" ، وحاربت في معركة اليمامة جيش مسيلمة وأبلت بلاءً حسنًا وقطعت ذراعها في المعركة(1) . أما أم حرام بنت ملحان زوجه الصحابي الجليل عباده بن الصامت الذي كان من قادة فتح مصر ، فقد وعدها الرسول أن تكون ممن يركبون البحر غزاة في سبيل الله ، وتحقق لها ذلك عندما اشتركت في الأسطول الإسلامي الذي غزا قبرص ودفنت هناك (2) . واحتفظت المرأة المسلمة بهذا التقليد في حضور المعارك للتمريض أو القتال فروى عن أم موسى بن نصير أنها شهدت مع زوجها اليرموك فقتلت علجًا (أي فارسًا رومًيا) وأخذت سلبه ، وروي عن صفية بنت أبي طالب أنها في خيبر قتلت يهوديًا بعد أن أحجم حسان بن ثابت عن ذلك ، وروي عن خولة بنت الأزور أنه كان لها دور مجيد في حروب الشام . وجاء في مجمع الزوائد أن أسماء بنت يزيد بن السكن بنت عم معاذ بن جبل قتلت يوم اليرموك تسعة من الروم بعمود فسطاط "رواه الطبراني ورجاله ثقات" . وشهدت الخنساء موقعة القادسية ومعها بنوها الأربعة الذين استشهدوا جميعًا فقالت الحمد الله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته (1) ، وكان عمر بن الخطاب يعطيها أرزاق أبنائها الأربعة حتى قُبض . فإذا كانت المرأة المسلمة تغشى المسجد وتسهم في نشاطه من صلوات أو اجتماعات ، وتساهم في المعارك كممرضة أو مقاتلة فإنها قامت بدور كبير في المجالين الثقافي والسياسي . وكما يحق لنا أن نتوقع فإن أقدر من كان يمكن أن يقمن بهذا هن زوجات الرسول أمهات المؤمنين اللائي جعلتهن عشرة الرسول أوعية علم ، وناقلات أحكام شرعية ، ولم يحل دون ذلك أن يقمن به "من وراء حجاب" . "وممن أخذ عن عائشة من الصحابة عمر وابنه عبد الله وأبو هُريرة وأبو موسى ، وممن أخذ عنها من التابعين سعيد بن المسيب وعمرو بن ميمون وعلقمة بن قيس . وممن أخذ عن حفصة من الصحابة والتابعين حارثة بن وهب والمطلب بن أبي وداعة وعبد الرحمن بن الحارث وعبد الله بن صفوان . وممن أخذ عن أم حبيبة أخواها معاوية وعُتبَة وأبو سفيان بن سعيد ومولاها سالم بن شوال وعروة بن الزبير . وممن أخذ عن أم سلمة أخوها عامر ومولاها عبد الله بن رافع وأبو عثمان وأبو وائل وسعيد بن المسّيب . وممن أخذ عن سودة عبد الله بن عباس ويحيى بن عبد الرحمن . وممن أخذ عن زينب ابن أخيها محمد بن عبد الله وأمه حبيبة وزينب بنت أبي سلمة . وممن أخذ عن جُويَرية عبد الله بن عباس وجابر وابن عمر وعبيد بن السباق وابن أخيها الطفيلُ . وممن أخذ عن صفية ابن أخيها ومولاها كنانة وعليّ بن الحسين وإسحاق بن عبد الله ومسلم بن صفوان"(1) . ويصل هذا النشاط إلى قمته في العمل السياسي الذي كانت قد بدأته أم المؤمنين الرصينة أم سلمة عندما أشارت على الرسول لما تملك الغيظ المسلمين بعد أن وقَّع الرسول صلح الحديبية فطاش صوابهم ، ولم يستجيبوا للرسول لأول مرة بأن يحلقوا رؤوسهم وينحروا هديهم فدخل الرسول على أم سلمة وقص عليها ، فأشارت عليه بأن يخرج ولا يكلمهم كلمة واحدة فينحر بدنه ، ويحلق شعره فلم يكد المسلمون يرون هذا حتى عاد إليهم صوابهم ، فأخذوا يحلقون وينحرون حتى كاد بعضهم يركب بعضًا ! ونقرأ في البداية والنهاية لابن كثير عند حديثه عما فعله عبد الرحمن بن عوف لاستطلاع أراء الناس وأخذ ".. يجمع رأي المسلمين ورؤوس المسلمين جميعًا وأشتاتًا . مثنى وفرادى ومجتمعين سرًا وجهرًا حتى خلص إلى النساء المخدرات في حجابهن" بتصرف . وعندما اشتدت الأزمة بين عثمان وخصومه كتبت أم سلمة : "يا بنيّ ، مالي أرى رعيتك عنك نافرين ، ومن جنبك مُزورين ، لا تعطفُ طريقًا كان النبي ولجها ، ولا تقتدح زَنْدا كان أكباها ، توخّ حيث توخي صاحباك ، فإنهما ثكما الأمر ثكمًا ، لم يظلما أحدًا فتيلا ولا نقيرًا ، ولا يختلف إلا في ظنين هذه حق بنوتي قضيتها إليك ، ولي عليك حق الطاعة" . فكتب إليها عثمان : "يا أمنا ، قد قلت ووعيتُ ، ووصّيت فاستوصيتُ ، ولي عليك حق النّصتة ، إن هؤلاء القوم رعاع غَثرة ، طأطأت لهم تطأطؤ الماتح للدَّلاء ، وتلدَّت لهم تلدّد المضطرّ فأراهم الحق إخوانا . وأراهم الباطل إياي شيطانا ، أجررت المرسون منهم ، وأبلغت الراتع مسْقاه ، فتفرقوا على فرقا : صامت صمته أنفذ من قول غيره ، ومزّين له في ذلك ، فأنا منهم بين ألسنة لداد ، وقلوب شداد ، وسيوف حداد ، عذيري الله ، ألا ينهى منهم حليم سفيا ، وعالم جاهلا ، والله حسبي وحسبهم لا ينطقون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون" . ووجدت السيدة عائشة أن من واجبها كأم للمؤمنين أن تصلح بين الإمام علي وخصومه ، فقادت الجموع وكادت أن تنجح في مسعاها لولا أن الذين اشتركوا في مقتل عثمان قاموا بدور مشئوم بحيث لم يعد من القتال مناص . فإذا كان الصلح قد فشل ونشبت الحرب ، وقطعت مئات الأيدي حول هودج عائشة فإن الأعمال بالنيات وكان يمكن لولا هذه الملابسة السيئة أن يتحقق هدف عائشة وأن يحقن دم عشرات الألوف من المسلمين الذين قتلوا في صفين . وعلى ذكر صفين ... فهناك صفحة نجدها في كتب الأدب ، وليس في الكتب التي تتحدث عن المرأة في الإسلام ، عن دور عدد من الداعيات اللائى آمن بعلي بن أبي طالب ، وتقدمن بين الصفوف محرضات على القتال ومفندات دعوى معاوية ومستثيرات للهمة والعزيمة ، وعندما استقرت الأمور لمعاوية طلب بعضهن ، بينما دفعت الضرورات بالبعض الآخر إلى القدوم عليه ودارت مناقشات بينه وبينهم احتفظن فيه بإخلاصهن لعلي . منهن سودة بنت عمارة بن الأشتر ( جدها هو القائد الذي كاد يهزم معاوية ) . وعندما وفدت على معاوية قال لها أنت القائلة : شمر كفعل أبيك يا بن عمارة يوم الطعان وملتقي الأقران وانصر عليا والحسين ورهطه وأقصد لهند وابنها بهوان إن الإمام أخا النبي محمد علم الهدى ومنارة الإيمان فقد الجيوش وسر أمام لوائه قدمًا بأبيض صارم وسنان ودار حديث طويل قصت عليه شيئًا من عدل علي وإنصافه .. ومنهن بكارة الهلالية التي عندما وفدت عليه وكان في مجلسه عمرو بن العاص قال هي والله القائلة : يا زيد دونك فاستشر من دارنا سيفًا حسامًا في التراب دفينًا قد كنت أذخره ليوم كريهة فاليوم أبرزه الزمان مصونا فقالت يا معاوية كلامك أعشى بصري وقصر حجتي ، أنا والله قائلة ما قالوا ، وما خفي عليك مني أكثر !واستقدم معاوية الزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس الهمذانية وعندما جاءت قال لها الست الراكبة الجمل الأحمر والواقفة بين الصفين تحضين الناس على القتال وتوقدين الحرب ثم سألها أتحفظين كلامك يومئذ قالت والله لا أحفظه ، ولقد نسيته قال لكني أحفظه ، لله أبوك حين تقولين : أيها الناس ، ارعووا وارجعوا ، إنكم قد أصبحتم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم ، وجارت بكم عن قصد المحجة ، فيالها من فتنة عمياء ، صماء ، بكماء ، لا تسمع لناعقيها ، ولا تنساق لقائدها ، إن المصباح لا يضئ في الشمس ، ولا تنير الكواكب مع القمر ، ولا يقطع الحديد إلا الحديد . ألا من استرشدنا أرشدناه ، ومن سألنا أخبرناه . أيها الناس ، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها ، فصبرا يا معشر المهاجرين والأنصار على الغصص ، فكأن قد اندمل شعب الشتات ، والتأمت كلمة العدل ، ودمغ الحق باطله ، فلا يجهلن أحدّ فيقول : كيف العدل ؟ وأني ؟ ليقض الله أمرًا كان مفعولاً ألا وإن خضاب النساء الحناء ، وخضاب الرجال الدماء ولهذا اليوم ، ما بعده والصبر خير في الأمور عواقبًا إيها في الحرب قدمًا غير ناكصين ولا متشاكسين ثم قال لها : والله يا زرقاء لقد شركت عليا في كل دم سفكه ! . ومنهن أم سنان بنت خيثمة التي اضطرت للذهاب إلى معاوية عندما اضطهدها مروان بن الحكم والي المدينة . فقال لها معاوية "مرحبًا يا ابنة خيثمة ما أقدمك أرضنًا وقد عهدتك تشتمينا وتحضين علينا عدونا ؟ وأنشد بعض ما كانت تقوله . قالت : كان ذلك يا أمير المؤمنين ، وأرجو أن تكون لنا خلفا بعده ، فقال رجل من جلسائه : كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة : إما هلكت أبا الحسين فلم تزل بالحق تعرف هاديا مهديا فاذهب عليك صلاة ربك ما دعت فوق الغصون حمامة قمريا قد كنت بعد محمد خلفًا كما أوصي إليك بنا فكنت وفيا فاليوم لا خلف يؤمل بعده هيهات نأمل بعده إنسيا قالت : يا أمير المؤمنين ، لسان نطق ، وقول صدق ، ولئن تحقق فيك ما ظننا فحفظك الأوفر . والله ما ورثك الشنآن في قلوب المسلمين إلا هؤلاء ، فادحض مقالتهم ، وأبعد منزلتهم ، فإنك إن فعلت ذلك تزدد من الله قربًا ومن المؤمنين حبًا . قال : وإنك لتقولين ذلك ؟ قالت سبحان الله ! والله ما مثلك مدح بباطل ، ولا اعتذار إليه بكذب ، وإنك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا . كان والله علّي أحب إلينا منك وأنت أحب إلينا من غيرك . ومنهن عكرشة بنت الأطرش بن رواحة التي دخلت على معاوية متوكئة على عكاز لها ، فسلمت عليه بالخلافة ثم جلست ، فقال لها معاوية : الآن يا عكرشة صرت عندك أمير المؤمنين ؟ قالت : نعم إذ لا علّي حي ، قال: ألست المقلدة حمائل السيوف بصفين ، وأنت واقفة بين الصفين تقولين : أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم . إن الجنة لا يرحل عنها من أوطنها ، ولا يهرم من سكنها ، ولا يموت من دخلها ، فابتاعوها بدار لا يدوم نعيمها ، ولا تنصرم همومها ، وكونوا قومًا مستبصرين في دينهم ، مستظهرين بالصبر على طلب حقهم . إن معاوية دلف إليكم بعجم العرب غلف القلوب ، لا يفقهون الإيمان ، ولا يدرون ما الحكمة ، دعاهم بالدنيا فأجابوه ، واستدعاهم إلى الباطل فلبوه . فالله الله عباد الله في دين الله ، إياكم والتواكل ، فإن ذلك ينقض عري الإسلام ، ويطفئ نور الحق . هذه بدر الصغرى ، والعقبة الأخرى . يا معشر المهاجرين والأنصار امضوا على بصيرتكم ، واصبروا على عزيمتكم ، فكأني بكم غدًا ، وقد لقيتم أهل الشام كالحمر الناهقة تصقع صقع البقر ، وتروث روث العتاق . فكأني أراك على عصاك هذه وقد انكفأ عليك العسكران يقولون : هذه عكرشة بنت الأطرش بن رواحة ، فإن كدت لتقتلين أهل الشام لولا قدر الله ، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا ، فما حملك على ذلك ؟ قالت : يا أمير المؤمنين ، قال الله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ" ، وإن اللبيب إذا كره أمرا لا يحب إعادته . ومنهن دارمية الحجونية . عن سهل بن أبي سهل عن أبيه قال : حج معاوية ، فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحجون يقال لها دارمية الحجونية ، وكانت سوداء كثيرة اللحم ، فأخبر بسلامتها ، فبعث إليها فجئ بها فقال : ما حالك يا بنة حام ؟ فقالت : لست لحام إن عبتني ، أنا امرأة من بني كنانة . قال : صدقت ، أتدرين لم بعثت إليك ؟ قالت : لا يعلم الغيب إلا الله . قال : بعثت إليك لأسألك : علام أحببت عليا وأبغضتني ، وواليته وعاديتني ؟ قالت : أو تعفني . قال : لا أعفيك . قالت : أما إذ أبيت ، فإني أحببت عليا على عدله في الرعية ، وقسمه بالسوية ، وأبغضتك على قتال من هو أولى منك بالأمر ، وطلبتك ما ليس لك بحق ، وواليت عليا على ما عقد له رسول الله من الولاء ، وحبه المساكين ، وإعظامه لأهل الدين ، وعاديتك على سفكك الدماء ، وجورك في القضاء ، وحكمك بالهوى . قالت : رأيته والله لم يفتنه الملك الذي فتنك ، ولم تشغله النعمة التي شغلتك . قال : فهل سمعت كلامه ؟ قالت : نعم والله فكان يجلو القلوب من العمي ، كما يجلوا الزيت صدأ الطست . ومنهن أم الخير بنت حريش ، قال لها معاوية أخبرينا كيف كان كلامك إذ قتل عمار بن ياسر ؟ قالت : لم أكن زورته قبل ، ولا رويته بعد ، وإنما كانت كلمات نفثها لساني عند الصدمة ، فإن أحببت أن أحدث لك مقالا غير ذلك فعلت . فالتفت معاوية إلى جلسائه فقال : أيكم يحفظ كلامها ؟ فقال رجل منهم : أنا أحفظ بعض كلامها يا أمير المؤمنين . قال : هات . قال : كأني بها وعليها برد زبيدي كثيف ، بين النسيج ، وهي على جمل أرمك ، وقد أحيط حولها حواء ، وبيدها سوط منتشر الضفيرة ، وهي كالفحل يهدر في شقشقته تقول : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم ! إن الله قد أوضح لكم الحق ، وأبان الدليل ، وبين السبيل ، ورفع القلم ، ولم يدعكم في عمياء مدلهمة ، فأين تريدون رحمكم الله ؟ أفرارًا عن أمير المؤمنين ، أم فرارًا من الزحف ، أو رغبة عن الإسلام ، أم ارتدادًا عن الحق ؟ أما سمعتم الله جل ثناؤه يقول : "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُواَْ أَخْبَارَكُمْ" . ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول : اللهم قد عيل الصبر ، وضعف اليقين ، وانتشرت الرعبة ، وبيدك يا رب أزمة القلوب ، فاجمع اللهم بها الكلمة على التقوى ، وألف القلوب على الهدى ، واردد الحق إلى أهله ، هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل ، والرضى التقي ، والصديق الأكبر ، إنها إحن بدرية وأحقاد جاهلية ، وضغائن أحدية وثب بها حين الغفلة ليدرك ثارات بني عبد شمس فقال لها معاوية ما أردت بهذا الكلام إلا قتلي ، ولو قتلتك ما حرجت عن ذلك . ومنهن أروي بنت الحارث بن عبد المطلب قال لها معاوية مرحبًا بك وأهلاً يا عمة فكيف كنت بعدنا ؟ فقالت يا بن أخي ، لقد كفرت يد النعمة ، وأسأت لابن عمك الصحبة ، وتسميت بغير اسمك ، وأخذت غير حقك من غير دين كان منك ولا من آبائك ، ولا سابقة في الإسلام ، بعد أن كفرتم برسول الله ، فأتعس الله منكم الجدود ، وأضرع منكم الخدود ورد الحق إلى أهله ، ولو كره المشركون ، وكانت كلمتنا هي العليا ، ونبينا هو المنصور ، فوليتم علينا من بعده ، تحتجون بقرابتكم من رسول الله ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر ، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان على بن أبي طالب رحمة الله بيننا بمنزلة هارون من موسى ، فغايتنا الجنة وغايتكم النار . فقال لها عمرو بن العاص : كفي أيتها العجوز الضالة ، وأقصري عن قولك مع ذهاب عقلك ، إذ لا تجوز شهادتك وحدك ! فقالت له : وأنت يا بن النباغة تتكلم ! وأمك كانت أشهر امرأة تغني بمكة ، وآخذهن لأجرة ! أربع على طلعك ، واعن بشان نفسك ، فو الله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ، ولا كريم منصبها، ولقد ادعاك خمسة نفر من قريش ( كلهم يزعم أنه أبوك) فسئلت أمك عنهم ، فقالت : كلهم أتاني ، فانظروا أشبههم به فألحقوه به ، فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به . قال : مروان : كفى أيتها العجوز ، واقصدي لما جئت له : فقالت : وأنت أيضًا يا ابن الزرقاء تتكلم ؟! . ثم التفتت إلى معاوية ، فقالت : والله ما جرأ علىَّ هؤلاء غيرك . فقال معاوية : عفا الله عما سلف يا عمة ! هاتي حاجتك . قالت : مالي إليك حاجة ، وخرجت عنه (1) . هذه الحالات المتعددة توضح لنا كيف أن المرأة في الفترة التي يعتد بها في الإسلام كانت تخطب وسط الرجال وبين صفوف المقاتلين بأسلوب رفيع وبيان بليغ يثير الحمية ويبعث الحماسة ويصل من القوة الدرجة التي يقول فيها معاوية لإحداهن "لقد شركت عليًا في كل دم سفكه" ، ويقول لأخرى "ما أردت بهذا إلا قتلي ، ولو قتلتك ما حرجت" ، ولم يقل لها أحد فيم أنت ؟ أو قرى في بيتك ، أو إن صوتك عورة أو تنقبي ، فهذا كله شئ لم يكن واردًا في تلك الفترة الباهرة ، وإنما جاء مع مجيء الفقهاء . وبعد صفين ظهر الخوارج ، وظهر من الخوارج نساء لا تقل شجاعتهن عن شجاعة الرجال ، وقد عرف التاريخ بعضهن وسجل لهن بالأسماء هذه البطولة ، على ما سنذكر ، ولكن كان هناك مجهولات لم يذكر لنا التاريخ أسماءهن ولكن بطولاتهن ، فمنهن تلك القائلة : أحمل رأسا قد سئمت حمله وقد كرهت دهنه وغسله ألا فتي يحمل عني ثقله ؟؟ ومنهن من قاتلت حتى ظفر بها فقتلت وقطعت أطرافها ثم صلبت ، ولا يحفظ التاريخ من اسمها إلا "البلجاء" ووقف تحت جثتها المصلوبة فقيه عظيم يتملكه الأسى والخجل لأن علمه وفقهه لا يوازيان ما قامت به هذه الجندية المجهولة . أما من ذكر لنا التاريخ أسماءهن فأبرزهن غزالة زوجة القائد الشجاع شبيب بن يزيد الذي دوخ قادة بني أمية ، وهزمهم مرارًا وتكرارًا . أما غزالة فقد أقسمت لتدخلن المسجد الجامع بالكوفة فتصلي فيه ركعتين تقرأ فيهما سورتي البقرة وآل عمران ، وعندما علم الحجاج وهو القائد الأموي الذي مكن بني أمية وهزم كل معارضيها بذلك هرب من الكوفة ! . ودخلت غزالة الكوفة جنبًا إلى جنب زوجها شبيب وأم شبيب "جهيزة" وهي لا تقل شجاعة عنهما وأوفت بنذرها ، وسجل الشاعر هذه الواقعة في أبيات كست الحجاج عارًا أبد الدهر وذهبت مثلاً : أسد علىّ وفي الحروب نعامة فتخاء تجفل من صفير الصافر هلا برزت إلى غزالة في الوعي بل كان قلبك في جناحي طائر أما قائد الأزارقة المشهور قطري بن الفجاءة فقد كان يحارب وجنبه أم حكيم وهي التي قال فيها : لعمرك أني في الحياة لزاهد وفي العيش ما لم ألق أم حكيم من الخفرات البيض لم ير مثلها شفاء لذي بث ولا لسقيم "وكانت من أشجع الناس وأجملهم وجهًا وأحسنهم بدينهم تمسكًا" ، كما جاء في الأغاني . إن ما لدينا من أخبار ومن روايات عن نشاط المرأة أيام الرسول وصدر الإسلام ومشاركتها في الحياة العامة والحرب والسلم والدور الذي قامت به نصيرات الإمام علي كرم الله وجهه في الحرب والفدائيات من الخوارج وإن لم تعط الانطباع عن مجتمع مختلط ، فإنها أبعد عن أن تعط انطباعًا عن مجتمع مغلق تمامًا ، لا تسير المرأة فيه إلا منقبة . ويمكن القول دون مبالغة إن المجتمع الإسلامي في الصدر الأول للإسلام لم يكن مجتمع منقبات فباستثناء الشواهد التي حشد مؤلف "فصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب" كتابه ليؤكد أن المجتمع الإسلامي كان منقبًا دون أن تكون في صميم الموضوع ، فإننا لا نجد عن النقاب نصًا صريحًا إلا في حالتين : الأولى : وهي التي تكرر ورودها في المراجع الفقهية وأخرجها أبو داود من طريق فرج بن فضالة عن عبد الخبير بن ثابت بن قيس شماس عن أبيه ، عن جده قال : (جاءت امرأة إلى النبي ، يقال لها : أم خلاد ، وهي متنقبة تسأل عن ابنها ، وهو مقتول ، فقال لها بعض أصحاب النبي : جئت تسألين عن ابنك وأنت متنقبة ؟ فقالت : إن أرزأ ابني فلن أرزأ حيائي ! فقال رسول الله : ابنك له أجر شهيدين . فقالت : ولم ذاك يا رسول الله ؟؟ قال : لأنه قتله أهل الكتاب) أه . وعلق مؤلف "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب" . "وهم يزعمون أن هذا نص صريح على إقرار النبي للمرأة على انتقابها ، ويكفي أن نبين هنا مدى الضعف والنكارة في هذه الرواية : فقد قال البخارى (أمير المؤمنين في الحديث) t ، عن الراويين لهذه الرواية وهما : عبد الخبير بن ثابت بن قيس ، وفرج بن فضالة ، (عبد الخبير هذا روى عنه فرج بن فضالة ، حديثه ليس بالقائم ، فرج عنده مناكير) . وكذلك ما ذكره أبو حاتم الرازي (عالم الجرح والتعديل) ، (عبد الخبير حديثه ليس بالقائم منكر الحديث) وهذا في مختصر المنذري . وهذا فيه الكفاية ولا يحتاج إلى تعليق (1) . وعلق الدكتور يوسف القرضاوي على الحديث تحت عنوان "الصحابة يستغربون لبس النقاب" وقال : "بل ثبت في السُنة ما يدل على أن لبس النقاب إذا وقع في بعض الأحيان كان أمرًا غريبًا يلفت النظر ويوجب السؤال والاستفهام ! ولو كان النقاب أمرًا معتادًا للنساء في ذلك الوقت ما كان هناك وجه لقول الراوي : إنها جاءت وهي متنقبة ، وما كان ثمت معني لاستغراب الصحابة وقولهم لها : "جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة" ؟ . ورد المرأة يدل على أن حياءها هو الذي دفعها إلى الانتقاب ، وليس أمر الله ورسوله ، ولو كان النقاب واجبًا شرعيًا ، لأجابت بغير هذا الجواب ، بل ما صدر السؤال أصلاً ، فالمسلم لا يُسأل : لماذا أقام الصلاة ، أو آتى الزكاة ، وفي القواعد المقررة : ما جاء على الأصل لا يسأل عن علته" (1) . أما الخبر الثاني : فقد جاء في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر في الجزء الثامن وهو الخاص بالصحابيات في ترجمة "مندوس بنت عمرو بن حبيس بن لوزان بن عبدود الأنصارية أخت المنذر بن عمرو وأم سلمة بن مخلد إذ جاء . "ذكرت في المبايعات وذكر ابن الأثير أن بنتها قريبة روت عنها أنها أتت النبي فقالت : يا رسول الله النار النار فقال : ما شكواك فأخبرته بأمرها وهي منقبة فقال يا أمة الله أسفري فإن الإسفار من الإسلام والنقاب من الفجور ونسبه إلى ابن منده وأبي نعيم ولم أره في واحد منهما " (2) . ومع أن ابن حجر لم يعثر عليها في ابن منده وأبي نعيم إلا أنه لم ير من واجبه أن يقول كلمة استنكار ، ولو كان النقاب من مفاخر الإسلام ومن القواعد المقررة فيه ، فأظن أنه لم يكن يضن بها ، ونحن على كل حال نضع الواقعة لمن يريد البحث والتنقيب . وهناك شواهد أخري عديدة تدل على أن المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام تقبل صورًا من الاختلاط والتلاقي وقد كانت الجارية تأخذ بيد الرسول وتسير به في أي طرق المدينة شاءت . وكان الرسول يلتقي بالنساء ، جماعات أو آحاد ويزور بعضهن ويعود المرضى منهن ويلبي الدعوات والولائم ، وفي إحدى هذه الدعوات عرس أبي أسيد كانت العروس هي بنفسها التي تقوم على خدمة المدعويين ، بما فيهم الرسول ، ولدينا أوصاف العديد من النساء تضمنتها أحاديث من امرأة "وضيئة" أو "سفعاء الخدين" أو "سوداء" أو "بيضاء موشومة اليدين" أو "فتاة كعاب" .. الخ . وروى عن عمر بن الخطاب وهو من المتشددين في قضية المرأة . وكان الداعي الأولى لحجاب نساء الرسول أنه عندما زاره رسول أحد ولاته قدم له طعامًا ثم نادى على زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب "ألا تأكلين معناً" فقالت : لو أردت أن أخرج إلى الرجال لكسوتني كما كسا ابن جعفر والزبير وطلحة نساءهم" . وكان المجتمع الحجازي بالذات يفيض بالرقة التي يشيعها وجود المرأة ومشاركتها وتنم عنه أبيات جميل . أيا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذن لسعيد لكل حديث بينهن بشاشة وكل قتيل عندهن شهيد ولم تمنع التقوى عبد الرحمن القس من أن يشغف حبا بسلامة ، وتمنيا أن يغيبا في قبلة عميقة لولا أن تذكرا قول الله "الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ" . فالحب كان موجودًا ، والتقوى أيضًا . وأي شاعر تصل به العاطفة إلى ما وصلت بفقيه المدينة ، عروة بن أذينة : قالت وأبثثتها وجدي فبحت به قد كنت عندي تحب الستر فاستتر ألست تبصر من حولي فقلت لها غطي هواك وما ألقى على بصري أو قوله أيضًا .. إذا وجدت أوار الحب في كبدي غدوت نحو سقاء الماء أبترد هبني بردت ببرد الماء ظاهره فمن لنار على الأحشاء تتقد ووجد الحسين بن علي أن من واجبه أن يسعى نحو والد لبني ليتوسط في تزويجها من قيس بن ذريح دونما حرج لأنه حفيد الرسول الذي قال لأحد الآباء "ألحقها بهواها" . ووصف شوقي هذا المشهد : الحسين انتعل الترب إلى والد لبني فرآه حافيًا في ساحة الدار فجُنا قال لا أملك يا بن المصطفي بنتا ولا ابنا أنت في الدار أمير فبما شئت فمرنا فهذه الوقائع ، وهناك العشرات منها مما يشمل جزءًا كبيرًا من الأغاني ومما لا يتسع له المجال ، تثبت أن حضور المرأة في المجتمع الحجازي خاصة ، وخلال السنوات الأولى للإسلام ، كان ملموسًا وأنه وجد فيه من النساء من تترخص دون أن تنتقد بوجه خاص مثل عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين ومن تتشدد وحملها على نفسها فالشاعر النميري الذي شبب بحبيبته زينب وهي أخت الحجاج تحدث عن الصنفين على سواء . تضوع مسكًا بطن نعمان إذ مشت به زينب في نسوة عطرات يخبئن أطراف البنان من التقي ويمشين شطر البيت معتمرات وليست كأخرى أوسعت جيب درعها وأبدت بنان الكف للجمرات ومالت تراءى من بعيد فأفتنت برؤيتها من راح من عرفات وتحدث قيس بن الخطيم عن إحدى الصحابيات عمرة زوجة البشير وأم النعمان ، وهي التي أرادت أن يشهد الرسول على عطية لأحد أبنائها فقال : أجد بعمرة غنيانها فتهجر أم شأننا شأنها وعمرة من سروات النساء تنفح بالمسك أردانها ولم يجد ابنها النعمان بن بشير حرجًا من أن تغنيه عزة بهذه الأبيات وقد قتلت بنت هذه السيدة وهي زوجة المختار بن عبيد لأنها وفت له بعد مقتله ، وقال عمر بن أبي ربيعة أبياته المشهورة : إن من أعظم الكبائر عندي قتل حسناء غادة عطبول قتلت باطلاً على غير ذنب إن الله درها من قتيل كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول وثمة واقعة تصور كيف كانت أشد العلاقات الزوجية حساسية تعالج بسهولة ويسر أوردها الإمام أحمد بن حنبل في المسند قال : (عن نضلة بن طريف) أن رجلا منهم يقال له الأعشى واسمه عبد الله بن العور كانت عنده امرأة يقال لها معاذة خرج في رجب يمير أهله من هجر فهربت امرأته بعده ناشزا عليه فعاذت برجل منهم يقال له مُطرَّف بن بهصل بن كعب بن قُمشع بن دلف بن أهصم بن عبد الله بن الحرماز فجعلها خلف ظهره ، فلما قدم ولم يجدها في بيته وأخبر أنها نشزت عليه وأنها عاذت بمطرف بن بهصل فأتاه فقال : يا بن العم أعندك امرأتي معاذة فادفعها إلى ؟ فقال : ليست عندي ولو كانت عندي لم أدفعها إليك ، قال وكان مطرف أعز منه ، فخرج حتى أتى النبي فعاذ به وأنشأ يقول : يا سيد الناس وديان العرب إليك أشكو ذربة من الذرب كالذئبة الغبشاء في ظل السرب خرجت أبغيها الطعام في رجب فخلفتني بنزاع وهرب أخلفت العهد ولطت بالذنب وقذفتني بين عيص مؤتشب وهن شر غالب لمن غلب فقال النبي عند ذلك وهن شر غالب لمن غلب ، فشكا إليه امرأته ما صنعت به وأنها عند رجل منهم يقال له مطرف بن بهصل فكتب له النبي إلى مطرف ، انظر امرأة هذا معاذة فادفعها إليه ، فأتاه كتاب النبي فقرئ عليه فقال لها يا معاذة هذا كتاب النبي فيك فأنا دافعك إليه ، قالت خذلي عليه العهد والميثاق وذمة نبيه لا يعاقبني فيما صنعت ، فأخذ لها ذاك عليه ودفعها مطرف إليه فأنشأ يقول : لعمرك ما حبي معاذة بالذي يغيره الواشي ولا قدم العهد ولا سوء ما جاءت به إذ أزالها غواة الرجال إذ يناجونها بعدي فهذه امرأة "ناشز" كما يقولون هجرت زوجها ولاذت بآخر ليس من محارمها "ولطت بالذنب" ، فجاء زوجها يرجو إعادتها فرفض فشكاه إلى الرسول ، فأمر الرسول الرجل بإعادة الزوجة فأبت الزوجة الأمر إلا بعد أن يستوثق من زوجها أن لا يؤاخذها ، وقبل الرجل ، ولم يصفح عنها فحسب ، بل إنه عبر في شعره عن اعتزازه وتمسكه بها . فإذا كان قاع المجتمع قد حفل بالملايين من المجهولات المحرومات اللائي لا يقمن في حياة المجتمع بسوى تربية الأبناء وخدمة الزوج ، هذا كان قدرًا مقدورًا على المرأة في معظم دول العالم وقتئذ ، وفي الوقت نفسه فإن بروز شخصيات نسائية آمنت بالإسلام من أيامه الأولى وتحملن التضحيات في سبيله وساهمن في الحروب والغزوات ومكانتهن البارزة في عالم الفكر كحفظ حفصة للمصحف ونشر عائشة للحديث ، ثم اللاتي اشتركن في حروب الشام ، أو في صفين ، أو ظهرن بين الخوارج وما حفل به المجتمع الحجازي من صور للتلاقي ما بين النساء والرجال ، كل هذا يدل على أن السور الذي أقامته الجاهلية ليفصل ما بين النساء والرجال قد تصدع ، وأن ثغرة كبيرة قد حدثت فيه تسللت منها هذه الشخصيات ، كما هبت منها رياح العدالة والحرية والمساواة ، وكان يمكن لهذه الثغرة أن تتسع لو توبع عمل الرسول وطبقت مقررات القرآن ، ولكن الذي حدث كان العكس فإن قصر مدة البعثة ، وما حدث بعد عهد الخلفاء الراشدين من قلاقل وأحداث ، مكنت التقاليد الجاهلية من أن تعود شيئًا فشيئًا حتى ظهر الفقهاء فوضعوا الأساس الفقهي لعزلها عن المجتمع على ما سنعرض له في القسم الثاني من الكتاب . ◄الخميس الفصل الرايع "الفقهاء وعهد القيود والسدود" ◄الفقهاء الأئمة ◄فقهاء الفروع ************************************************************************************ (1) في ميدان الاجتهاد ، الشيخ عبد المتعال الصعيدي ، بتصرف ص 38 . (2) مركز المرأة في الحياة الإسلامية ، دكتور يوسف القرضاوي ، ص 48 . (3) كانت نسيبة من المبايعات في البعثة الثانية ، وهي بيعة حرب ، وقد بايعها الرسول هي وزميلتها أسماء بنت عمرو بن عدي أم منيع بعد مبايعته الرجال . (1) ولها كذلك مزار في بيروت يطلق عليه البيروتيون مزار "ستي أم حرام" . (1) وصدور هذا القول منها ، وهي التي رثت أخاها صخر بمراثي تلين الجماد يثبت أن الإسلام قد خلقها خلقًا جديدًا . (1) في ميدان الاجتهاد ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، ص 34 ، 35 . (1) نقلنا ما جاء عن صواحب على الثمانية عن العقد الفريد لابن عبد ربه بتصرف . (2) من كتاب "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب" للدكتور إسماعيل منصور ص 212 . (1) "النقاب للمرأة بين القول ببدعيته والقول بوجوبه" ، للشيخ يوسف القرضاوي ، ص 46 ، 47 . (2) "الإصابة في تمييز الصحابة" ج 8 ص 191 .