من المطاعن التي يتغني بها أعداء الإسلام في كل واد مسألة تعدد زوجات النبي "فهم لا يتركون فرصة تمر بدون أن يصوروها للعامة في صورة منكرة تتنافي مع مقام النبوة. وتتعارض مع الوحي الإلهي. وتناقض تعاليم القرآن الذي ينهي عن إيتاء الشهوات. والواقع أن هؤلاء كانوا شراً ووبالاً علي دينهم وعلي كتابهم وعلي عقائدهم. فإنهم أرادوا أن يبنوها فهدموها. وأرادوا أن يقوموها فأسقطوها. وأرادوا أن يرفعوها فخفضوها. وأرادوا أن يؤيدوها فخذلوها. إن هؤلاء ذكروا مسألة تعدد زوجات النبي" في غير موضع من كتبهم. وفي كل مرة يسبون خير الأنبياء. ويعرضون به تعريضاً يستفز غضب الحليم. وإني لا أريد أن أجاري هؤلاء ولا أنقل عنهم ما يقولونه في سيد الرسل الكرام. ولكنني أريد أن أعرض علي العقلاء هذا الموضوع. وأبين للناس حقيقة أمرهم. وأترك لهم الحكم علي هؤلاء الذين لا يكادون يفقهون حديثاً. إنهم يعيبون علي النبي "أنه عدَّد زوجاته. وأحل لنفسه من النساء أكثر مما أحله لأمته. ثم يقولون: إن حبه للنساء دفعه إلي أن يتزوج بزوجة ابنه زيد.. وهم في هذا المقام يهولون تهويلاً عظيماً. ويقولون كيف تجتمع الرسالة مع هذا العمل. حتي قالوا: إنها وصمة تدل علي أن القرآن من عند محمد. وأن المحققين اجتنبوا دينه من أجلها. وقالوا: إن القرآن قد تناقض مع نفسه لأنه قال: "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَي النَّفْسَ عَنِ الهَوَي * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَي" "النازعات:40. 41". ثم أباح تعدد الزوجات لمحمد أكثر من سائر المؤمنين... إلخ. أما أنا فأقول: إن أعداء الإسلام لبسوا في هذه المسألة ثياب الملائكة والقديسين. ووقفوا موقف النزاهة والعفة. فهم يعتبرون تعدد الزوجات بالطرق المشروعة المناسبة للبيئات المختلفة نقيصة تنافي النبوة وتنافي الكتب المقدسة. حسناً.. فلنمش مع هؤلاء الأطهار المزيفين. ولننظر فيما يزعمون نظراً نزيهاً لنمحص الحق في هذه المسألة تمحيصاً دقيقاً. بحيث لا يبقي في نفس أحد منها شيء.. ويمكن حصر الكلام في هذا الموضوع في أمرين: الأمر الأول: هو أن نثبت بالبرهان القاطع الذي لا يرتاب فيه عاقل أن أعداء الإسلام مضللون في هذا المقام. متناقضون مع كتبهم تناقضاً صريحاً. وأنهم إما أن يكونوا ملحدين يريدون أن يطعنوا علي كتبهم المقدسة عندهم وعلي أنبيائهم قبل أن يطعنوا في كتاب المسلمين ونبيهم.