في كل شيء فهو وسط بين الإفراط والتفريط وبين الغلو والتهاون. فالوسطية في الإسلام إذا منهج في الحياة. والأخلاق. والعلاقات الفردية والجماعية. وكذا في العبادات.. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" وقال تعالي: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً" البقرة: ..143 قال بن كثير والوسط هنا الخيار الأجود. كما يُقال قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرهما وكان الرسول عليه الصلاة والسلام وسطاً في قومه. أي أشرفهم نسباً.. وقال الإمام الشوكاني.. وسطاً أي عدلاً.. إن الحديث الشريف والآية الكريمة يفتحان لنا آفاق الوسطية أي الاعتدال في شتي مناحي الحياة كما ذكر في القرآن: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" حيث تشير تلك الآية إلي أهمية الوسطية إلي الشرع فما وافق الشرع فهو الوسط فالتشدد في محله وسطية والرفق في محله وسطية كذلك.. فالوسطية في مفهوم الإسلام منهج أصيل ووصف جميل. ومفهوم جامع لمعاني العدل والخير والاستقامة. فهي حق بين باطلين واعتدال بين تطرفين وعدل بين ظلمين.. وهذه هي عظمة الإسلام وفخر الانتماء إليه فمن نادي إلي التطرف نبذناه ومن رمي الناس بالكفر حاربناه.. فالفهم الصحيح للإسلام يصفه بأنه عقيدة وشريعة دنيا ودين. ودعوة.! دعوة المسلمين بالحكمة. وحوار الآخرين بالحسني.. الجمع بين الولاء للمؤمنين. والتسامح مع المخالفين. فالإسلام بمنهجه الوسطي جاء ليجمع لا ليفرق ليقارب بين البشر لا ليباعد بينهم وإحداث الفُرقة بين أبناء المجتمع الواحد فقد قال الله تعالي : "يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" فالنداء هنا لكل البشر مسلمين وغير مسلمين والمفاضلة بين البشر للتقوي والتقوي محلها القلب والقلب ملجأه إلي الله عز وجل يحكم علي ما في القلوب من تقوي وإخلاص ليس لي ولا لك أن نحكم علي ما في القلب ولكن نتعارف ونتعايش مهما كان الانتماء الديني.. ولكن الله لما أراد توجيه خطابه للأمة فقال تعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً... الآية" فلا تفريق ولا تمزيق لوحدة الأمة لقوله سبحانه: "إن الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلي الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون" وقال صلي الله عليه وسلم : "يد الله مع الجماعة.. ومن شذ شذ إلي النار" فنجد أن كل هذا التفرق والتشرذم أحدثه عدم الفهم الصحيح لوسطية الإسلام وعدالته وخيرية الأمة وشرفها.