الكمال لله وحده وكل عمل من صنع الإنسان لابد أن يعتربه نقصان مهما كان ذلك الإنسان خبيراً أو عالماً بدقائق الأمور. وانطلاقا من هذه الحقيقة أتمني أن يكون التصويت للدستور ب "نعم" لا شيء إلا لتجاوز المرحلة الانتقالية والتفرغ للمستقبل وحل القضايا الشائكة التي تهدد أمننا القومي. ثم إنه هو دستور 2012 مع إجراء تعديلات وبالأحري ليس بأفضل من سابقيه. عن نفسي تمنيت لو أن الدستور خلا من أداة الاستثناء "إلا" لأنها الأداة التي تفتح مغاليق الفساد ليدلف أهل الهوي ويعيثوا في مصر فسادا. وتمنيت لو أن المادة رقم 14 بدأت كالتالي: "الوظائف العامة حق للمواطنين علي أساس الأعلي شهادة فالأعلي تقديرا فالأكبر سنا فالأقدم تخرجا "لكنها بدأت كالتالي: "الوظائف العامة حق للمواطنين علي أساس الكفاءة" دون تحديد معايير الكفاءة وإذا كان الدستور قد حفل بأداة الاستثناء "إلا" فما بالكم بالقوانين التي تفسر وتشرح مواده؟ فما لا شك فيه أنها ستفصل وتصاغ علي مقاسات أصحاب النفوذ وأهل الحظوة. ولا يجانبني الصواب لو قلت إن أداة الاستثناء "إلا" الموجودة في ترسانة القوانين المصرية هي التي كبلت أيادي الشرفاء من القضاة عن إصدار أحكام رادعة للمفسدين في بر مصر. علي العموم وانطلاقا من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم "تفاءلوا بالخير تجدوه" أقول لنصوت بنعم علي أمل أن يقيض الله لمصر من أهل الدين والضمير من يشرعون قوانين تحقق لهذا الوطن قدرا من رفعته وتقيله من عثرته وعلي أمل أن تكون هناك مرونة في التعامل مع بعض المواد التي بها عوار فيتم تعديلها كلما اصطدمت بها مصالح الوطن والمواطن. وهذا ليس بنقيصة فالرئيس السادات طيب الله ثراه كان له قول مشهور باللهجة العامية البسيطة "نصه" هو الدستور ده مش إحنا اللي بنحطه؟ يعني نقدر نحط الدستور ومنقدرش نغيره؟ إيه الكلام الفاضي ده؟" والرئيس كان علي حق فبين يدي الآن كتاب صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية بعنوان نظام الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية يفيد بأنه تم تعديل الدستور الأمريكي في أول عامين عشر مرات . فكلما اصطدمت مصلحة البلد بمادة من مواده جري تعديلها بكل أمانة وإخلاص. والأمانة والإخلاص من أهم القيم التي تنقصنا هنا في مصر بكب أسف. لنقل "نعم" علي بركة الله فكل المؤشرات تشير إلي إقرار التعديلات ولا نلتفت للفتوي السياسية التي تحلل وتحرم . فمعروف أن بعض الفتاوي صدرت عن رموز دينية في العام الماضي حول دستور 2012 تفيد بأن من يصوت ب "نعم" سيدخل الجنة. ونفس الرموز أصدروا فتاوي مؤخرا تفيد بأن من يصوت ب "لا" لدستور 2013 سيدخل الجنة. وأجمل ما قرأت من تعليق حول هذه الفتاوي كان لناشطة علي الفيس بوك لست مخولا بذكر اسمها قالت ساخرة "والله كويس إحنا كده بقينا شعب الله المختار لأننا ضمنا الجنة في كلتا الحالتين نعم أو لا. يلا اللي قال لا في العام الماضي يقول نعم هذا العام. واللي قال نعم العام الماضي يقول لا هذا العام وبكدة نكون كلنا ضمنا الجنة. فرصة وجات لكم لحد عندكم متضيعوهاش" التعليق علي ما فيه من فكاهة يعكس مرارة يتجرعها هذا الشعب نسأل الله أن تكون آخر المرارات إنه علي كل شيء قدير وبالإجابة جدير. قال الإمام الشافعي: سهرت أعين ونامت عيون لأمور تكون أو لا تكون فدرأ الهم ما استطعت عن النفس فحملانك الهموم جنون إن ربا كفاك بالأمس ما كان سيكفيك في غدك ما يكون