تهل علي الأمة الإسلامية هذه أيام الذكري السنوية العطرة لميلاد خير البشر رسول الله صلي الله عليه وسلم. فكيف نحتفل بهذه المناسبة العظيمة وما واجب الأمة الإسلامية نحو رسولها الكريم محمد صلي الله عليه وسلم؟. خاصة وأن هذه الذكري العطرة تأتي هذا العام وسط حرب ضروس يمارسها المتربصون بالإسلام ديناً وأمة لتشويه صورة النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم خاصة والإسلام بشكل عام. "عقيدتي" رصدت آراء العلماء حول كيفية إحياء ذكري المولد النبوي الشريف والتفاني في إبراز حب الأمة لرسول الإنسانية.. في سياق السطور التالية : في البداية يطالب د.نصر فريد واصل - مفتي الجمهورية السابق. وعضو هيئة كبار العلماء بضرورة أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بفعل ما يحبه صاحب الميلاد. ولو أن كل ميلاد لرسول الله صلي الله عليه وسلم يستقبله المسلمون بإحياء شعيرة من شعائر دينه لثبت دينه في الآفاق. ولكن يبدو أننا نكتفي من الحفاوة بالمناسبة بما يتفق أيضا مع شهوات نفوسنا. ولو ابتعد عن دين الله كل البعد. ويضيف: إننا لو رأينا الزينات التي تستقبل هذه الذكري العطرة لأدركنا مدي حب الناس للدين وللنبي محمد صلي الله عليه وسلم. ولكن لو دخلنا في البيوت التي علي واجهتها هذه الزينات لعلمنا كيف ابتعد الناس عن هذا الدين. والحق أن مناسبة ميلاد المصطفي صلي الله عليه وسلم أعظم حدث في الكون كله. لأن محمدا صلي الله عليه وسلم جاء بالمنهج الصالح للإنسانية كلها. فلتكن ذكري ميلاد الرسول الكريم فرصة أمام الإنسان والمجتمع لمراجعة الذات. وتصحيح المسيرة انطلاقا من القيم الدينية. والقواعد التي أرساها القرآن الكريم والسنة النبوية. وما أحرانا بدلا من الاحتفال بهذه المناسبة بهذه الطرق غير اللائقة أن نلزم أنفسنا ببعض سنن رسولنا لا أن نبتدع في ديننا ما ليس فيه. ونستحسن هذه البدع. واجب الدفاع يطالب الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الاسلامية . العلماء وكل صاحب قلم ولسان متدين مخلص للإسلام بأن يؤدي واجبه في الدفاع عن رسول الله وسنته صلي الله عليه وسلم حتي يتبين للناس الحق من الباطل. وليدفع فقهاء الإسلام الأباطيل بالحجة والبرهان.كما أن علي المسلمين في هذه المناسبة بأن يذكروا أن الله قد أكرم برسوله الإنسانية. وجعله نورا يهتدي به. وأن يتأملوا كمال عصمته عن النقائص والشبهات. وحفظ الله تعالي له من الأعداء والشياطين والمخالفين. فيقتدوا به في عفة لسانه. ونقاء قلبه. وحكمته في أسلوب الدعوة. وكمال رحمته وشفقته. وعفوه. وصبره. وعدله. ووفائه. وكمال أدبه.وإن الأسلوب الأمثل والأنفع في هذه المناسبة العظيمة أن نعمر قلوبنا بكثرة الصلاة والسلام عليه. وأن نلتزم بما أمر الله سبحانه بقوله ¢يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما¢. رحمة للعالمين يقول د.محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية . أن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري أجمع فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلي الله عليه وسلم بأنه ¢رحمة للعالمين¢. وهذه الرحمة لم تكن محدودة فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم علي صعيد حياتهم المادية والمعنوية .والاحتفال بذكري مولد سيد البشر صلي الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات. لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلي الله عليه وسلم . ومحبة النبي صلي الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان وقد صح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: ¢لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين¢. ويضيف د.أبو ليلة الاحتفال بمولده صلي الله عليه وسلم هو الاحتفاء به والاحتفاء به صلي الله عليه وسلم أمر مقطوع بمشروعيته لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولي فقد علم الله سبحانه وتعالي قدر نبيه فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته علي العالمين وحجته. وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس علي الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتي أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار . وفي هذا الزمان الذي انتشرت فيه السهام المسمومة الموجهة للنيل من رسول الله صلي الله عليه وسلم خاصة والإسلام بشكل عام . يكون الاحتفال الحقيقي بمولد الهادي صلي الله عليه وسلم من خلال ترجمة منهجه النبوي إلي واقع معاش في حياة الأمة مما يساعد علي تغيير نظرة العالم إلي الإسلام والمسلمين. وأن يقول المسلمون للعالم أن أمة محمد صلي الله عليه وسلم لم تمت كما يزعم الكثيرون وأنها قادرة علي التعافي من خلال العودة إلي منهجها القويم والتمسك بمسلك نبيها الخاتم صلي الله عليه وسلم . فتصدير صحيح الإسلام للآخرين وبعث الروح في الأمة والتمسك بالمنهج النبوي يعد الوسيلة الأمثل للاحتفال بذكري خير خلق الله أجمعين . الإنتصار للنبي يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن الرسول صلي الله عليه وسلم كانت رسالته نور هداية للبشرية في كل العصورولن تضير هذه الشخصية حقد الحاقدين أو حسد الحاسدين والذي يقرأ مواقفه في مختلف الظروف التي مر بها لا يملك الإ أن يعرف انه كما وصفه القرآن الكريم ¢ وانك لعلي خلق عظيم ¢. ولذلك فإن الاحتفال المرضي لرسول الله صلي الله عليه وسلم والذي يمكن أن يكون نبراساً متجدد في حياة أمة الإسلامية هو اتخاذ أخلاق وهدي المصطفي صلي الله عليه وسلم القدوة الأولي في حياة المسلمين وإتباعها وتطبيق المنهج الأخلاقي النبوي في حياة المسلمين حتي تستطيع الأمة النهوض من كبوتها الحالية محملة بالمنهج الأخلاقي الذي أصل له صلي الله عليه وسلم . لأن عودة الحضارة الإسلامية إلي سابق عهدها لن يكون إلا من رحم المنهج الأخلاقي النبوي فهو شرارة الانطلاق الحقيقية للأمة وبتطبيقه نكون احتفلنا بمولده صلي الله عليه وسلم وبطريقة دائمة ومتجددة وليس فقط الاقتصار علي ذكري يوم الثاني عشر من ربيع الأول الذي ولد فيه صلي الله عليه وسلم . لأن ميلاد الأمة من جديد علي هذا المنهج النبوي هو احتفال متجدد بذكري مولد رسول الإنسانية . ويوضح أن واجب علي الأمة أن تنتصر لدينها ونبيها . وأن لا تألو جهدا في ذلك. ولكن يجب أن تنضبط العاطفة بضوابط الشرع. فلا تدفعنا العاطفة إلي الوقوع في محظور شرعي. أما حقوقه صلي الله عليه وسلم علينا فكثيرة منها . أن تكون محبتنا له محبة صادقة والتي تتمثل في طاعته واتباعه صلي الله عليه وسلم . والاحتكام إلي سنته وشريعته. وهذه هي النصرة الحقيقية للإسلام ورسول الإسلام صلي الله عليه وسلم. ذكري للمؤمنين يؤكد د.زكي محمد عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر أن الاحتفال بالمولد النبوي يأتي تحقيقا لقوله تعالي ¢وذكر فان الذكري تنفع المؤمنين¢ وقوله تعالي ¢لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة¢ ويجب أن يقام الاحتفال بهذه الذكري العطرة بكثرة مجالس العلم والذكر وتدارس سنة المصطفي صلي الله عليه وسلم . وإيجاد الحلول المثلي لحل مشكلات العالم الاسلامي من خلال النهج النبوي ومنهج السلف الصالح. فهذا هو الاحتفال الحقيقي بمولد الهادي صلي الله عليه وسلم. ويوجه د.عثمان دعوة عامة لكل مسلم لدراسة سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم والبدء في تحليلها وفهمها لتكون عودة للحق وأعادة لتكوين الفرد المسلم والمجتمع الإسلامي ككل. وإن من أهم ما يجعل سيرته صلي الله عليه وسلم وافية لتحقيق سعادة المسلم وصلاح كافة أحواله ومن ثم تقدم المجتمع . أن حياته عليه الصلاة والسلامپأنها كانت شاملة لكل النواحي الإنسانية. والاجتماعية . ومن خلال دراسة سيرته صلي الله عليه وسلم يتجمع لدي المسلم أكبر قدر من الثقافة و المعارف الإسلامية الصحيحة سواء ما كان منها متعلقا بالعقيدة والأحكام والأخلاق إذ لا ريب أن حياته صلي الله عليه وسلم إنما هي صورة مجسدة نيرة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه. فحياته عليه الصلاة والسلام تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه الأمين مع قومه وأصحابه . كما تقدم النموذج الرائع للإنسان الداعي إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة الباذل منتهي الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته . ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة. وللزوج المثالي في حسن معاملته. والأب في حنو عاطفته مع تفريق دقيق بين الحقوق والواجبات لكل من الزوجة والأولاد . وللقائد الحربي الماهر والسياسي الصادق المحنكپوللمسلم الجامع في دقة وعدل بين واجب التعبد والمعاشرة الفكهة اللطيفة مع أهله وأصحابه.