حينما قال الله تعالي لملائكته "إني جاعل في الأرض خليفة" البقرة/ 30 وردت الملائكة علي الله انه خليفة قد يفسد في الأرض ويسفك الدماء قياساً علي ما فعله الجن قبل خلق الإنسان رد الله تعالي عليهم بقوله: ".. إني أعلم ما لا تعلمون" البقرة/ 30 . وظن الملائكة انهم أغضبوا الله تعالي فطافوا حول العرش يعتذرون ويتضرعون ويبكون ولاذوا به فأمرهم الله تعالي أن يطوفوا حول "بيته المعمور" في السماء السابعة. فنزلوا وطافوا حوله وهو تحت العرش موضوع علي أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء وسمي ذلك البيت الضراح والضراح هو بيت في السماء حيال الكعبة المشرفة وهو "البيت المعمور". وأمرهم الله تعالي أن يطوفوا به ويتركوا العرش. وهو "البيت المعمور" الذي ذكره الله تعالي يدخله في كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبداً. ثم إن الله تعالي بعث ملائكة فقال لهم ابنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره. فأمر الله تعالي من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور. وفي حديث عن مقاتل مرفوع إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: سمي "البيت المعمور" لأنه يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك. وينزلون إذا أمسوا فيطوفون بالكعبة ثم يصلون علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم ينصرفون فقال ان لهم التوبة حتي تقوم الساعة. وفي حديث عن عباس ان الله تعالي أمر آدم أن يبني بيتاً لله فقال له: اذهب فابن لي بيتاً فطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي. فمشي آدم إلي مكة وبني البيت الحرام بعد أن ضرب جبريل عليه بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت علي الأرض السفلي فقذفت الملائكة من الصخر ما لا يطيق حمل الصخرة منه ثلاثون رجلاً. وفي حديث لمجاهد قال: بلغني انه لما خلق الله عز وجل السماوات والأرض كان أول شيء وضعه فيها البيت الحرام. وهو يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي فجعله مستقبل البيت المعمور. وعن ليث بن معاذ عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: هذا البيت خامس خمسة عشر بيتاً سبعة في السماء إلي العرش وسبعة إلي تخوم الأرض السفلي. وأعلاها الذي يلي العرش. البيت المعمور. لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت. لو سقط منها بيت لسقط بعضها علي بعض إلي تخوم الأرض السفلي. ولكل بيت من السماء ومن أهل الأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت.