لقد وجدنا في أمورنا الفقهية والشرعية من يتكلمون في ألف موضوع ولكنهم في الحقيقة لا يتكلمون.. يحركون شفاههم لكنهم لا ينطقون يشاهدون الأمة علي ما هي عليه فلا يرحمون ولا يترحمون.ويدعون أنهم ينفذون قواعد السماء وقوانينها ولكنهم في الواقع يتصرفون علي طريقة الباعة المتجولين . إن أسماء الله الحسني تشمل الرحمة,العدل,الكرم,السلام,النور,النفع,الرشد ,المغفرة, العزة,الإيمان,الرفعة.فلا يجوز أن نضيق ما وسعه الله وأن نعقد ما بسطه. وأن نخجل مما أباحه فالحلال بيِّن والحرام بيِّن.فإذا كان الإسلام قد ظهر في مجتمع جاهلي معقد ومتصارع ونجح في تغييره فكيف لا يحدث ذلك في مجتمعنا الآن وقد زاد الفهم والعلم والوعي "فرضاً" ؟ كيف استوعب الجاهلون دين الله وعجزنا نحن بكل ما نملك من قدرات عقلية وثقافية عن ذلك ؟ لعل السبب هو أولئك الذين وضعوا أنفسهم في موقع الوساطة بين الناس والسماء دون أن يفتوا..فراحوا يفتون بغير روية..وبعيداً عن أحكام الله.فكان أن خاف الناس من الدين بدلاً من أن يحبوه وكان أن شعر الناس أن الدين هو سجادة من المسامير والأشواك.لا سجادة من الحرير ونسيج الإيمان . إن كل شئون الدين أسهل وأبسط وأرحم مما يعرفه الناس ويعتقده الناس ويتصوره الناس. وسأضرب مثلاً علي ذلك لو فرض أن مسلماً جاور مشركاً وكان بيت المشرك في اتجاه القبلة فهل تبطل صلاة المسلم؟ لقد سمعت رجلاً في زاوية صغيرة علي الطريق الصحراوي يحرم ذلك ويدعو المسلم للانتقال إلي سكن آخر بحيث لا يمنعه عن القبلة مانع غير إسلامي أو غير شرعي علي حد قوله. والحقيقة أن ما سمعته من الرجل الطيب ليس له ظل من أحكام الله فليس هناك ما يمنع أن أصلي في اتجاه بيت غير مسلم بل زد علي ذلك أن يكون لدي هذا الجار كلب أو حمار أو أي حيوان آخر ثم نفقت هذه الحيوانات كلها وقام بدفنها تحت الجدار الذي يفصل بين بيتي وبيته.إن ذلك أيضاً لا يمنع صلاتي ولا يبطلها هي صلاة صحيحة ولو كان بيننا وبين اتجاه القبلة مقبرة حيوانات ولو كان بيننا وبين اتجاه القبلة ما يسبب الدنس والنجاسة . ولو كان ذلك سليماً وصحيحاً وشرعاً فما هو الرأي في الصلاة بمسجد فيه ضريح لولي مسلم من آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ إن البعض يحرم الصلاة في مسجد به ضريح لولي أو لواحد من آل البيت.فلو كانت الصلاة مباحة في بيت يلتصق به قبر الحيوان فهل تكون محرمة لمسجد فيه ضريح لولي من أولياء الله الصالحين. إن الصلاة تكون باطلة لو انصرف المسلم عن القبلة قلباً " عقيدة " وقالباً " جسداً "أو أحدهما" مجتمعين أو منفصلين "ولو صلي خلف نبي من الأنبياء حيا يرزق" مجازاً أما إذا اتجه المؤمن إلي القبلة قلباً وقالباً فلا يضر ما اعترضه من الموتي سواء أكانت حيوانات أو بشراً.. مسلمين أو مشركين.لكنه إذا ما انصرف عن القبلة فلا ينفعه ما اتجه إليه ولو كان نبياً حياً.أما المقصود باتخاذ القبور مسجداً الذي نهي الدين عنه فمعناه أن يصلي المسلم علي القبر نفسه فوقه أو يتجه إليه في غير اتجاه القبلة . وهناك نقض آخر شهير للتمسح في أضرحة الأولياء والذين يسدون باب الرحمة ويتسرعون في الفتوي يقولون : إنهم يتمسحون في حديد وخشب وفضة ونحاس لكن لو كان الذاهب إلي مقام الولي يقصد الحديد في ذاته أليس من الأفضل له أن يذهب إلي مخزن قطارات السكك الحديدية؟! ولو كان يقصد الخشب في حد ذاته أليس من الأفضل له أن يذهب إلي مخازن الخشب الواسعة التي تحتفظ بمئات الأطنان من مختلف الأنواع ؟! ولو كان هدف الزائر للولي أن يقبل باباً أو شباكاً فما الذي يجعله يتحمل المشقة ليقبل الشباك أو الباب في ضريح الولي؟ لماذا لا يقبل شباكاً أو باباً في بيته؟ إن لنا عقولاً تميز ولنا ديناً لا يسد منافذ الرحمة فلماذا يعاملوننا وكأننا قطيع لا يفهم ؟وكما قلنا ونقول ويقول كل عاقل منصف إنه لا تحريم إلا بنص وما لم يحرم بنص فحكمه في الدين الإباحة وتحريم المباح تشريع بغير نص وحكم بغير ما أنزل الله ولا أزيد.ولا حول ولا قوة إلا بالله .