من الملاحظ في الآونة الأخيرة أن عدداً كبيراً من المساجد - وربما من دور العبادة الأخري - لا يتولي الحديث أو إمامة الصلاة فيه إلا شخصيات معينة ليست من المعينيين من قبل وزارة الأوقاف أو الأزهر الشريف أو الجهات المعنية بتعيين من يقومون بالمهام الدينية من خطابة وإمامة للصلاة وإقامة شعائر وإنما هذه الشخصيات ممن لهم انتماءات مذهبية أو فكرية خاصة وممن لا تتفق أفكار الكثيرين منهم إلي صحيح الدين وإقامة شرع الله الذي يطالبون الناس بإقامته وكأن الناس قبلهم أو أمامهم ليسوا ممن يقيمون شرع الله قولاً وفعلاً..!! أكثر من ذلك فإن بعض دور العبادة يتم اتخاذها "مراكز" دعاية انتخابية لمرشح في هذا المركز دون المرشحين في مراكز أخري وخاصة قبيل وأثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحجة أن المساجد كانت منذ صدور الإسلام "مدارس" للدين والدنيا معاً وليست للعقيدة والعبادات فقط..!! والحق أن هذا وذاك حق يراد به باطل..!! ففيما يتعلق ب "احتكار" الحديث في دار العبادة علي رجال "دين" بعينهم فهذا في هذا الزمان للعلماء المعينيين رسمياً لأداء الرسالة في دور العبادة بعد مرورهم بحد أدني من التعليم الديني والثقافي العامة التي تؤكد اجتيازهم لها مؤهلاتهم الدراسية في هذا الشأن والاختبارات الشخصية التي يتم التأكد خلالها من الحرص علي صحيح الدين وحث الناس علي تطبيقه قولاً وفعلاً أما أن يتصدي للحديث أو الفتوي هنا أو هناك كل من ينتمي إلي جماعة دينية معينة لمجرد الانتماء إلي هذه الجماعة دون غيرها لغرس أفكارها ومعتقداتها التي يجانبها الصواب كثيراً في فهم أحكام الدين فهذا ليس من الدين في شيء لأنه يضر بالمجتمع ضرراً بليغاً لاختلاف الفتوي من دار عبادة إلي أخري ولا يكون من تسبب في ذلك إلا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا كما ورد في محكم التنزيل في سورة الكهف.. كما أنه يشيع الاختلاف في الرأي والتعصب فيه بما يشيع الفتنة. أما فيما يتعلق باستخدام دور العبادة للدعاية الانتخابية والترويج لسياسة حزب أو تيار معين والتعصب لمرشح برلماني أو انتخابي معين فإن هذا هو "الضلالة" بعينها واتضحت نتائجه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة بشكل أضر بالمجتمع ضرراً ترتب عليه أن ثار المجتمع المصري لتغيير نظام الحكم مرة في يناير سنة 2011 والثانية في يوليو 2013 بوقوف القوات المسلحة مع الشعب في المرة الأولي ومع الشرطة والشعب في الثانية..!! ومع ذلك فإن دور العبادة لها "دور" مهم في الممارسة الديمقراطية ألا وهو توعية روادها بأن الصوت الانتخابي "شرعاً" هو تنفيذ لأمر الله في أداء "الشهادة" بأن هذا المرشح أو ذاك يستحق أو لا يستحق صوت الناخب وهذا الصوت "قانونا" هو اقتراع سري في صندوق الانتخاب من جمعية خيرية إلي رئاسة الدولة دون أن يتصدي أي مسجد أو دور عبادة لحشد الناس علي انتخاب مرشح دون غيره وهذا ما نرجو أن يتم خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة علي خير بفضل الله ومشيئته.