ردود فعل غاضبة أثارتها الانتهاكات التي تعرضت لها العديد من المساجد في القاهرة والمحافظات بسبب الصراع السياسي حتي وصل الأمر الي محاصرة بعض المساجد والاعتداء علي المصلين فيها أو احتجاز علمائها مثلما حدث مع الشيخ أحمد المحلاوي في مسجد القائد إبراهيم بالاسكندرية.. وطالب العلماء بابعاد المساجد عن هذا الصراع المحموم الذي لا يراعي حرمة أو قداسة للمساجد بل انه ينشر الرعب والترويع بين المصلين الآمنين.. وأشاروا إلي الاثم الكبير الذي يقع علي من ينتهك حرمة المساجد أو يحاول اقتحامها أو جعلها ساحة للصراع والفوضي وتصفية الحسابات أو المكائد السياسية وخاصة انه معروف عن السياسة انها بلا دين أو أخلاق.. حثوا علي نشر الوعي بأهمية الحفاظ علي قدسية المساجد ومضاعفة العقوبات القانونية علي من لا يراعي حرمتها. في البداية يوضح الشيخ محمود عاشور. .الوكيل الأسبف للأزهر انه يجب تجنيب المساجد الصراع السياسي المشتعل حاليا بين التيارات المختلفة وذلك لأن الله حدد لها مهمة محددة فقال تعالي "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال". وأشار الشيخ عاشور الي أن تعاليم الاسلام تأمرنا بتعظيم حرمات بيوت الله في الأرض وهي المساجد بكل ما يجب احترامه وحفظه وصيانته ورعايته والسعي في عمارتها وإقامة شرعه فيها والمحافظة علي الصلاة فيها ورفعها عن أي نوع من الصراع لتكون مكانا خالصا للمتقين الآمنين فقال تعالي "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسي أولئك أن يكونوا من المهتدين". ويلاحظ هنا أن الله جعل عمارة المسجد دليلا علي الايمان بل إن الآية تدل بظاهرها علي حصر الايمان فيهم لأن كلمة "إنما" للحصر. ووجه الشيخ عاشور نداء الي المتصارعين الذين انتهكوا حرمات المساجد بأن يتذكروا فضلها وقوله صلي الله عليه وسلم "أحب البلاد إلي الله مساجدها وأبغض البلاد إلي الله أسواقها" يوجب أن يكون احترام المساجد والمحافظة علي حرماتها من أي صراع سياسي بالأفعال وليس بالأقوال فقط وأن تعظيم المساجد ليس مجرد شعور فقط بل إن من تعظيم المساجد احترامها وعدم العبث بها والاحتراز عن كل ما يؤذي رواد المساجد من الأقوال والأفعال والروائح الكريهة والصخب فما بالنا بمن يقتحمها ويروع الآمنين فيها ويحاصرهم. اتقوا الله في مساجده وطالب الدكتور منير جمعة.. عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتعظيم حرمات الله تعالي من خلال تعظيم المقدسات والشعائر الدينية ومنها بيوت الله ومعرفة مكانتها وحذر من انتهاك حرماتها أو التعدي علي إقامة ذكر الله فيها من خلال صراع سياسي أو انتخابات أو الدعاية للاستفتاء علي الدستور أو الدعاية لمرشح بعينه أو محاضرتها أو الجدل السياسي العقيم داخلها مما ينتهك حرماته كمكان آمن فيه السكينة و الطمأنينة التي تساعد علي العبادة فقال تعالي في المتاجرين بالمساجد وتحويلها الي ساحة للصراع السياسي أو التنافس الحزبي "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم". ومن يتأمل ظاهر هذه الآية يجد أن الساعي في تخريب المساجد يكون أسوأ حالا من المشرك لقوله "ومن أظلم" يتناول المشرك لأنه تعالي قال في آية أخري "إن الشرك لظلم عظيم" وبالتالي إذا كان الساعي في تخريبه في أعظم درجات الفسق علي النقيض من الساعي في عمارتها الذي يصل إلي أعظم درجات الإيمان. وبين الدكتور منير جمعة فضل المساجد التي يجب إبعادها عن أي صراع سياسي فقال تعالي "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا" ويلاحظ هنا أن الله تعالي أضاف المساجد إلي ذاته بلام الاختصاص ثم أكد ذلك الاختصاص بقوله "فلا تدعوا مع الله أحدا" ومن يتأمل أحكام المساجد يجد الاسلام قد نهي عن البيع و الشراء ونحوهما من العقود داخل المساجد رغم انها مباحة في الأصل حتي لا تشغل الناس عن ذكر الله وعبادته أو تقلل من تجويد الذكر والعبادة و الدعاء فقال صلي الله عليه وسلم "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك. وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك". حياد الأئمة يؤكد الشيخ صلاح نصار كبير أئمة ومسئول الدراسات الحرة بالجامع الأزهر أنه يجب أن يكون المسجد حياديا. فلا تقحم المساجد في أمور تتعلق بأحزاب لا مع ولا ضد. يجب علي الامام أن يوجه الناس الي ما فيه صلاح البلاد. وعليه أن يتعامل مع الأحداث بتوضيح ما يجب علينا جميعا من إيجابيات نعمل فيها لمصلحة الوطن. وإذا تحدث الامام عن شيء يؤيد به حزبا سياسيا أو دينيا أو أي شيء فيجب عدم مقاطعته والالتزام بآداب المساجد. وننتظر حتي انتهاء الامام من الخطبة والصلاة ونحاول أن نفهم وجهة نظره فيما قال. ولا يجوز أبدا بأي حال من الأحوال أن ينشر الفوضي في بيوت الله أو أن نتطاول علي الامام وإن خالف التعليمات بفعل ما لم يجب عليه فعله. فعلينا أن نتوجه الي جهة عمله وهم الذين يتولون محاسبته في حال تجاوزه. ولا يليق أبدا أن نحاول إيذاءه أو حتي التطاول عليه برفع الصوت كما حدث بمسجد القائد إبراهيم مع فضيلة الشيخ أحمد المحلاوي وهو من كبار العلماء المشهود لهم بالكفاءة فنحن نستنكر ما حدث لهذا الشيخ الفاضل الذي لم يراع كبر سنه ولا مكانته العلمية. يضيف الشيخ نصار قائلا: وأوجه أبناءنا من الشباب بأن يتعاملوا علي مستوي خلقي رفيع. فعليهم أن يتجملوا بمكارم الأخلاق وأن يحافظوا علي ثورتهم التي بدأت بالالتزام السلمي والتوافق في الرأي وأن يحافظوا عليها من الفوضي التي انحدرت فيها الأخلاق. مستنقع موبوء ويحذر الشيخ فوزي عباس - إمام وخطيب مسجد البحاروة بمركز قوص بقنا - من خطورة اقحام المساجد في مستنقع السياسية المتقلب والذي يثير الخلاف والمشاكل بين الناس. فإذا كان للإمام رأي أو توجه سياسي فعليه ألا يبديه من علي المنبر فهناك الندوات واللقاءات الخاصة بالسياسة. أما المساجد فهي لتعليم الدين والقيم وعبادة الله تعالي القائل "وإن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً". يضيف: لقد رأينا خاصة بعد ثورة يناير الكثير من المساجد يدخل أئمتها وخطباؤها في السياسية وكأنهم ساسة محترفون أو زعماء وهذا لا يليق لأن مكانتهم ومنزلتهم الدينية أرقي وأسمي من أي منصب سياسي يتعرض للرد والتطاول. فالناس خاصة في الصعيد والأرياف يجلون إمام وخطيب المسجد وبالتالي يجب ان يكون هو كذلك علي نفس المستوي وألا ينحدر إلي مجال الصراعات والانقسامات. فما رأيناه مؤخراً ليس إلا نتيجة الخوض في مسائل سياسية ليس مكانها المساجد. ومكمن الخطر في المساس بهيبة ومكانة المسجد الذي يجب ان يحترم في نفوس وقلوب الجميع. اما اقحامها في السياسة فهذا يجعلها عرضة للتطاول من كل الأطراف. وعلي الإمام يقع الوزر في هذا الإثم لأنه يعرض صلاة الناس لعدم القبول والأكثر من هذا فهو يعمق الخلاف والشقاق في الوقت الذي يجب عليه فيه أن يأمرهم بالتوحد والتكاتف امتثالاً لتعاليم ديننا الحنيف من القرآن والسنة. منبر الرسول يقول الشيخ عبدالحليم العزمي - خطيب مسجد أبوالعزائم - بمركز الحامول بكفر الشيخ: إذا دخلت السياسة علي المنبر وأصبح الخطيب يؤدي دوراً سياسياً من علي المنبر وانحاز لرأي سياسي فإن جمهور المصلين يتعامل معه علي أنه رجل سياسة وليس رجل دين. فكما أن رئيس الحزب أو المرشح السياسي يمكن ان يعنف مؤتمره الانتخابي أو يرد رأيه السياسي بسلم أو بعنف فكذلك يرد الرأي السياسي من علي المنبر. وهذا خطأ كبير. لذلك فالواجب ان يكون رجل الدين هو المرجعية عند الخلاف. بمعني أنه يعمل علي توحيد الكلمة وجمع الأمة انطلاقاً من قوله تعالي "ان هذه أمتكم أمة واحدة". وعملاً بقوله تعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا" فواجب رجل الدين ان يبحث عن المشتركات ويضخمها ويحذر من الاختلافات ويقللها. مع بيان أهمية المصلحة العامة وخطر تغليب المصلحة الخاصة عليها. ومع مراعاة واجب الوقت فإذا وجد رجل الدين الناس يختلفون علي أمر فرعي فإنه يذكرهم بالأمور الكلية والأصلية. يؤكد الشيخ العزمي أنه ضد إهانة أي رجل دين لأنه رمز. فوقوفه علي المنبر اقتداء بسيدنا رسول الله فيجب أن يحترم. كما يجب عليه أولاً أن يكون متخلقا بأخلاق رسول الله فهو الذي يفض المنازعات وليس الذي يحدثها. فحينما رفع الانصار والمهاجرون السيوف في المسجد غضب رسول الله وقال:" وأنا بين ظهرانيكم؟! دعوها فإنها منتنة" فهذا هو الدور الذي يجب أن يؤديه رجل الدين في المسجد. فحينما يقول رجل الدين أن التصويت بنعم أو لا يدخل الجنة مع وجود من يتعصبون لهذا أو ذاك فلابد أن تحدث مشكلة ويكون من علي المنبر هو المسئول والسبب في هذه المشكلة. وبالتالي فقد انجرف عن الاقتداء بسيدنا رسول الله. والواجب عليه أن يكلمهم في الكليات كتوحيد كلمة الأمة والعمل علي تقدمها ورقيها واحترام المخالف في الرأي وتذكيرهم بوجود أعداء يكيدون للأئمة. ارحمونا من مكائدكم التقينا مع الجماهير التي أعربت عن استيائها الشديد من هذا التطور الخطير فماذا قالوا؟ * حمادة عواض "موظف": أقول للسياسيين ارحمونا من صراعاتكم التي حولت حياتنا الي جحيم وأفسدتم ثورتنا التي جعلتنا نبني آمالا عريضة في نهضة مصر وتقدمها إلا أنكم أفسدتم علينا كل شيء وتريدون الآن أن تدخلوا المساجد في تصفية الحسابات والمكائد وهذا ما يجب أن نتصدي له لأننا نرفضه بكل قوة. * سمير عزت "موظف" لعنة الله علي السياسة والسياسيين الفاشلين الذين يقودون سفينة الوطن إلي الهلاك بسبب التنافس المقيت الذي يسعي فيه كل فريق الي مصالحه الشخصية فقط دون النظر الي المصلحة العامة.. وأقول لهم: اتقوا الله في دينكم ووطنكم والغلابة من أبناء هذا الوطن الذين يدفع ثمنا باهظا لهذا الصراع الذي يتم من خلاله تنفيذ أجندات لا تستهدف خدمة الدين أو الوطن. * محمد محمود الصباغ "مدرس تاريخ" أيها المتصارعون اقرأوا التاريخ جيدا لأن من لا يقرأ التاريخ يقع في الأخطاء عشرات المرات وقد أثبت التاريخ أن المتنازعين في كل العصور خاسرون ويبتليهم الله بمن يسومهم سوء العذاب من خارجهم ووقتها لا ينفع الندم أو البكاء علي اللبن المسكوب.. فهل بعد اقتحام المساجد ومحاصرتها وترويع ضيوف الله فيه من ذنب يستوجب غضب الله علي الجميع. * رشاد عرفات "من البحيرة": نحن كجماهير المصلين نستنكر دخول إمام وخطيب المسجد في القضايا السياسية خاصة التي تحدث الصراعات والمشاكل فقد ملأت حياتنا من خلال الفضائيات والاعلام بمختلف وسائله وما لجأنا للمسجد إلا للاستماع إلي تعاليم ومباديء الدين التي غابت كثيرا عن حياتنا. فإذا فوجئنا بالمساجد كذلك تتحدث وتحثنا علي السياسة فأين سنبحث عن الروحانيات والأخلاقيات والقيم و المباديء. يحذر رشاد عرفات من خطورة إقحام المساجد في الصراعات السياسية لأن العامة ستأخذ انطباعا بأن الدين ذاته في صراع وخلاف طالما أن المشايخ والأئمة يتحدثون باسم الدين وهم مختلفون. * رجب حسين "مدينة السلام بالقاهرة": إن دخول إمام المسجد في السياسة يجب أن يكون بصفته الشخصية لا أن يفرض ذلك علي جموع المصلين الذين أتوا للاستماع إلي النصائح والآداب الدينية تحدث مشاكل كثيرة بسبب عض الأئمة الذين يتأثرون بتوجهاتهم الشخصية والسياسية وحسنا فعلت وزارة الأوقاف بقرارها الرافض لتناول الأئمة القضايا السياسية المختلف حولها من علي المنبر.