أسوان تستعد لإطلاق حملة «اعرف حقك» يونيو المقبل    القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري المحترفين لكرة اليد    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    العاهل الأردني يؤكد ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لتكثيف إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد وحدة صواريخ تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    يورو 2024 - رونالدو وبيبي على رأس قائمة البرتغال    مفاجأة مدوية.. راشفورد خارج يورو 2024    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    تعرف على تطورات إصابات لاعبى الزمالك قبل مواجهة مودرن فيوتشر    محكمة بورسعيد تقضي بالسجن 5 سنوات مع النفاذ على قاتل 3 شباب وسيدة    ضبط 4 أشخاص بحوزتهم 6 كيلو حشيش فى الدقهلية    زوجة المتهم ساعدته في ارتكاب الجريمة.. تفاصيل جديدة في فاجعة مقتل عروس المنيا    الإعدام لعامل رخام قطع سيدة 7 أجزاء بصاروخ لسرقتها فى الإسكندرية    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    النطق بالحكم على مدرس الفيزياء قاتل طالب الثانوية العامة بعد قليل    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    السيسي يستقبل مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية ويؤكد على دورها في نشر وتعميق المعرفة والعلم    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى    محافظ الفيوم يترأس اجتماع اللجنة الاستشارية للسلامة والصحة المهنية    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    رئيس الوزراء يتابع عددًا من ملفات عمل الهيئة المصرية للشراء الموحد والتموين الطبي    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    المالية: بدء صرف 8 مليارات جنيه «دعم المصدرين» للمستفيدين بمبادرة «السداد النقدي الفوري»    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    أفعال لا تليق.. وقف القارئ الشيخ "السلكاوي" لمدة 3 سنوات وتجميد عضويته بالنقابة    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    الجلسة التحضيرية الرابعة للمؤتمر العام للصحافة مع القيادات الصحفية، اليوم    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    أسعار طن الحديد فى مطروح وسيوة اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات الرئاسة بعيون علماء الدين

مرشح رئاسي‏,‏ يتهم منافسيه بشراء توكيلات المواطنين بالأموال الحرام‏,‏ وآخر يفتي لناخبيه بتقاضي الأموال واستخراج التوكيلات ثم التصويت لمن يرغبون في يوم الانتخابات‏,‏ وثالث يحذر من محاولات بدأت بالفعل لتزوير إرادة الشعب. وتوجيهه نحو مرشح معين, ومساجد في مختلف المحافظات تحولت عن دورها كساحات للصلاة إلي غرف عمليات لبعض المتنافسين رغم تحذيرات وزارة الأوقاف, وفضائيات تستضيف سائق التاكسي الذي ترشح لقيادة الدولة, وإذاعات تنقل تصريحات بائع أنابيب بوتاجاز وعد مستمعيه حال فوزه برئاسة الجمهورية بحل الأزمة.. ومواقع انترنت وصفحات فيس بوك دخلت طرفا في لعبة بث البيانات والشائعات التي تنال من سمعة المتنافسين, ووعود انتخابية يمنحها من لا يملك لمن يبحث عن بصيص أمل لمشكلات عاني منها الوطن لعقود طويلة!!
تلك هي أبرز ملامح معركة الانتخابات الرئاسية لمصر ما بعد الثورة, التي دخلت مرحلة جديدة من الصراع يري علماء الدين أنها بعيدة كل البعد عن مبادئ الشريعة الإسلامية وتغيب عنها الضوابط الأخلاقية, وتتعارض مع الأسس والمبادئ الإسلامية التي يقوم عليها اختيار المرشح الأمثل الذي يحقق تلك المقاصد الشرعية من العملية الانتخابية!!
وما بين الصراعات وبيانات تشويه السمعة وغيرها من التجاوزات, دخل علماء الدين ساحة المعركة الانتخابية وانطلقت فتاوي تحرم شراء التوكيلات وتصفها بشهادة الزور والشرك بالدين, وجاءت فتاوي علماء الأزهر وأئمة وزارة الأوقاف لتؤكد حرمة استخدام بيوت الله في الدعاية الانتخابية وتحدد الشروط الواجب توافرها في رئيس أرض الكنانة.
وحيث أن ظاهرة شراء التوكيلات الانتخابية, كانت أبرز ملامح التجاوزات فقد أفتي علماء الأزهر بحرمة دفع الأموال لشراء التوكيلات أو استعمال المال كأداة لجذب بعض الناخبين لاستصدار توكيل لمرشح أو إعطائه الصوت في الانتخابات, مؤكدين أن مثل تلك الظواهر التي تحدثت عنها وسائل الإعلام هي بمثابة شهادة زور حرمها الإسلام, ويقول الدكتور احمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: يجب أن يحرص كل ناخب علي اختيار الرجل الصالح والمناسب للمكان المناسب, فالإدلاء بالشهادة والإقدام علي إعطاء الصوت واجب شرعا بشرط أن يشهد شهادة صادقة لا كاذبة, فلا يذهب لاستخراج توكيل أو الإدلاء بصوته لفلان لأنه قريبه أو ابن القرية أو لمنفعة أو لمقابل مادي, ولو كان الصوت بهذه الصورة فهو شهادة زور وشهادة كاذبة سيحاسبه الله عليها يوم القيامة, وشهادة الزور من أكبر الكبائر, حيث وجه الإسلام إلي شهادة الحق والتحذير من شهادة الزور, ونادي الله المؤمنين إلي إقرار الحق والعدل, ابتغاء مرضاته سبحانه وليقيموا بها ميزان الحق في دنيا الناس, وإذا كان قول الحق وشهادة الحق لله تعالي من الواجبات فيجب أن يؤدي الإنسان الشهادة بالحق وفي شجاعة أدبية دافعها دينه ولو كانت علي نفسه, عليه أن يشهدها خالصة لوجه الحق ولا يخشي في سبيل الحق لومة لائم ولا يرهب بأس إنسان قوي فيمتنع عن قول الحق ولا يؤثر فيه العطف علي إنسان فقير فيكف عن قول الحق, فالله أولي بهما وهو سبحانه القائل في ندائه للمؤمنين: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولي بهما فلا تتبعوا الهوي أن تعدلوا وان تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا.
وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم أن شهادة الزور من اكبر الكبائر ومن أخطر الجرائم, التي يترتب عليها ضياع الحق وطمس الطريق أمام العدالة فلا تستطيع العدالة أن تأخذ مجراها كما يترتب عليها وقوع الظلم علي الأبرياء وضياع حقوقهم, وقد نزه رب العزة سبحانه وتعالي عباده المؤمنين عن شهادة الزور حيث قال الله سبحانه وتعالي: والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما, ولخطورة شهادة الزور, وشدة قبحها, جاء النهي عنها وتحريمها في القرآن مقرونا بأكبر أنواع المعاصي والكبائر وهو الشرك بالله وورد النهي عنها عقب النهي عن الإشراك بالله مباشرة فقال الله تعالي: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور, ومن واجب كل مواطن أن يقول رأيه ولا أحد يكره أحدا علي رأي معين, بل لكل إنسان اختياره المحض وحريته الكاملة ليقول رأيه دون أن يفرض عليه رأي معين, ومن الواجب علينا أن تسود روح الإخوة والوحدة وألا نتفرق وان يسود الأمن كل بقاع ارض الكنانة التي ذكرها رب العزة في القرآن الكريم مقرونة بالأمان حيث قال تعالي:ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
حركة المساجد
التجاوزات في معركة الانتخابات الرئاسية لم تكن وقفا علي شراء التوكيلات, ولكنها تتجلي في استخدام ساحات المساجد من قبل بعض المرشحين في الحملات الانتخابية, ورغم صدور قرار الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي, وزير الأوقاف, بمنع الدعاية الانتخابية بالمساجد إلا أن البعض يري أن هذا القرار لا وجود له علي أرض الواقع, ومن جانبه أكد الشيخ فؤاد عبد العظيم وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد, أن وزارة الأوقاف أصدرت تعليمات مشددة للأئمة والدعاة تمنع استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية لأن هذا العمل محرم شرعا, وهذه التعليمات صدرت من وزير الأوقاف لجميع الأئمة والدعاة بعدم استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية أو لأي أغراض سياسية, كما تم إبلاغ جميع المديريات بذلك حتي تكون المساجد خالصة للذكر والعبادة, مؤكدا أن دخول السياسة للمساجد يتنافي مع وقار وقيمة المسجد في الإسلام لأن ميراث الرسول صلي الله عليه وسلم يوزع في المساجد, وأئمة ودعاة الوزارة مطالبون بالالتزام بتلك التعليمات وعليهم أن يعلموا أن العقاب سيكون من الله عز وجل قبل أن يكون من أي أحد لأن بيوت الله عز وجل لها حرمة كبيرة, فعليهم أن يقوموا بنشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل بعيدا عن الانحياز لأي من الأحزاب أو التيارات السياسية, ولابد أن يكون واضحا لكل من يستخدم المساجد في غير ذلك أنه يعصي الله عز وجل ويبتعد عن منهج الإسلام الواضح وعن سنة الرسول صلي الله عليه وسلم, فالدعاية الانتخابية ليست ذكرا ولا صلاة ولا قراءة قرآن.
لماذا يخالف مرشحو الرئاسة تلك التعليمات المشددة التي أصدرتها وزارة الأوقاف ؟ وهل يمكن ضمان حيادية المساجد في الانتخابات الرئاسية المقبلة ؟
يري الدكتور خلف مسعود المنسق الإعلامي لائتلاف دعاة الأزهر, أن التعليمات التي تصدرها المؤسسات الدينية الرسمية بعدم التحيز أو تأييد أي من المرشحين داخل ساحات المساجد, لا تنفذ علي أرض الواقع, ولا يمكن لأحد أن يضمن حياد المساجد أو الكنائس في الانتخابات الرئاسية لارتباط ذلك بتطورات المشهد السياسي في مصر ما بعد الثورة, وشيوع حالة الاستقطاب الفكري التي يمر بها المجتمع بكل أطيافه ومستوياته, والأهم من كل ذلك أن بعض الأئمة والدعاة هم أبناء أصليون لحركات إسلامية نشطة علي الساحة ومن الطبيعي أن يكون ولاؤهم لهذه الحركات والجماعات لا للوزارة التي يتبعونها إداريا.
وعود كاذبة
وتجاوزات المعارك الانتخابية ليست وقفا عند هذا الحد, فالفقهاء يحذرون أيضا من ظاهرة الوعود الكاذبة والبرامج الانتخابية صعبة التحقيق التي ملأت أسماع الناس, ويقول الدكتور محمد الدسوقي,أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: أنه لابد لكل مرشح لمنصب رئيس الجمهورية تقدم ببرنامجه للناخبين, أن يكون صادقا مع جميع طبقات الشعب, فلا يقول كلاما وهو يضمر غير هذا الكلام, والله تعالي يحذر من مثل هذا السلوك في قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم عندما سئل هل يسرق المسلم قال نعم, وهل يكذب المسلم, قال لا, فالصدق مع الناخبين هو الطريق السليم للحصول علي الأصوات التي يؤهل من يحصل عليها للجلوس علي مقعد الرئيس.
ويضيف الدكتور الدسوقي بأن الوعود الخيالية ومخاطبة الناس بما يظنون أنه يكفل لهم حياة كريمة بصورة غير حقيقية وبصورة من الإغراء الدعائي فهذا أسلوب غير سليم ومن يسلكه لا يكون جديرا أو أهلا لمنصب الرئاسة, ويضاف إلي هذا أيضا أنه علي كل من يرشح نفسه أن يكون صريحا وواضحا في أنه سيبذل كل ما يستطيع من أجل المصلحة العامة من دون محاباة أو مجاملة لبعض طوائف المجتمع علي حساب غيرها, وإنما هو بمثابة الأب الذي يتعامل مع أولاده جميعا بالمساواة والعدالة والمحبة والحرص علي مصلحة الجميع, وأنه يعاهد الذين سينتخبونه أنه إذا لم يلتزم بهذا البرنامج فإن من حق الشعب أن يعزله لأنه لم يعد صالحا لمسئولية الرئاسة.
ويوضح الدكتور الدسوقي أن المرشح الذي سيقول للناخبين أني وليت عليكم ولست بخيركم, فإن أحسنت فأعينوني, وأن أسأت فقوموني هو المرشح الذي يمنح الأمة السلطة الحقيقية لعزل رئيس الجمهورية إذا لم يكن أمينا وصادقا وكفئا لمسئولية الرئاسة.
خيانة للوطن
بينما يصف الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, المرشح الذي يقدم الوعود الكاذبة بأنه خائن لله والوطن, ومزورا لإرادة الناس وغاشا لهم, ويقول:هذه التصرفات محرمة شرعا لأنها تلحق الضرر بالناس وتزيف الحقائق وتجعل عامة الناس ينخدعون فيمن يقدمها فيحصل علي حق لا يستحقه وليس أهلا له, ومثل هذه التصرفات كانت تحدث في الماضي وقبل قيام ثورة25 يناير لكنها وللأسف أصبحت تحدث اليوم وكأن تلك الثورة لم تغيير شيئا, ولم يتعظ البعض من النظام السابق الذي عجلت مثل هذه التصرفات بسقوطه. مطالبا المرشحين لانتخابات الرئاسة بالصدق وعدم خداع الناس وأن يقدم كل منهم الحقيقة للناس ولا يخدعهم بوعود كاذبة, وأن يراعي الله عز وجل ويعلم أنها مسئولية كبيرة سيحاسب عليها لأنه إذا لم ينفذ ما وعد به فإن ذلك يعد تغريرا بالناخبين ويجعلهم يفقدون الثقة في كل المرشحين في أية انتخابات قادمة.
منافسة مشروعة
وحول الضوابط الأخلاقية التي يجب أن تتوافر في الدعاية الانتخابية للمرشحين يوضح الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أنه لا يصح أن يقوم المرشح في سبيل الدعاية لنفسه بالإساءة أو التجريح أو الأضرار بالمرشحين الآخرين لأن المنافسة المشروعة في الإسلام يجب أن تلتزم بالأخلاق الحسنة وعدم الإضرار بالغير كما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالي: وقولوا للناس حسنا وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار, كما يجب أيضا أن تتقيد الدعاية ببرنامج عملي صالح للتطبيق يخاطب مشكلات الجماهير وسبل حلها, وأن يكون ذلك وفقا لجدول زمني يراعي الأولويات حسب أهمية المشكلة بالنسبة لجموع المواطنين, لأن هناك قاعدة قال بها أبن القيم مؤداها فحيثما تكون المصلحة فثم شرع الله وأن تكون الدعاية الانتخابية بغرض خدمة البلاد وصالح الوطن والمواطنين وليس لطلب الشهرة أو التفاخر أمام الناس بأنه كان مرشحا لرئاسة الجمهورية.
ويطالب الدكتور الجندي بالتوقف الفوري عن المزايدات الدعائية للمرشحين التي تستهدف كسب الأصوات علي حساب الإساءة للدين أو مصلحة الوطن وأن يلتزم المرشح في دعايته الانتخابية بالتعليمات التي تصدرها اللجنة المختصة, وإذا كان له أي ملاحظات عليها فيمكن أن يتقدم بشكوي أو طعن فيما يعتقد أنه صحيح, وألا يلجأ المرشح إلي تضليل الجماهير وبث الشائعات المغرضة والأقوال الكاذبة طمعا في الحصول علي أكبر تأييد ممكن. ويشدد الدكتور الجندي علي أنه إذا خالف المرشح عند الدعاية لنفسه أو برنامجه أيا من هذه الضوابط أو القيود فيمكن للجنة العليا للانتخابات الرئاسية أن توقع عليه العقوبة المناسبة مثل حرمانه من الدعاية لنفسه أو شطبه من الانتخابات, معتبرا ذلك من قبيل العقوبات التعزيرية التي تترك لتقدير اللجنة حسب ما يمنع المفسدة ويحقق المصلحة العامة للمجتمع وهي عقوبات جائزة شرعا.
تنافس شريف
ويعود الدكتور أحمد عمر هاشم ليحدد ملامح التنافس الشريف في الانتخابات الرئاسية, بما يتماشي مع مبادئ الشريعة الإسلامية محذرا من التجاوزات بين بعض المرشحين وأنصارهم أو البيانات والمنشورات التي تمس سمعة وسلوك المرشح المنافس ويقول: الشائعات والبيانات التي تنال من سمعة المرشح الآخر افتراء, والذي يحاول ان يكسب الأصوات بان يضعف المرشح الآخر بإطلاق شائعات كاذبة فهذا جزاؤه عند الله كبير, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أيما امرئ أشاع علي أخيه كلمة هو منها برئ حبسه الله في النار... فإطلاق الشائعات الكاذبة والمغرضة التي تنال من الخصم جزاؤه النار, وعلي المرشحين أن يتقوا الله في كل تصرفاتهم فالإسلام يأمر بالرأي والرأي الآخر, ويجب أن يلتزموا بكل الضوابط والمعايير الخاصة بالعملية الانتخابية بداية من وضع اللافتات والشعارات والشفافية وعدم الطعن وتناول الآخرين لأن كل إنسان لابد أن يحب للآخر ما يحب لنفسه, فنحن نري بعض المنتخبين يكيلون التهم للآخرين ويلقون الأيمان الباطلة, وتلك هي لعنة الانتخابات التي ربما تصيب معظم الناس ويجب أن نكون علي المستوي الأخلاقي والديني, وان يدرك الإنسان أن ماله سوف يأتيه وان ما يتحقق عن طريق الكذب يتحقق عن طريق الصدق فالصدق منجي, وليس المراد الحصول علي المنصب وتحقيق مآرب ومكاسب شخصية, وإنما يجب أن يكون المراد وجه الله وخدمة الناس والمجتمع حتي تتحقق العملية الانتخابية المرجوة وحتي نستطيع أن نقدم للناس والمجتمع شيئا وإذا كان غير ذلك فان هذا يتنافي مع تعاليم الإسلام.
حيادية إعلامية
ويري الدكتور سامي العوضي, أستاذ بكلية الإعلام جامعة الأزهر أن الدعاية الانتخابية لابد أن تتميز بالشرف والبعد عن تجريح المنافسين, وأن يعتمد كل مرشح في حملته الإعلامية علي برنامجه الانتخابي والوعود التي يستطيع أن يقدمها لأبناء الوطن, وتاريخه الشخصي والعلمي ليبين للمواطنين قدراته العلمية وخبراته, كما حذر من خطورة المنشورات والبيانات المسيئة التي قد يروجها البعض في محاولة لضرب المتنافسين, أو الحديث عن سلوكهم أو أعراضهم في وسائل الإعلام أو نشر بعض البيانات غير الصحيحة علي شبكة الإنترنت للنيل من سمعة بعض المرشحين لإضعاف موقفهم لأن كل ذلك يعد افتراء وظلما للآخرين ومن يفعل ذلك فجزائه عند الله شديد, مطالبا وسائل الإعلام بالحياد والموضوعية في تغطية نشاط وحملات المرشحين وعدم الانحياز لمرشح علي حساب آخر.
كيفية اختيار المرشح
إذا كان ما سبق هو الضوابط الفقهية للتنافس الشريف في الانتخابات الرئاسية, فان علماء الدين يقدمون النصائح والضوابط التي يتم علي أساسها اختيار من يصلح لقيادة الأمة, ويقول الدكتور محمد الدسوقي: أن منصب رئيس الجمهورية يعد من أهم المناصب, وهو القيادة العليا في هذه الدولة, لذلك ينبغي أن يكون اختياره ممثلا لتطلعات الشعب الذي اختاره وأن تتوافر فيه أهلية الوصول لهذا المنصب وهي الخبرة السياسية التي تتمثل في الوقوف علي السياسات الدولية باعتبار أن العالم أصبح حاليا مثل قرية صغيرة وكل ما يحدث في بلد يؤثر علي البلاد الأخري, وأن يكون متمتعا بالأمانة, والأمانة تعني المسئولية الكبري التي أشارت لها الآية الكريمة: إنا عرضنا الأمانة علي السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا وأن يكون هذا الشخص ذا كفاءة وقدرة علي قيادة المجتمع في كل الأزمات, وأن يراقب الله في كل قرار يتخذه, وأن يكون متوخيا للعدل والمساواة وتحقيق الأمن والاستقرار والحرية. وصفات ومؤهلات المرشح الرئاسي لدولة في حجم مصر بكل المشكلات التي يعانيها الشعب, يشترط لها الدكتور محمد الشحات الجندي الأمانة والعلم لقول الله تعالي علي لسان سيدنا يوسف: قال اجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم بمعني أنه كفء وعلي علم ودراية بالشئون المالية التي طلب أن يكون فيها خازنا علي بيت المال.
ويري الشيخ عبد الحميد الأطرش, رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الأسبق, أن الأخلاق الكريمة والسمعة الطيبة والوطنية, هي من أهم المعايير التي لابد أن تتوافر في الرئيس القادم ليكون قدوة طيبة لكل أبناء الوطن, ولذلك لابد أن يدرك الجميع أن المرشح الذي يشتري التوكيلات, ولا يتمتع بالقيم والأخلاق في الدعاية الانتخابية, لن يكون رئيسا صالحا ولن يحقق طموحات وآمال الأمة, قائلا: أن الرئيس القادم الذي يجب أن ننتخبه ونعطيه أصواتنا لابد أن يكون ملما بمشاكل الوطن مدركا للطموحات الكبيرة التي ينشدها أبناء الشعب المصري, وأن يتمتع بخبرة كبيرة تمكنه من القيام بمسئولية قيادة الوطن وتحقيق المساواة بين جميع المصريين, وصاحب ضمير, يشعر بالضعيف والفقير والمحتاج, وأن يكون أمينا شريفا يتمتع بحسن السمعة, يشهد له تاريخه بنظافة اليد والوطنية, وأن يكون صاحب رؤية تمكنه من رعاية مصالح البلاد والعباد, وأيضا لابد أن يتمتع بالحكمة التي تمكنه من التعامل مع الخارج بما يحقق مصالح الوطن ويجنبه المشكلات والأزمات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.