في الساعة السادسة من صباح يوم الاربعاء الماضي اتصل بي زميل صحفي من المتابعين للأحداث في ميدان رابعة العدوية. وكان صوته منزعجا جدا. قال لي إنه خرج لتوه من الميدان وأنه يشاهد الآن مجموعة كبيرة جدا من مصفحات الشرطة والجيش تحيط بالميدان ونزل منها عدد كبير من الجنود. سالته عن موقعه تحديدا فقال انه في شارع الطيران أمام محل كنتاكي وهو يبعد عن مدخل رابعة من ناحية الطيران حوالي 50 مترا فقط. فقلت له وهل هذه المدرعات موجودة في محيط رابعة بالكامل ام من ناحية الطيران فقط. فقال لي أنه سيقوم بجولة حول الميدان ثم يعاود الإتصال بي. وبالفعل بعد دقائق إتصل بي ثانية وكان صوته أكثر انزعاجا قال ان عملية الفض بدات بالفعل وانه يتم الآن اطلاق غاز كثيف جدا علي الميدان وان هناك من يفر الي خارج الميدان وقال لي ان عملية فض الميدان بدأت رسميا. منذ هذه اللحظة التي تعتبر فارقة وحتي الساعة مرت أحداث كثيرة ربما نعرف معظمها لكن هناك أحداث لم يتناولها أحد علي نطاق واسع واسئلة كثيرة تشغل بالنا نحاول الاجابة علي بعضها في هذا التقرير. عندما بدأت عملية فض ميدان رابعة العدوية كانت القنوات المساندة لمؤيدي مرسي تقوم بعملية بث حي ومباشر من الميدان. وكان المشهد اللافت ان منصة رابعة العدوية تستميت في جعل الناس يصمدون ولا يغادرون الميدان. ولكن مع استمرار عملية الفض وفتح طريق آمن لمن يرغب في الخروج خرج عدد كبير من المعتصمين. وفي هذه اللحظة غادر الدكتور صفوت حجازي والدكتور صلاح سلطان والدكتور محمد البلتاجي المنصة الرئيسية وذهبوا الي المركز الاعلامي بقاعة 2 بعد ان ادركوا ان فض الاعتصام سيتم لا محالة في هذا. السؤال الأن ماذا حدث لهذه القيادات بعد ذلك واين ذهبوا؟ وكيف قتلت أسماء البلتاجي ابنة الدكتور محمد البلتاجي؟ وأين يوجد الآن مرشد الاخوان الدكتور محمد بديع؟ الدكتور محمد البلتاجي وقبل ان يختفي بفترة قليلة كان متواجدا بالمركز الاعلامي وكان يدلي بحديث صحفي علي الهواء مباشرة مع مراسل قناة الجزيرة. واثناء الحديث بلغه خبر وفاة ابنته أسماء. والحقيقة ان الخبر كان صادما للجميع حتي لي رغم اني ضد جماعة الاخوان المسلمين فاسماء فتاة عمرها 17عاما. والحق ان البلتاجي رغم صدمته الا انه تلقي الخبر بثبات غريب وواصل حديثه لمذيع الجزيرة وفي نهاية اللقاء نعي ابنته وتوجه بعدها ليراها. أما كيف قتلت اسماء فشهود عيان وفيديو منسوب للواقعة يقول ان قناصا من جهة مجهولة أطلق النار عليها وقت ان كانت في وسط الميدان واصيبت في ظهرها فسقطت مكانها ولم تبارحه حتي تم نقلها جثة هامدة. الدكتور صلاح سلطان القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية يروي اللحظات الاخيرة لقيادات الاخوان في رابعة العدوية فيقول: كنا معا انا والدكتور صفوت حجازي والدكتور محمد البلتاجي. في المركز الاعلامي. الدكتور صفوت حجازي خرج أولا ولا أعرف الي اين اتجه وقد تحدثت معه هاتفيا في عصر ذلك اليوم وعرفت أنه بخير ولكن لم اعرف اين مكانه. أما الدكتور محمد البلتاجي فقد خرجت معه من المركز الاعلامي وغادرنا رابعة عبر الحارة الضيقة التي توجد خلف المركز الطبي لرابعة العدوية. وهناك افترقنا حيث توجهت ومن معي الي مسجد الايمان بشارع مصطفي النحاس حيث كنا نقوم بعملية تجميع جثث القتلي والمصابين حتي بلغ عددهم داخل المسجد حوالي 325 جثة وقمنا بكتابة الاسماء عليها ومع إعلان حظر التجوال واجهتنا مشكلة كبيرة أن أغلب المتواجدين في المسجد أغراب عن القاهرة سواء من وجه قبلي او بحري وهؤلاء تقطعت بهم السبل وهنا لجانا الي رواد المسجد وأخبرناهم بحقيقة الامر والحق يقال ان المعدن المصري يظهر دائما في الشدائد فقد وافقوا علي الفور علي استضافتهم وقاموا باحضار طعام وشراب لكل من بالمسجد. ثم حدث اتصال من قيادة أمنية بامام المسجد طالبا منه مغادرة كل من بالمسجد فقلت لإمام المسجد هذا ليس اعتصاما جديدا ولكنه فقط مركز لتجميع الجثث وسوف نغادر بعد تسليمهم لذويهم. هذا من ناحية ما قاله صلاح سلطان اما ما قالته قيادة امنية كبيرة فكان غير ذلك فا لاخوان استغلوا المسجد ليكون نقطة انطلاق جديدة لهم وقاموا بخلع بلاط الارصفة واغلقوا شارع مصطفي النحاس من الجانبين واعتصموا بالمسجد. والسؤال الاهم الذي طرحنه القيادة الامنية من اين اتي الاخوان بالجثث في مسجد الايمان هل حملوها معهم من رابعة الي المسجد كل هذه المسافة في الوقت الذي كان كل واحد منهم ينجو بنفسه. ومازالت هناك أسرار كثيرة حول رابعة العدوية لم تعرف بعد سنكشف عنها.