التظاهر والاعتصام من الوسائل التي توظف في حالات الاحتجاح والاعتراض علي امر أو قرار لولي الامر اتفق علي تعريفها واختلف كثيرا حول حدودها المشروعة والمسموح بها شرعا وقانونا وكذا المحظور فيهما شرعا وقانونا وساد مفهومهما الكثير من اللغط والشبهات بحسب طبيعة رؤية العلماء لطبيعة وحيثية كل قضية بأبعادها لكن الذي يمثل بعدا مهما في المسألة أن للتظاهرات أصل في شريعة الاسلام أعاده العلماء والفقهاء لما حدث عندما أسلم امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأمر الرسول.صلي الله عليه وسلم. بخروج المسلمين في اول ظهور علني علي المجتمع المكي في صفين علي رأس أحدهما عمر بن الخطاب وعلي رأس الآخر حمزة بن أبي طالب.رضي الله عنه. وكانت تلك أول مظاهرة في الاسلام والاصل الاول للتظاهر في الاسلام. البحث بداية عن الاختلاف الشرعي حولها.. باستعراض بسيط لأقوال فقهاء الامة المعاصرين في مشروعية التظاهر. يؤكد الداعية السلفي الدكتور عبدالرحمن عبدالخالق.الملقب بامام السلفية في مصر: المظاهرات في معرض الوسائل التي اتخذها رسول الله صلي الله عليه وسلم» لإظهار الإسلام والدعوة إليه. لما روي أن المسلمين خرجوا بعد إسلام عمر رضي الله عنه بأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم في صفين "إظهارًا للقوة" علي أحدهما حمزة رضي الله عنه. وعلي الآخر عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ولهم كديد ككديد الطحين. حتي دخلوا المسجد. ولم أر لذلك من هدف إلا إظهار القوة. وقد روي هذا الحديث: أبو نعيم في الحلية بإسناده إلي ابن عباس رضي الله عنهما وفيه:¢فقلت: يا رسول الله. ألسنا علي الحق. إن متنا. وإن حيينا؟ قال: ¢بلي. والذي نفسي بيده. أنكم علي الحق. إن متم. وإن حييتم¢. قال: فقلت: ففيمَ الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق. لتخرجن. فأخرجناه في صفين: حمزة في أحدهما. وأنا في الآخر. له كديد ككديد الطحين. حتي دخلنا المسجد. قال فنظرت إلي قريش. وإلي حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها. فسماني رسول الله صلي الله عليه وسلم يومئذي الفاروق. وفرَّق الله به بين الحق والباطل¢. ويري أن التشريع الإسلامي قد جاء بكثير من الشعائر» لإظهار عزة الإسلام والدعوة إليه. كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين. ورأيت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يأمر النساء الحيَّض وذوات الخدور أن يخرجن إلي المصلي يوم العيد. معللاً ذلك بقوله صلي الله عليه وسلم: ¢ليشهدن الخير. ودعوة المسلمين¢. ومن الخير الذي يشهدنَّه هو كثرة أهل الإسلام. وإظهارهم لشعائره. و أفتي الداعية الاسلامي السعودي المعروف سلمان بن فهد العوده بجواز أن يجتمع المسلمون للإعراب عن احتجاجهم بحيث تكون مظاهرة سلمية. وبعيدة عن مضايقة السكان. أو إزعاجهم. أو تعويقهم عن أعمالهم. ولا يكون فيها ارتكاب لما حرَّم الله من منكر بقدر ما يستطاع. ويمكن توظيف مثل هذه التظاهرات في خدمة قضايا الامة كالقضية الفلسطينية وغيرها ومن ثمراته أن يصل الرأي الإسلامي إلي الشعوب الغربية. التي طالما هيمن اليهود علي عقولها. وأوصلوا لها رسالة مضللة عن القضية. والأصل في مثل هذه الأمور الجواز. ولا تحتاج إلي دليل خاص. وقد ورد في السيرة أن المسلمين خرجوا في صفين. لما أسلم حمزة وعمر. ولكنه ضعيف. إنما يغني عنه أنه لا دليل علي منع مثل هذا. أو تحريمه. وإنما يمنع إذا ترتب عليه ضرر. أو فساد. وسيلة مساءلة أما الاستاذ بجامعة الازهر والداعية الاخواني الدكتور يسري هاني فيري أن المظاهرات وسيلة للمساءلة بمطالب الشعب. ورفع الظلم عن المظلومين والمقهورين. وما دام هذا هو الهدف- وهو هدف شريف-. وما دامت هذه المظاهرة تتم بمظهر حضاري. يبتعد عن العنف والتخريب» فهي عمل شريف يجوز شرعًا.. أما إذا كانت المظاهرة لغرض آخر غير شرعي. ويخالف الشرع فهو لا يجوز... وذلك طبقًا للقاعدة الشرعية التي تقول ما دام الهدف شريفًا والوسيلة لا تتعارض مع الشرع.. فهذه الوسيلة حلال وتجوز.. أما إذا كان الغرض غير شريف ومحرم شرعًا. فإن الوسيلة لا تجوز. ويري الدكتور مصطفي مراد.أستاذ الاديان بجامعة الازهر. أن المظاهرات جائزة شرعا والتزامها السلمية ضرورة شرعية ايضا وخروجها عن الاطار السلمي مخالفة شرعية يجب عدم الوقوع فيها.. موضحا ان للتظاهر والاعتصام ضوابط يجب عدم تجاوزها حتي لا تتسبب في الفوضي. والفتنة واهدار حرمة الدماء وترويع الآمنين وتهديد مصالح المواطنين. قال : من المفاهيم الخاطئة فيما يرتبط بالتظاهر والاعتصام أن يوظفها البعض في الاعتداء علي القوات النظامية وتطويرها لتصبح مواجهات ووسائل عنف. وتوظيف ضعاف النفوس و استغلال التجمعات الكبيرة في نشر الفوضي. والاعتداء علي الحرمات وكلها امور يظن مرتكبيها انهم سيفلتون من العقاب نظرا لارتكابهم تلك الجرائم في الزحام متناسين أنهم لن يفلتوا من عقاب السماء والحساب الالهي الذي لن يخطئ عقاب كل من ارتكب ذنبا في حق انسان. وان من اشد ما يعاقب الله عليه في الدنيا والآخرة من ينتهكون حرمة الماء.