* يسأل دكتور أحمد محمد كمال من الاسماعيلية: عن بقاء الأجهزة الطبية متصلة بمريض لا أمل في شفائه.. وهو ما يقال عنه أنه مات "إكلينيكياً" لكن الجهاز يبقيه علي قيد الحياة.. هل يجوز أن أفصل عنه أم لا يجوز وأبقيه حتي يموت. مع العلم أن ذلك قد يستمر فترة طويلة. وله تكاليف باهظة؟ ** أجاب د.علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: هناك قاعدة ينبغي أن نفهمها جيداً من أجل الإجابة الوافية عن هذا السؤال الدقيق الخطير في الوقت نفسه. لأنه سؤال يتعلق بروح الإنسان.. وهذه مسألة ليست طبية فقط. بل هي بقدر ما هي طبية دينية وأخلاقية ايضا.. هي كما نري مسألة حياة أو موت.. والقاعدة التي نريد أن نفهمها هي أن التداوي "في أصله" ليس بواجب. وكلمة في أصله نضعها في دائرة لأنها مهمة جداً في الفهم. فالتداوي مندوب إليه. يعني عندما أتداوي سآخذ ثواباً من الله.. "لكل داء دواء". و"ما خلق الله داء إلا خلق له الدواء".. وجملة "في أصله" تعني أنه من الممكن أن يصبح التداوي واجبا في حالات معينة. وهي إذا ما كنت قادراً علي التداوي. ولذا كان عدم التداوي سيؤدي إلي هلاكي أو إلي ضياع حياتي أو ضياع منفعة من عضو من أعضائي.. فحينئذ يجب التداوي.. إنما التداوي في أصله مباح. مثل الزواج في أصله مندوب وليس واجباً. لكن قد يكون الزواج واجباً في بعض الحالات.. وهكذا كثير من الاشياء يكون في أصله فيه حكم ثم ترد حالة عليه فيتحول من حكم إلي حكم آخر.. فالتداوي في أصله مندوب وليس واجباً.. ومن هنا أنا أحمل مسئولية ذلك المريض للطبيب.. فبالنسبة للرجل الذي يتصل بالأجهزة أمامي أسال الطبيب عن حالته. هذه الحالة التي أمامي. أنا غير قادر علي استمرار الأجهزة. وغير قادر علي دفع تكاليف الأجهزة. لو فصلت هذه الأجهزة عنه فهل هناك أمل في حياته بدونها. فلو قال الطبيب: نعم. هناك أمل أن يعيش بدونها. لكنه أمل ضيئل. أقول له: إذن افصل الأجهزة وإذا اراد الله شفاءه يشفيه. وإذا لم يرد شفاءه فالأمر لله. أما إذا قال الطبيب: بقاء الأجهزة يساعد علي الحياة. يساعده علي الاستمرار. وربما اثناء هذا يمكن أن تعود إليه انشطته وأعمال أجهزته.. فأقول له: إذن دع الأجهزة تعمل. ويجب أن تبقيه. أما إذا قال: هذه جثة هامدة. والأجهزة فقط تدخل له النفس قصراً وتخرجه قصراً وتجعل الدورة الدموية تعمل قصراً وقلبه يدق قصراً.. أقول له: إذا لا حاجة لي فيه. هذه تكلفة لا فائدة منها. ولو بقي علي هذه الحالة 20 عاماً طالما أنه لن يخف. لن يشفي.. إذن لا جدوي من الأجهزة.. هذا الذي يحدده هو الطبيب الموثوق به. هو الذي يقول وليس أنا.. إذن أنا كشخص أبين أحكام الله أبين أن التداوي "في أصله" حتي لا يختلط علي الناس الفرق بين التداوي الواجب والتداوي المندوب. فالتداوي قد يكون واجباً في بعض الأحيان. لكنه في أصله هو مندوب. ولذلك كل يفعل قدر استطاعته. فلو فرض أنني لا أستطيع شراء الدواء الغالي. فيمكن أن اشتري الدواء الأقل ثمناً. ويمكن ألا أشتري الدواء مطلقا. ولا أكون آثما. لأنه لا يجوز أن أسرق مثلا من أجل التداوي. لا تسرق من أجل أن تتداوي. أؤ من أجل أن تداوي ولدك أو أمك أو أختك أو أخاك.. التداوي بحسب المقدرة. ومن هنا كان التداوي "في أصله" مندوباً. ومن هنا تأتي الاجابة عن هذه الحالة. وهي إجابة تفصيلية بمعني أنه ليس في كل حالة نستطيع رفع الجهاز. وليس في كل حالة تستمر الأجهزة والذي ينصح بهذا هو الطبيب.