* تسأل سلمي محمد محمود من الشرقية: هل للاعتكاف فترة محددة للمكث في المسجد؟ ** يقول الإمام الأكبر د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق: الاعتكاف في اللغة: الحبس والمكث ويقال اعتكف فلان في مكان كذا إذا حبس نفسه فيه وفي الشرع: الإقامة في المسجد علي هيئة مخصوصة بنية التقرب إلي الله تعالي. وهو سنة ويتأكد في العشر الأواخر من رمضان لمن كان مستطيعا لذلك ويصير واجبا إذا أوجبه الإنسان علي نفسه بأن نذر أن يعتكف يوما أو يومين ففي هذه الحالة أصبح واجبا عليه لأن الوفاء بالنذر واجب. ودليل مشروعيته: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واجماع المسلمين. أما دليل مشروعية الاعتكاف من القرآن فقوله تعالي: "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها" البقرة .187 أي: ولا تجامعوا أيها المؤمنون زوجاتكم خلال اعتكافكم في بيوت الله تعالي واحذروا أن تخالفوا تلك الأحكام التي حددها الخالق عز وجل لكم. وأما دليل مشروعية الاعتكاف من السنة النبوية المطهرة فيشهد لذلك ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان صلي الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان..". وقد أجمع المسلمون علي أن الاعتكاف فضيلة ينبغي للمسلم أن يقوم بها متي كان قادرا علي ذكل لأن الاعتكاف يزيد النفس الإنسانية صفاء ونقاء وحسن صلة بالله عز وجل. شروط صحة الاعتكاف: النية: لأن الأعمال بالنيات كما جاء في الحديث الصحيح والطهارة من الحدث الأكبر فلا يصح الاعتكاف من جنب ولا من حائض أو نفساء وأن يكون الاعتكاف في المسجد لقوله تعالي: "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد" إذ لو كان الاعتكاف في غير المساجد جائزا لما كان لهذا التخصيص فائدة كذلك اشترط الأحناف الصوم في الاعتكاف المنذور. واشترط المالكية الصوم في الاعتكاف المنذور والتطوع. أما الشافعية والحنابلة فلم يشترطوا الصوم لصحة الاعتكاف ويجوز للمرأة الاعتكاف بعد أخذ الإذن من زوجها أو من ولي أمرها واعتكافها يكون في المسجد أيضا ولكن في مكان خاص بها فقد كان أزواج النبي صلي الله عليه وسلم يعتكفن في المسجد وفي أماكن خاصة بهن. مبطلات الاعتكاف: يفسد الاعتكاف بالجماع ويحرم علي المعتكف أن يفعل ما يؤدي إليه كالتقبيل وما يشبهه كما يفسد الاعتكاف بالخروج من المسجد دون ضرورة تدعو لهذا الخروج. أما الخروج لضرورة كصلاة الجمعة أو كقضاء حاجة طبيعية كالبول والغائط والاغتسال وشراء ما يلزمه شراؤه لمأكله أو مشربه فلا يبطل الاعتكاف. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان صلي الله عليه وسلم إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان". ويباح للمعتكف أن يأكل وأن يشرب وأن ينام في المكان الذي هو محل اعتكافه ولا بأس بحديثه مع غيره في أمور أحلها الله وتقتضيها حاجات الحياة إلا أنه ينبغي للمعتكف أن يشغل اعتكافه بقراءة القرآن وبذكر الله تعالي وبمطالعة العلم النافع وبكل قول طيب وعمل صالح. كما ينبغي له ألا يشغل نفسه بالأعمال الدنيوية من بيع وشراء وتجارة لأن ذلك لا يتناسب مع الأهداف السامية التي اعتكف من أجلها وهي التخفف من كل ما يشغله عن طاعة الله تعالي. هذا وليس للاعتكاف مدة معينة فهو يتحقق ولو لمدة يسيرة وما دام قد نوي أن تكون هذه المدة التي يقضيها في المسجد اعتكافا وذلك من فضل الله تعالي ورحمته بعباده. وهذا بالنسبة للاعتكاف المطلق أما إذا نذر أن يعتكف لمدة يوم أو يومين أو أكثر فعليه أن يوفي بنذره.