المعروف أن المسلمين يرون في مشايخهم صورة ولو بسيطة من رسول الله فتكون صدمتهم كبيرة عندما يكتشفون أن ذلك سراب ووهم ومجرد خُطب محفوظة مسبقاً! لقد دخل رجل مسجد رسول الله ولم يكن مخموراً ولا يكن مجنوناً ومشي إلي القبلة ووقف قبالتها وراح يتبول فيها بينما الرسول يعطي درساً لصحابته.. فلما همَّ الصحابة من مكانهم ليؤذوا الرجل استوقفهم الرسول قائلاً برحمته وسماحته في الحديث الشريف وكما ورد في صحيح البخاري - الجزء "4" ص "114" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن أعرابيا بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا به فقال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم : "دعوه وهريقوا علي بوله ذنوبا من ماء -أو سجلا من ماء- فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" أي"لا تقطعوا عليه بولته فتؤذوه" و عندما انتهي الرجل قال الرسول: هريقوا عليه دلواً من الماء.. فنظر إليه الرجل متعجباً. متسائلاً ولو بينه وبين نفسه: هل هناك مخلوق علي وجه الأرض يتحمل لهذه الدرجة وأصحابه حوله قادرون علي الفتك به وهو ليس علي دينهم ويقوم بالنصح بكل هذا الصبر؟! بعد ثوان من الصمت المتأمل قال الرجل: - يا محمد علمت أنك بالمؤمنين رءوف رحيم فقلت هذا منطقي فلما علمت أنك رحمة للعالمين استغربت ذلك فأردت أن أتيقن من حقيقة هذا القول وأنا واحد من العالمين آذيتك في مشاعرك وفي بيت الله الذي تحترمه وتقدره وأنا علي غير الدين فما هذه الرحمة؟! أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده و رسوله . بل إن معظم الصحابة الذين بُشروا بالجنة آذوا النبي قبل إسلامهم وعلي رأسهم عمر بن الخطاب. لكن النبي عفا وأصلح وكان أجره علي الله. و هو ما حدث مع أهل مكة بعد عودته إليها عندما قالوا له: - أخى كريم و ابن أخي كريم - اعتبر ذلك نوعاً من الاعتذار ولو لم يكن الاعتذار صريحاً واضحاً. فلم يتردد في أن يقول لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" عفا الله عما سلف. كأن لم يكن. هل يتأسي العلماء بحضرة النبي؟ هل يجد الناس عندهم المأوي إذا خافوا. والفتوي إذا فعلوا. والنصيحة إذا تجاوزوا. والعفو إذا أخطأوا حتي لا يظن المسلمون أن الإسلام انتهي بوفاة الرسول ؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله.