أكد الخبراء والمتخصصون أن التطاول علي الملتحين والمنتقبات في الشارع يعد تطوراً خطيراً في المجتمع المصري وينذر بكارثة حقيقية ان لم يلتفت لذلك. وأوضحوا أن تلك السلوكيات الغريبة نتيجة طبيعية للحشد والتعبئة التي قامت بها وسائل الإعلام وربط ذلك بالأحداث التي وقعت هنا وهناك مطالبين الجميع بالتعقل والابتعاد عن الهوي. عقيدتي تحاورت معهم وسجلت أسرارهم كما يلي: قال الدكتور عبدالفتاح عبدالغني العيواري أستاذ ورئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: ليس كل من يلتزم بآداب الدين ويتمسك بمحاور الهدي النبوي في إطلاق اللحية امتثالاً لأمر النبي صلي الله عليه وسلم واقتداء بسنته أن يكون مجرماً وإلا سنتشكك في علمائنا وتصبح الأمور فوضي عارمة.. كما أنه لا يجوز شرعاً أن يؤخذ إنسان بجريرة غيره فمن اقترف ذنباً وثبت ذلك عليه بالحجة والبرهان لابد أن يعاقب. فالقاعدة تقول: "لا تزر وازرة وزر أخري".. فلا ينبغي لكائن من كان أن يعتدي علي رمز التدين سواء كان رجلاً أو امرأة إنما يحاسب من ثبت انحرافه وتورطه وجرمه وعمله لغير صالح الوطن فهذا لابد أن يوقع عليه أقصي العقاب أما أن نطلق العنان للنيل من كل من هو مظهره يوحي بالتدين.. فهذا خلط للأمور ومهاترات غير مقبولة وهذا هو الجرم بعينه.. كما أنه لا ينبغي لعامة الناس أن ينظروا للمتدينين كافة نظرة ارتياب. في حين أن هناك رجالاً يطلقون لحاهم ونساء يرتدين النقاب وينتمين لجماعات متطرفة ويقومن بأعمال إجرامية لمجرد الإساءة للدين والنيل من رجاله الحقيقيين. تجاوزات مقبولة أوضح أن مثل هذه التجاوزات التي تحدث في الشارع المصري أمر طبيعي مع كل ثورة ناهيك عن أن تكون متعلقة بمن كان يحمل شعاراً دينياً في ثورته وعمله السياسي هذا مع وجود فئة من الناس تؤمن بأن الدين لا يصلح للسياسة.. لذا لا عجب من هذه التصرفات غير السوية أن تصدر من البعض سواء من عامة الناس أو ممن يملكون أمر الضبطية القضائية لكن حينما تستقر الأمور وتهدأ الأجواء ستعود الأمور لطبيعتها الأولي سنفرق بين سائر الناس. خلل مجتمعي وأشار الدكتور عبدالعظيم السعيد أستاذ أصول التربية بجامعة المنصورة إلي وجود خلل كبير في منظومة المجتمع التربوية والأخلاقية هي التي نتج عنها هذا السلوك المشين تجاه بعض الناس في الشارع المصري بلا ذنب اقترفوه وبعض وسائل الإعلام لعبت دوراً كبيراً في تأجيج الفتنة حيث راحت تصب جام غضبها علي كل ملتح أو منتقبة واصفة إياهم بالإرهابيين والقتلة وهذا ما شحن الناس البسطاء تجاه بعضهم البعض في الأماكن العامة حيث راح بعض الملتحين لا يأمنون علي أنفسهم في السير في الشارع المصري وقرر البعض منهم حلق لحيته حفاظاً علي نفسه ليس من القتل والنيل منه بقدر ما هو حفظاً لكرامته وعدم سماعه كلمة تؤذي مشاعره وتشكك في تدينه. أرجع د.عبدالعظيم هذه السلوكيات غير السوية إلي القصور الواضح في فهم الناس لصحيح الدين واختفاء الضوابط والمعايير التربوية التي تهذب النفس وتقوم السلوك وهذا بسبب غياب دور المؤسسات التربوية من مدرسة وجامع ومؤسسات دينية من جامع وكنيسة وعدم قيامهم بدورهم في تهذيب الناس وتقويم سلوكهم. الدين الوسطي أوضح أن آلية التصدي لهذا السلوك المشين تكون بزيادة الوعي بين الناس وأن تقوم الأفلام الأمينة ووسائل الإعلام المرئية بدورها الوطني في تبصير الناس بحقائق الأمور ونشر الدين الوسطي المعتدل البعيد كل البعد عن التطرف والمغالاة والذي يدعو لتقبل الآخر ودمجه داخل نسيج المجتمع فاصة أن المجتمع يتسم بالتمسك والتسامح ولا يلفظ أياً من أبنائه رغم هذا الاحتقان في الشارع الناتج عن الفعل الضار وما ترتب عليه من رد فعل أكثر ضرراً مؤكداً أن التشاحن والتفاؤل ليس من سمات المصريين إنما هي ثقافة وافدة من بعض دول الجوار سرعان ما ستذوب وتنتهي بعد فترة قليلة. خلط الدين بالسياسة ووافقته الرأي دكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس قائلة: هذه الحالة من الاستنساخ والتشرذم والتصنيف بين أبناء الوطن وتطاول البعض علي أصحاب اللحي ومرتديات النقاب نتجت عن خلط السياسة بالدين وهذه جريمة القائمين بالأمر.. السياسة فقد أضروا الدين وأساءوا لغيرهم من المتدينين الحقيقيين والبسطاء دون جريرة ولاقتلاع هذه المفاهيم المغلوطة وتصحيح مسار المجتمع لابد من نشر الدين ااالصحيح الوسطي وكشف حقيقة هذه الجماعات الإرهابية التي ارتدت عباءة الدين لاستقطاب الناس وتحقيق أهدافها وهي بذلك أساءت لكل من هو متدين ووصفتهم بأبشع الصفات وهذا لا يتحقق في وقت قصير إنما سيأخذ وقتاً طويلاً ليستعيد المجتمع انسجامه وتناغمه بين أبنائه المختلفين فكرياً وعقائدياً وسياسياً. الحشد الإعلامي أكد الدكتور جمال النجار أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر علي أن الحشد والتعبئة الذي قامت به وسائل الإعلام في صورة ذهنية للملتحين بأنهم إرهابيون وقتلة وربطه ذلك بالأحداث خاصة صورة الرجل الملتحي الذي قام بإلقاء الأطفال من فوق أحد الأسطح بالإسكندرية هو ما أدي إلي هذه النظرة المتدنية للملتحين وهو ما دفع البعض للتشاحن معهم في وسائل المواصلات المختلفة وسبهم بأبشع الألفاظ.. وهذه هي الفتنة الحقيقية التي نعيشها وهي ما خلفها لنا نظام الإخوان.. وهذا يتطلب القول إننا بحاجة ماسة لمراجعات فكرية وثقافية وعدالة وموضوعية وحياد في المعالجة الإعلامية وعدم التحيز لطرف دون آخر. فهذا الدور الخطير الذي مارسته وسائل الإعلام علي مدي عام كامل هو ما أثار الفتنة والانقسام داخل المجتمع المصري وهو ما دفع عامة الناس للتهكم والنيل من كل إنسان ملتح أو امرأة منتقبة ومن هنا تدق ناقوس الخطر لأن الوضع لو استمر ولم تعالج آثاره نتج عنه القتل علي أساس الهوية وهذا أمر في منتهي الخطورة أن يقتل رجل لمجرد مظهره وهيئته.. لذا أدعو كل إنسان أن يتقي الله ويحكم عقله ولا ينجرف وراء الشائعات المغرضة التي تريد انقسام المجتمع وتقاتل أبنائه. ولابد من عمل مصالحة وطنية عاجلة حفاظاً علي أمن مصر واستقرارها تكون من علماء مجردين عن الهوي وغير متحزبين لأي حزب أو جماعة يكون هدفهم الأول رأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين المنقسمين ولكن البداية مع القيادات ثم يعمم الأمر علي القاعدة العريضة من أبناء الشعب المصري. تطور خطير أما الدكتورة أمينة كاظم أستاذ علم النفس التربوي بجامعة قناة السويس فتري أن هذا تطور خطير في المجتمع المصري الذي يتسم بالسماحة وانتقدت التطاول علي المنتقبات ونقدهن نقداً صارخاً غير موضوعي لمجرد ارتداء لنقاب أو لمجرد الاختلاف مع من كانوا في سدة الحكم. أضافت: هناك أناس كثيرون غير مسلمين ويطلقون لحاهم فليس كل صاحب لحية متطرفا أو إرهابياً فلابد من نزع هذا الفكر المعوج من العقول ويقيم الإنسان علي أساس سلوكه مع الناس وأسلوبه في التعامل معهم وليس علي أساس امعتقد والفكر.