* يسأل عبدالحليم عكاشة من القاهرة: نسمع الآن العديد من الآراء والفتوي التي تؤكد الجمود فهل الفتوي تتغير بتغير الزمان أم هي جامدة لا تتغير؟ ** يقول الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: الشريعة الإسلامية بأحكامها المستوحاة من الأصلين الكريمين: القرآن والسنة صالحة لكل زمان ومكان وحال وعرف. وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء نوعان: نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها الا بحسب الأزمنة والأمكنة ولا باجتهاد الأئمة. كوجوب الواجبات وتحريم المحرمات والحدود المقررة بالشرع علي الجرائم ونحو ذلك من الأحكام. ونوع آخر يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زمانا ومكانا وحالة كمقادير التعزيرات وأجناسها وبعض الفروع والأمور الخلافية. ومن الأدلة علي تغيير الأحكام بتغير الزمان والمكان والحال. من القرآن الكريم والسنة المطهرة والآثار. أولا: من القرآن الكريم قال تعالي: "يا أيها النبي حرض المؤمنين علي القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا..." "الآيتان: 65.66 من سورة الأنفال" ذكر الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار عند تفسيره لهاتين الآيتين: أن هاتين الآيتين مثال وأصل في تغيير الفتوي بتغير الزمان والمكان والحال. حيث ان الآية الأولي مقيدة بحال القوة والآية الثانية مقيدة بحال الضعف. فالآية الثانية تشرع لحالة معينة غير الحالة التي جاءت لها الحالة الأولي. ورأي الشيخ له وجاهته ويمكن الاستدلال به فيما استدل به. وإن كان اكثر المفسرين يعدون أن ما في هاتين الآيتين من قبيل النسخ في القرآن الكريم. ثانيا من السنة المطهرة: عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه قال: قال النبي - صلي الله عليه وسلم - من ضحي منكم فلا يصبحن بعد ثلاثة أيام ويبقي في بيته منه شيء. فلما كان العام المقبل قالوا يارسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي؟ قال: كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد - أي شدة - فأردت أن تعينوا فيها - رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ومالك في الموطأ. ففي هذا الحديث النبوي الشريف نهي النبي - صلي الله عليه وسلم - الصحابة المضحين أن لا يبقوا من لحوم الأضاحي شيئاً بعد ثلاثة أيام من ذبحها يوم النحر وذلك بسبب الجهد الذي أصاب الناس حتي قدم الأعراب من البادية الي المدينة من أجل طلب المعونة والمساعدة. فلما انتهت هذه الشدة وجاء العام التالي أذن النبي - صلي الله عليه وسلم - للمسلمين أن يأكلوا من الأضاحي ويدخروا لأهليهم ويطعموا الفقراء كما يشاءون. ثالثا: من الاثار المروية. 1- أسقط عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حد القطع عن السارق في عام المجامعة نظرا لما أصاب الأمة في هذا العام من الشدة. 2- معلوم أن الإمام الشافعي عند قدومه الي مصر قادماً من العراق رجع عن رأيه في بعض المسائل الفقهية وذلك نظراً لتغير البيئة والأعراب والعادات. وبعد اطلاعه علي فقه الإمام الليث بن سعد الذي كان فقهه شائعاً في مصر قبل قدوم الإمام الشافعي إليها. فتغيير الفتوي بتغير الزمان والمكان والحال جائز إذا تحققت المصلحة الشرعية. وفي ماليس فيه نص قطعي الدلالة والثبوت. وباجتهاد العلماء من ذوي الاجتهاد.