أعرب الدكتور إيهاب عبدالحليم أبوعمر مدرس الحديث بكلية أصول الدين عن حزنه الشديد من تجاهل الأزهر لأبناء القارة السمراء رغم شوقهم وحبهم الشديد لعلماء الأزهر الشريف وهذا مما شجع علي انتشار الأفكار المغلوطة المنافية للدين وترويج بعض الفتاوي المتطرفة وإنسابها لعلماء معتدلين. أعلن عن عزمه التفرغ للدعوة في افريقيا ونشر صحيح الدين "عقيدتي" تحاورت معه حول الدعوة في افريقيا - حيث إيجابياتها وسلبياتها وتجربته الدعوية هناك فماذا قال؟! * بداية نود التعرف علي سبب اختيارك لنيجيريا لتدعو فيها؟ ** الأعمال الإجرامية التي ترتكبها جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا واختفاؤها تحت رداء الدين الإسلامي هو السبب الأول لذهابي إلي نيجيريا لأراهم علي أرض الواقع وأتحاور معهم وأحاول إثناءهم عن أفكارهم وتبصير الناس بحقيقتهم وأنهم لا ينتمون للإسلام والدين الحنيف منهم بريء. * وهل نجحت في ذلك؟ ** لقد كانت المفاجأة الكبري بالنسبة لي عندما وطأت قدماي أرض نيجيريا وتجولت داخل قراها ومدنها والتقيت بآلاف الناس هناك المسلمين والمسيحيين والبوذيين علي حد سواء الذين أكدوا أنهم يسمعون عن هذه الجماعة من وسائل الإعلام مثلنا تماما. فعرفت أن بوكو حرام ما هي إلا صناعة إعلامية لترهيب الناس وتخويفهم والإساءة في ذات الوقت إلي الدين الإسلامي وإلباسه رداء التطرف والإرهاب. المسلمون في نيجيريا * بالرغم من أن عدد المسلمين في نيجيريا يفوق عدد المسيحيين إلا أنهم لا يتمتعون بممارسة كل حقوقهم السياسية فهل لمست ذلك في زيارتك لها؟ ** صحيح أن المسلمين في نيجيريا يمثلون 54% من إجمالي عدد السكان و2 أو 3% بوذيين والباقي أقباط فالدولة رسمياً مسلمة لكن واقعياً قبطية ووجود أكبر كنيسة في العالم في نيجيريا صبغ عليها هذه الصبغة كما أن رئيس الدولة قبطي ومؤسسات الدولة في أيدي الأقباط والإعلام يسيطر عليه غير المسلمين والمسلمون هناك لا يمارسون حقوقهم السياسية كما ينبغي. * هل هناك تضييق علي المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية؟ ** في حقيقة الأمر هذا لم يحدث علي أرض الواقع فالمسلمون يمارسون كل شعائرهم بحرية تامة كما أن الجماعات الإسلامية المختلفة منتشرة انتشاراً غير عادي في كل نيجيريا فهناك نشاط ملحوظ لجماعة أنصار السنة والسلفيين والإخوان المسلمين وجماعة الجهاد وجماعة التبليغ والهجرة وهؤلاء يقومون بدورهم في تبصير الناس بأمور دينهم والرد علي استشاراتهم دون فرض قيود أو ضوابط. * هل ذهبت إلي نيجيريا بصفة رسمية وبتكليف من الأزهر الشريف؟ ** حقيقة ذهبت إلي نيجيريا بصفة شخصية وبوازع داخلي ولم يتم تكليفي من الأزهر بالذهاب كما أنني ذهبت علي نفقتي الخاصة ورغم أنها كانت مكلفة للغاية إلا أنني احتسب ذلك لوجه الله تعالي وأتمني أن يكون في ميزان حسناتي. * كيف تم استقبالك هناك؟ ** لقد استقبلت بحفاوة بالغة سواء علي مستوي القيادات الدينية هناك أو علي مستوي الشعب النيجيري نفسه.. فبمجرد أن شاهدونا ونحن نرتدي الزي الأزهري أقبلوا علينا ورحبوا بنا فهناك تقدير بالغ لعلماء الأزهر في نيجيريا لكن الأزهر دوره ضعيف للغاية وتواجده ضئيل فلا يصدق أن دولة بحجم نيجيريا ليس بها سوي 48 عالماً من علماء الأزهر وهذه نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بجهود الكنيسة هناك وعمليات التنصير المثمرة للمسلمين.. ويا ليت الأزهر يتنبه لهذا جيداً ويؤدي دوره كما ينبغي. * كم يومًا قضيته في نيجيريا وما هو حال المسلمين هناك؟ ** لم أقض سوي ثلاثة عشر يوماً تجولت فيها في قري ومدن نيجيريا المختلفة ومن أغرب ما لفت نظري هو التزام المسلمين هناك فبمجرد الإعلان عن الصلاة لا تري إنساناً يسير في الشارع الجميع يتوجه إلي المسجد لأداء الصلاة في جماعة من تلقاء أنفسهم ودون وازع من أحد عكس بعض الدول العربية كما أنني تعجبت كثيراً فلم أر إنساناً واحداً يدخن في الشارع وهذا الشيء أسعدني كثيراً ودل علي أن الإسلام والإيمان وقر في قلوبهم ولم يكرههم عليه أحد. قرية بوذية * هل زرت أي مدينة أو قرية غير مسلمة؟ ** بالطبع أنا كنت حريصاً علي زيارة القري الوثنية وهي كثيرة. فهناك قري بأكملها تعبد الشجر والحجر والشمس والقمر وبمجرد أن تتحدث معهم عن الإسلام وسماحته ومبادئه الأساسية يعلن الجميع حبه لهذا الدين ورغبته في الدخول فيه وأتذكر أنه أثناء زيارتنا لاحدي القري البوذية مكثنا ما لا يزيد علي نصف ساعة مع سكان هذه القرية وفوجئنا بالجميع يشهر إسلامه وهذا كان بمثابة نصر لنا ونجاح لكن بكيت علي تقصيرنا في حق هؤلاء الذين سيشكوننا إلي الله عز وجل لأننا لم نقم بواجبنا تجاههم في تبصيرهم بالدين وعرضه عليهم.. من هنا عزمت أن أهب حياتي كلها لدعوة أبناء الدول الافريقية للإسلام حتي ولو انفقت في ذلك كل مالي. معوقات الدعوة * خلال هذه الزيارة الصغيرة هل وجدت أي معوقات تعوق الداعية عن القيام بدوره؟ ** هناك عدة معوقات أولاها وأهمها هي اللغة فاللغة تقف حائلاً أمام دعاة المسلمين في كل البلاد الافريقية وليس في نيجيريا وحدها فملايين البشر في افريقيا يتحدثون لغة "الهوسة" ونحن لا نجيدها ولا نعرف عنها شيئاً وهذا يسبب لنا عزلة عن افريقيا.. لذا أطالب الأزهر الشريف بتعريف الدعاة بهذه اللغة وتدريبهم عليها وإن تعثر ذلك فعليه استضافة بعض الدعاة الأفارقة وتدريبهم في مصر لنشر رسالة الأزهر هناك.. بالإضافة إلي هذه المشكلة هناك مشكلة أخري وهي انتشار بعض الفتاوي التكفيرية لغلاة الدعاة هنا وانتشار كتبهم هناك وتداولها بين عامة الناس وكنت في حيرة من أمري عن سبب تواجد هذه الكتب وإنسابها لأهل السنة والجماعة والترويج لكتاب هذه الكتب علي أنهم من علماء الإسلام المعتدلين الوسطيين.. لكن للأسف لم تتح لي الفرصة كاملة لتصحيح هذا المعتقد المغلوط وهذا ما سوف أسعي لمواجهته في زيارتي القادمة.