في جو فريد من المشاعر الدافئة والاحترام المتبادل تم تسليم رئاسة دار الافتاء من الدكتور علي جمعة المفتي السابق إلي الدكتور شوقي إبراهيم علام المفتي الجديد وبحضور ممثلي هيئة كبار العلماء وأكبر أزهري معمر ليرسي الجميع مبدأ تواصل الأجيال في إطار عمل مؤسسي غير مرتبط بأفراد. بدأ الاحتفال بمقابلة حارة بين المفتي القديم والجديد ودخلا في مكتب ودار بينهما حوار باسم ثم بدأ توافد الضيوف وعلي رأسهم الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية والمستشار الفني للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والدكتور محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء والشيخ معوض عوض إبراهيم أكبر أزهري معمر يبلغ من العمر مائة عام ميلادي. ووسط هذا الجو تم السماح للمصورين بالتقاط صور بين المفتيين وسط حضور إعلامي كبير ثم بدأت وقائع المؤتمر الصحفي الذي شهد مشاعر فياضة عبر فيها كل من المفتيين عن مشاعره الصادقة تجاه الآخر حتي أن الدكتور علي جمعة قال للدكتور شوقي علام "سيدي المفتي" في حين قال المفتي الجديد للقديم "قد أتعبت من يأتي بعدك" فما كان من الدكتور علي جمعة أن شد علي يد المفتي الجديد أن يواصل بناء المؤسسة الإفتائية لتحتفظ بعالميتها وأوصي العاملين معه من مختلف الأجيال بمواصلة العطاء والتعاون مع المفتي الجديد لأن المناصب زائلة ومصر الأزهر هي الباقية وعلي الجميع التسابق والتفاني في خدمتها. بدأت وقائع الاحتفال بكلمة مايسترو دار الإفتاء الدكتور إبراهيم نجم الذي أبدي استفادته الكبيرة من العمل مع المفتي السابق الذي حول دار الإفتاء إلي مؤسسة عالمية نالت احترام وتقدير مختلف المؤسسات الدولية وعلي رأسها الأممالمتحدة بالإضافة إلي دورها في خدمة الإسلام والمسلمين والتواصل مع غير المسلمين تحدث الدكتور علي جمعة فأكد أن وظيفة الإفتاء في مصر بدأت رسمياً منذ 700 سنة وبدأ تسجيل الفتاوي منذ 200 سنة وبدأ وضعها في سجلات دار الإفتاء منذ 120 سنة ولهذا فنحن في مؤسسة عريقة لم تنفصل يوماً عن الأزهر ولم تقصر في خدمة البلاد والعباد عبر الأجيال. دعا الدكتور علي جمعة المفتي الجديد إلي العمل علي مواصلة احتفاظ دار الإفتاء بدورها العالمي والإقليمي رغم اختلاف الأديان والمذاهب وقد جاء هذا المؤتمر ليرسي قيمة متجددة وهي احترام المؤسسية وأن الأعمال الباقية لا ترتبط بشخص وإنما باستراتيجية وفكر مؤسسي تحمل فيه الأجيال الراية وقد استجد هذا العام أن يتم إرساء مبدأ جديد وهو انتخاب المفتي عن هيئة كبار العلماء. وجه الدكتور علي جمعة الشكر لهيئة كبار العلماء علي ما سارت فيه من مسار صحيح بإجراء انتخابات نزيهة شهد لها العالم كله ولدي الجديد في الدار جيل ثالث من الشباب خاصة أن مشكلتنا في مصر فقد الكوادر ونصحه بأن المؤسسية هي الأفضل للوصول للهدف بعيداً عن الأشخاص وأن الوحدة قوة والفرقة ضعف. حذر الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق من استمرار تنازع المصريين وتطورات الأزمة الحالية التي تهدد بغرق سفينة الوطن وهذا يتطلب مواجهة من يحاولون إفساد مكاسب الثورة ولهذا لابد من إعلاء دولة القانون ومد يد العفو والصفح في غير الدماء حتي يلتئم شمل الأمة وتعود من جديد كما عرفها التاريخ. وأشار علي جمعة إلي عافية المؤسسة الدينية في مصر وأن علماء الدين يضربون مثلاً أعلي في العمل المؤسسي فهم حلقة متصلة من الانجازات والعمل الدؤوب لخدمة الدين والوطن واستمرار عجلة البناء وعدم هدم الماضي والتطوير انطلاقاً من تراث السابقين والتلاحم وعالم الدين لا يرتبط عطاؤه بمنصب بل انه أكثر من أي منصب والعطاء الحقيقي تتعدد أبوابه ونوافذه. خريطة طريق تحدث الدكتور شوقي عبدالكريم علام. المفتي الجديد فأكد أن الدكتور علي جمعة قد أتعب من جاء بعده ودائما ينتظر الناس في مثل تلك المحافل خاصة الإعلاميين منهم. حديث عالم الدين في الشأن السياسي وأنا أدرك كما تدركون جميعاً أن هذه منطقة شائكة وأدرك أن وسائل الإعلام علي اختلافها تحتاج إلي إزالة لبس سببه توالي الأحداث وكثرتها واختلاف التوصيف بل وفي بعض الأوقات اختلاطه لكن الأمر عندنا نحن علماء الأزهر واضح والسياسة عندنا لها معنيان الأول: أن تكون بمعني رعاية مصالح الأمة وشئونها العليا عن طريق وضع الأطر والضوابط الشرعية لها وهي بذلك محل عمل عالم الدين بلا منازع في ذلك والثاني: أن تكون بمعني التنافس الحزبي والذي يتحول في بعض صوره إلي صراع تداس فيه القيم العليا في سبيل المصالح الحزبية وهي بذلك محل عمل الحزبيين ولا وجود لعالم الدين في هذا الشأن علي الإطلاق. أكد الدكتور شوقي علام أن عالم الدين والمفتي علي وجه الخصوص كالقاضي فهو ملك للجميع لا يمكن أبداً ولا ينبغي أن يتم حسابه علي فصيل دون غيره ولذا أؤكد أنني لن أدخل ولن أسمح لأحد أن يجرني إلي المعترك السياسي الحزبي لكنني سأشارك علماء الأمة في الأزهر بالعمل الدؤوب علي رعاية مصالح الأمة. أوضح أن همه الأكبر سيكون التصدي لفوضي الفتاوي وتفنيد الفتاوي غير المنضبطة التي تسهم في بلبلة المجتمع وتقويض أركان الاستقرار بداخله وسيكون التصدي لهذه الفوضي بطريقتين أولهما: الإسهام الفاعل في بث مزيد من الوعي العام لدي جماهير الأمة بهذه القضية والعمل علي إرساء ما اسماه بعض علمائنا ب "ثقافة الاستفتاء" وهذا بمثابة التحصين من الوقوع في هذا الإشكال وثانيهما: العمل الدؤوب علي تصحيح المفاهيم الفاسدة التي تخلفها تلك الفتاوي الشاذة والغريبة علي مجتمعاتنا. أوضح أنه لن يدخل معترك السياسة أو تسييس الفتاوي وسيترك الفتاوي الحساسة لهيئة كبار العلماء بالأزهر كما أنه يرفض تصنيف نفسه علي فريق أو تيار ديني أو سياسي. مكاسب الثورة مهددة أكد الدكتور نصر فريد واصل.. مفتي مصر الأسبق أن دار الإفتاء تسعي لتحقيق هدف موحد لجميع بني البشر علي مستوي العالم منذ بداية رسالتها وقت إنشائها حتي الآن وتؤدي دورها في عباءة الأزهر الذي يسعي لنزع فتيل أسباب الخلاف الآن في مختلف الأمور خاصة السياسية وأن يجعل المصريين يتوحدون ليحافظوا علي مكتسبات الثورة التي نجحت بوحدة المصريين حيث التزموا قوله تعالي: "واعتصوا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" ولكن مما يؤسف له أن الصراعات الحالية والتنازع تنذر بالفشل إذا استمرت ولم يستمع الجميع لصوت العقل الممثل في الأزهر ولهذا فإن ما يجري علي الأرض الآن من صراعات علي حساب مصلحة الوطن يخالف ما أراده الله للأمة لأن استمرار النزاع سيؤدي إلي الفشل وضياع الثورة رغم أن الله حذرنا من ذلك بقوله: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم". مواصلة المسيرة أثني الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية علي المفتيين السابق والجديد وثقته في أن مؤسسة دار الإفتاء ستواصل عطاءها في إطار المؤسسة الدينية لتؤكد عالمية الأزهر وأنه أول أهرامات مصر التي يفاخر بها المصريون حتي أن أحد العلماء قال إن حجراً واحد من الأزهر أهم من الأهرامات لدوره التاريخي المتواصل في خدمة البلاد والعباد ونشر الوعي الديني في العالم والدفاع عن الإسلام. أكد الدكتور محمد رأفت عثمان. عضو هيئة كبار العلماء. أنه تم اختيار المفتي الجديد مرتين الأولي عن طريق لجنة تم تشكيلها لاختيار ثلاثة يكون بينهم الانتخاب فاحتل المفتي الجديد المركز الأول ثم جاء الانتخاب العام من هيئة كبار العلماء ليكون في مقدمة الثلاثة من خلال علمه وفكره وأبحاثه التي تؤكد جدارته بهذا المنصب ليواصل المسيرة بعد العلامة الأصولي الفقيه الدكتور علي جمعة الذي شهد له الجميع بعلمه. اختتم الاحتفال بكلمة من أكبر أزهري معمر هو الشيخ معوض عوض إبراهيم الذي اثني علي هذا النهج الأزهري في التواصل في رفع الراية وهذا ما يحتاج إليه المصريون الآن حتي ينهضوا ببلادهم في ظل ريادة الأزهر وتقدمه تحت قيادة شيخ الأزهر الحالي.