تشهد الساحة السياسية الكثير من المواجهات والمناوشات بين القوي السياسية المختلفة لكن جرت العادة منذ قيام الثورة علي أن القوي الإسلامية عادة ما تكون في جانب واحد فيما تبقي القوي المعارضة في الجهة المختلفة ..او بما أن الحسابات السياسية بطبيعتها سريعة التغير وتتأثر بكل ما يدور حولنا من تغييرات حدث ما لم يتوقعه أحد أن يتم بهذه السرعة بين الإخوان والسلفيين حيث تنبأ كثيرون بالمواجهة الحتمية بينهما لكن أحدا لم يطرأ علي باله أن يحدث ذلك الصدام بهذا الشكل المبكر والمواجهة الساخنة التي حدثت علي الهواء مباشرة والتي شهدها العالم كله من خلال إعلان الرئاسة إقالة أحد أبرز ممثلي النور في الفريق الرئاسي وهو الدكتور خالد علم الدين من منصبه كمستشار للرئيس للشئون البيئية. و كان التراشق فيها بينا إلي درجة أن التصريحات التي كانت تتردد في المؤتمر كان مسئولون من الإخوان والرئاسة يردون عليها علي الهواء في ذات اللحظة علي قنوات أخري ثم يرد قيادات النور عليها في ذات الوقت في شكل عكس للجميع سخونة المواجهة بينهما. وهي الأزمة التي لم تنته حتي الآن إلي درجة أن المستشار الرئاسي المقال خرج ليعلن للملأ في تصريحات صحفية الجمعه الماضية من أنه قرر غلق ملف اقالته إعلاميا والاكتفاء بالمواجهة القضائية ضد الإخوان الكذابين. علي حد وصفه. في الوقت الذي خرج فيه الدكتور عصام العريان ليؤكد أن أزمة النور والرئاسة انتهت تماما ولم يعد لها أي أثر علي الاطلاق. هذه المواجهة السلفية الإخوانية لم تكن الاولي بينهما. وان كانت الأعنف. إذ سبق تلك الأزمة ما حدث من طرح حزب النور لمبادرته من ستة بنود للم الشمل بين الإخوان والرئاسة من جانب والقوي السياسية المعارضة المتمثلة في جبهة الإنقاذ الوطني ووصلت عمليات التصعيد المتواصلة من قيادات النور كردود أفعال علي مواقف إخوانية إلي حد الحديث صراحة وبلا مواربة أو من وراء ستار عن الرفض التام والكامل لأخونة الدولة ولم يكتفوا في هذا الجانب بالكلام بل قدموا ملفا فيه أكثر من 13 ألف وظيفة في البلاد سيطر عليها الإخوان وظل التصعيد حتي مقابلة الرئيس مرسي لوفد الحزب برئاسة الدكتور يونس مخيون ليخرج بعدها ياسر علي ويؤكد تضمين مبادرة الحزب بكامل بنودها في جلسات الحوار الوطني المقبلة وهو شيئ دعاهم للبشر الا ان الامور لم تستمر علي ما هي عليه لعدة أيام ليخرج ياسر علي نفسه مرة أخري ليؤكد أن حكومة الدكتور هشام قنديل مستمرة إلي حين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المقبلة وهو ما مثل تصريحا صادما لقيادات النور التي طرحت بعد الاتفاق مع قيادات جبهة الإنقاذ علي الرئيس ضمن بنود مبادرتها اقالة حكومة هشام قنديل وتشكيل حكومة ائتلافية وطنية تحرك الركود السياسيي في البلاد. كما سبق أن اصطدم السلفيون بالإخوان من خلال الانتقاد المتبادل لبعض المواقف. الأمر الذي أدي إلي إظهار بعض الملفات القديمة ليتم بث فيديو قديم في مرحلة ما قبل الثورة بسنوات عديدة. يتحدث فيه القيادي والمرجعية للحزب الشيخ ياسر برهامي. نائب رئيس الدعوة السلفية. حول إقدام الإخوان علي وضع السلفيين في السجن إذا ما تمكنوا من الوصول إلي السلطة. وكذا تنافرت المواقف السياسية لتكشف الصراع منها تصريحات رئيس حزب "النور". يونس مخيون التي اتهم فيها حزب "الحرية والعدالة" "الإخوان". بأنهم يمارسون سياسات خاطئة. مشبّهاً بعضها بالممارسات السياسية الخاطئة للحزب الوطني المنحل. متّهماً إيّاهم بمحاولة السيطرة علي المناصب الجديدة في الدولة. وجدّد في المقابلة مطالب الحزب التي طرحها في مبادرته بإقالة النائب العام الحالي واستبداله بآخر لمجيئه بطريقة وصفها "بغير القانونية". متهماً حكومة هشام قنديل بأنّها غير كفء. وإعلانه صراحة أنّه من الخطأ تصور إنفصال الرئيس عن جماعته تحت أي ظرف وبأي ادعاء . وعلي صعيد العلاقات الخارجية رفض شباب وقيادات في حزب النور اقامة علاقات دبلوماسية أو سياسية مع ايران ووجههوا انتقادات كبيرة وحادة لموقف الإخوان من زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمصرو لاموا علي مرسي دعوته نجاد إلي القمة والسماح له بزيارة ضريح الحسين وإظهار الحفاوة به. متهمين شباب الإخوان بالسكوت علي هذه الزيارة دون إظهار أي غضب أو اعتراض. فيما أظهر العديد من قادة الحزب تحفظاً شديداً علي هذه الزيارة. وصل إلي حد الرفض النهائي لها وهو ما دعا دعاة التيار السلفي لإعلان هذا الرفض صراحة علي منصات ومنابر دعوية وتخصيص خطب كاملة لرفض الاختراق الشيعي لمصر. مشيدين بموقف الأزهر الواضح في هذا الجانب. وبرلمانيا لا تزال المواجهة أيضا مستمرة بين النور والإخوان إذ أعلن عبدالله بدران زعيم كتلة حزب النور في مجلس الشوري إنسحاب نواب الحزب من أية جلسات تناقش فيها القروض الدولية مؤكدين رفضهم لكل هذه القروض وسياساتها.. وتبقي كل هذه المواجهات السياسية رهنا بالأجواء العامة وترجمتها الفعلية والعملية ترتبط ارتباطا قويا بالانتخابات البرلمانية القادمة التي هي علي الأبوب وظهرت برلمانيا بشكل جلي أمام العيان في الجلسات العامة للجان مجلس الشوري.. فهل حقا بدأت مواجهة انتخابية واضحة بين السلفيين والإخوان أم أن هناك استشعارا بخطر سلفي علي الإخوان؟. أم أن الإخوان يتوجسون خيفة من السلفيين لأنهم هم البديل الأكثر قوة وجاهزية وقدرة علي تكوين بديل سريع.. لحزب الحرية والعدالة وللإخوان في حال عدم توفيقهم في ملء الفراغ السياسي الحاصل في البلاد... كلها احتمالات واردة في توصيف حالة الصراع العلني بين الإخوان الطامعين في السيطرة علي السلطة والسلفيين المنازعين لهم فيها. الخلاف وارد يؤكد الدكتور طارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية أن مسألة الاختلاف في وجهات النظر والاجتهادات الفكرية حول المسألة السياسية واردة. وطبيعة الحال تطرح الاختلاف في معالجة المواقف المختلفة. ولكن ما حدث لم يخرج عن اطار الخلاف في الرأي والاجتهاد والجميع سواء الإخوان أو السلفيين تجمعهم الفكرة الإسلامية بخطوطها العريضة. ويعمل الجميع لأجلها. كما يجمعهم العمل لصالح البلاد. أشار إلي أن طبيعة المرحلة السياسية وما فيها من تداخلات تجعل الاختلاف وارد لكنه يجب أن يبقي في طور الخلاف في الرأي والاجتهاد. وألا يتحول إلي صراع سياسي كما يسعي البعض لتصويره كذلك. ولا يغيب عن المشهد وجود بعض القوي التي تصطاد في الماء العكر وتسعي لاحداث وقيعة بين أكبر قوتين إسلاميتين في مصر واللتين لو اتحدتا لتغير شكل المشهد السياسي برمته. ويبين الدكتور مجدي قرقر. أمين عام حزب العمل. أن ما حدث واقع هو ليس خلافا في اجتهاد سياسي في قضية معينة ولا صراع انتخابي وانما لا يعدو عن كونه طرحا لرؤي لا ننزع عنها جميعها الاخلاص ودليل ذلك رغم الاختلاف بين النور والإخوان بشكل أو بآخر طرح النور مبادرته للاصلاح بين الإخوان والرئاسة وجبهة الإنقاذ وتفاعلت الرئاسة مع المبادرة وتلك خطوات تؤكد اخلاص كلا الطرفين للقضية الأم وهي النهوض بمصر من كبوتها . ويبرز الدكتور طارق مصطفي. رئيس لجنة الصناعة بمجلس الشوري ونائب حزب الحضارة. ان الخلاف السياسي الحاصل بين النور والحرية والعدالة أمر طبيعي هول منه الإعلام وركز عليه بشكل عكس للناس أن هناك معركة. بينما الامر لم يصل إلي هذا الحد. ومسألة انسحاب قوي حزب النور في المجلس من مناقشات القروض يرتبط بموقف مسبق من القروض الدولية من الأصل سبق وعبر عنه الحزب قبل هذا الموقف ومصر بالجميع تستطيع أن تفعل الكثير. والاختلاف السياسي سبب رئيس في أزماتنا السياسية والاقتصادية القائمة.. مبينا أن الاستثمار يحتاج إلي استقرار ومن الضروري أن نطرح جميعا حلولا عملية للخروج من المشكلات الحالية واقعا وبدلا من ان ننشغل بفلان قال كذا. والآخر رد وقال كذا نجد من الأولي أن نسلط الأضواء علي مبادرات عملية تنعكس علي المشهد برمته فكفانا كلاما وليتنا نعمل لهذا البلد قدر ما نتكلم لأجله ولو حدث هذا لتغيرت الصورة تماما.