فتوي إهدار الدم التي أطلقها الداعية السلفي الشيخ محمود شعبان الخاصة باغتيال وإهدار دم قادة جبهة الإنقاذ الوطني أثارت فزعاً ورعباً ليس في أوساط الجبهة والمعارضة فحسب بل في أوساط تيار الإسلام السياسي ايضا حيث أن مثل هذه الفتاوي كفيلة بتفجير الموقف علي الساحة السياسية وإشعاله في وقت تعيش فيه البلاد أزمة حقيقية. وما زاد الأمور اشتعالاً بسبب هذه الفتوي مقتل المعارض التونسي بلعيد ومحاولة البعض الربط بين اغتياله وتلك الفتوي. وهو ما يجعلنا نطرح سؤالاً مهماً جداً.. متي يجوز في الشريعة الإسلامية إهدار الدم وما هي ضوابط هذا الإهدار وهل ينطبق هذا علي المعارضين السياسيين أم لا؟ يقول الداعية الإسلامي المعروف الدكتور الشحات العزازي إمام وخطيب بوزارة الأوقاف. الرسول صلي الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدي ثلاث. النفس بالنفس أي من قتل يقتل. والثيب الزاني. وهو المحصن الزاني. والتارك لدينه المفارق للجماعة وهو المرتد الذي يترتب علي تركه للدين تفريق للجماعة المسلمين. والقاضي هنا فقط هو من يصدر العقوبة وليس أحداً آخر. أضاف: لا أحد يفرض العقوبة أيا كان شأنه إلا القاضي ولا ينفذها إلا الجلاد بعد رفع الأمر إلي القاضي ويجب أن يكون الاتهام منضبطاً من الناحية الشرعية فهي من أحكام الولاية العامة ويجوز لولي الأمر أن يحيل الأمر إلي القاضي وما عدا ذلك لا يهدر الدم أبداً سواء لمسلم أو لغير مسلم. قال هناك حد الحرابة ويكون في حالة الحرب فقط وليس لهم كذلك تصفية الخصوم إلا من تحصن فجاز قتله بعد أن يصدر القاضي أمراً بذلك ولكن إن كنت تستطيع حبسه فلا يجوز قتله. ويجب أن تكون هناك محاكمة أولاً. وأشار إلي أم مثل هذه الفتاوي إفساد للأمة وتفريق لوحدة الأمة الإسلامية وإهدار الدم مسألة قضائية بحتة وليست سياسية ولا يجوز أبداً إن كنت عاجزاً عن مجاراة شخص في الكلام ولا أرد عليه الحجة بالحجة ان أقتله. ضوابط معينة يقول الدكتور عادل عبدالشكور الداعية بوزارة الأوقاف: الشريعة الإسلامية التي جعلت حرمة الإنسان فوق حرمة الكعبة المشرفة وجعلت زوال الدين أهون من زوال الإنسان لا تتجرأ أن تخطو خطوة واحدة لإهدار الدم إلا بضوابط معينة "ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق" فبالحق هو قيد وضعه الله سبحانه وتعالي وتحفظ قوي جداً لإهدار الدم. أضاف المسألة ليست فوضوية إلي هذا الحد وإذا رجعنا إلي الرسول صلي الله عليه وسلم في تطبيق الحدود ذاتها لم يكن يأخذ الناس علي غرة فكان يأتيه الرجل الذي باشر الذنب وكان يراجعه صلي الله عليه وسلم أكثر من مرة ويحاول أن يلتمس له مخرجاً للبراءة. كل هذه الضوابط ويأتي من يقول بهذا فهو إذا نوع من التطرف الفكري. وأريد أن أرجع إلي مشهد ابن سلول الذي وصل به الأمر إلي ترتيب حادثة الإفك وقال إذا رجعت المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل وقد أراد ابن سلول أن يقتله لتطاوله علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكن ابي الرسول الكريم وقال حتي لا يقال أن محمداً يقتل أصحابه. المرجعية الدينية قال المشكلة كلما ابتعدنا عن المرجعية الرسمية والدينية تخبطت الأمور وهناك تطاول علي المرجعيات وكلما أهنا مؤسساتنا وجدنا هذه الأمور. يقول الشيخ عادل أبوالعباس عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف المشكلة الأولي أن الفتاوي غير المنضبطة تصدر في أوقات ينبغي أن تجتمع فيها الكلمة وأن يوحد الصف ونحن نعيش حالة تشرذم وانقسام مما يدعو العقلاء إلي محاولة الجمع والدعوة إلي الوحدة ومعلوم أن أول مفتي هو الله سبحانه وتعالي وقد حذر العلماء من الفتاوي إلا عن طريق المؤسسات القضائية وهناك قاعدة تقول رأي المفتي استشاري ورأي القاضي إلزامي فلا يملك إهدار الدم إلا القاضي. أضاف: لا يجوز بحال من الأحوال إصدار هذه الفتاوي في وسائل الإعلام المختلفة لأنها تدعو إلي تهييج الناس وإثارتهم وهو ما يمثل إساءة إلي الإسلام نفسه. إن إهدار دماء الناس بجرة قلم أو بمجرد فتوي في فضائية إنما هو نوع من التهور ويخالف أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم من أن من قتل مسلماً بغير حق أعظم جرماً من هدم الكعبة المشرفة.