* تسأل مروة السيد عبدالهادي القاهرة: وصفت أم معبد رسول الله صلي الله عليه وسلم فماذا قالت في هذا الوصف؟ وما صفة خاتم النبوة؟ ** يجيب الشيخ عبدالحميد كشك: قالت: بينما أنا جالسة بفناء خيمتي مر عليّ قوم نفد زادهم وأصابهم جهد كبير وطلبوا مني أن أبيعهم أي طعام فقلت لهم: والله لو كان عندنا شيء ما أعوذكم القري.. فنظر أحدهم إلي شاة في كسر الخيمة وقال لي ما هذه الشاة يا أم معبد.. فقلت له: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم. فقال: هل بها من لبن.. قلت: هي أجهد من ذلك قال: أتأذنين لي أن أحلبها.. فلما أذنت له أمسك بالشاة ومسح علي ضرعها وذكر اسم الله وقال: "اللهم بارك لها في شاتها" فدرت لبناً غزيراً فطلب إناء فملأه وسقاني أولاً. قلت: سقاك أولاً قالت: نعم سقاني أولاً.. ثم سقي أصحابه ثم شرب هو بعدنا وقال وهو يشرب: "ساق القوم آخرهم". قلت: لم يغادرنا إلا بعد حلب الشاة ثانية وترك لنا اللبن لنشرب منه. فلما حضر زوجي وكان يسوق أمامه أعنز عجافا هزلي. قلت مقاطعاً: أظنه ذهل من المفاجأة. قالت: لقد عجب من هذا الأمر. وقال لي من أين لك هذا والشاة عازبة ولا حلوبة في البيت فقلت له: لا والله إلا انه مر بنا رجل مبارك.. ثم قصصت له ما حدث.. قال والله أني لأراه صاحب قريش الذي يطب.. صفيه لي يا أم معبد. قلت: وصفيه لنا يا أم معبد.. صفي لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. قالت: لقد رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة منبلج الوجه. حسن الخلق. لم تعبه ثلجة "وهي ضخامة البطن" ولم تزد به صلعة "وهي صفر الرأس" وسيم قسيم في عينيه دعج. وفي أشفاره وطف "أي أن شعر جفانه طويل" وفي صوته صحل يعني ليس حاد الصوت. أحور أكحل أرج أقرن. شديد سواد الشعر في عفقه سطح "أي ارتفاع وطول" وفي لحيته كثافة. إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء. وكأن منطقه حززات نظم يتحفرن حلو المنطق فصل. لا نزد ولا هذر أجهر الناس وأجمله من بعيد. وأحلاه وأحسنه من قريب. ربعة بل تشنؤه من طول. ولا تقتحمه عين من قصر. غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً. له رفقاء يحفون به. إذا قال استمعوا لقوله. وإذا أمر تبادروا إلي أمره. محفود محشود. لا عابث ولا مغند. قلت: أكملي وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم يا أم معبد. قالت: لقد وصفته بقدر ما أستطيع. قلت: وماذا قال لك زوجك بعد أن وصفتيه. قالت: قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولو كنت وافقته يا أم معبد. لالتمست أن أصحبه ولأفعلن ان وجدت إلي ذلك سبيلا. قلت: وماذا كان من أمرك أنت يا أم معبد. قالت: لقد آمنت برسول الله صلي الله عليه وسلم ولحقت به في المدينة. قلت: سعدت يا أم معبد.. وسعدنا بالاستماع إلي قصتك. والمراد بالخاتم الأثر الحاصل لا الطابع نفسه. وإضافته للنبوة إما لأنه من علاماتها كما ورد ذلك في الكتب السابقة ودل علي هذا حديث سليمان. وإما لأنه بمثابة الختم علي النبوة لصيانة أسرارها والمحافظة علي دُرّها وجواهرها واختلف العلماء في زمن وضع هذا الخاتم فقيل: ولد به. وروي أبو نعيم أنه جعل عقب ولادته ولكنا نرجح أنه وضع عقب شق صدره الشريف للمرة الأولي عقب الرضاع. وما جاء في حديث أبي ذر من أنه وضع عقب الشق الثاني يراد به التأكيد للوضع الأول وعلي كل حال فالذي تؤكده الروايات الصحيحة هو وجود الخاتم كآية صدق علي نبوة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. ولعل هذا الخاتم رمز من الرموز الناطقة وإشارة من الإشارات الواضحة علي ما يحويه الوعاء المحمدي من بينات وآيات. عن الجعد بن عبدالرحمن قال: "سمعت السائب بن يزيد يقول: ذهبت بي خالتي إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابن أختي وجع فمسح رسول الله صلي الله عليه وسلم رأسي ودعا لي بالبركة وتوضأ فشربت من وضوئه وقمت خلف ظهره فنظرت إلي الخاتم بين كتفيه فإذا هو مثل زِرّ الحجلة".