هل يمكن أن يمارس المسلمون إرادة فاعله في مستقبلهم التاريخي وأن "يجعلوا" الإسلام ديمقراطيا.. أو علي الأقل يجعلوا الدولة في المجتمعات الإسلامية ديمقراطية؟ نظراً لطغيان الفكر الديمقراطي وعلو صوته انطلاقا من مركز القوة الذي تمثله الدول العاملة به. فإن كثيرا من المسلمين يحاولون بكل ما أتوا من قوة أن يثبتوا ان الإسلام دين ديمقراطي. أو أنه دين يدعو إلي الديمقراطية. أو علي الأقل دين لا يعارض الديمقراطية بل يقبلها ويعتد بها. ويسوقون الدلالات من هنا ومن هناك. وقد تشبثوا في ذلك بأشياء كثيرة من أهمها "الشوري" فأين الديمقراطية من الإسلام؟ يختلف النظام السياسي يحدد حقوق الأمة وحقوق الإمام. فحقوق الأمة علي الإمام رعاية الدين. وسياسة الدنيا به. وحفظ الأمة وحمايتها. ورعايتها وحماية مصالحها. وحقوق الإمام علي الأمة السمع والطاعة في العسر واليسر. في غير معصية الله تعالي. ولا يقر توريث الخلافة أو الإمامة ولا ولاية العهد لأحد بعد الإمام. ولا يعقد الإمامة لأحد ما لم تبايعه الأمة عن رضا واختيار. كما أن النظام السياسي في الإسلام اشترط شروطا في الإمام العادل وأوجب توافرها. وهي: الإسلام. والذكورية. والحرية. والتكليف. والعلم. والعدل. والكفاية. والسلامة. ومن شروط النظام السياسي في الإسلام ان يجعل الأمر والحكم لله تعالي ويتخذ الكتاب العزيز والثابت من السنة النبوية مصدرا للتشريع. ويقيم العدل في الحكم. ويرعي الدين والدنيا. ويقوم علي الشوري والإسلام فيه الاجتهاد المنضبط المعتمد علي الأدلة الشرعية تحقيقا لعبودية الناس لرب العالمين دون ما سواه والقدرة علي الاجتهاد فضيلة من الفضائل. من اكتسبها بشروطها فهو من أهلها لا يحجز عنها ولا يمنع منها حاكما كان أو محكوما. ومن لم يكن لذلك أهلا حيل بينه وبين الاجتهاد يستوي في ذلك المسلمون جميعهم. ولعل مما يؤخذ علي الفقه السياسي لدي المسلمين. عدم تأسيسة قواعد محددة ومدونة وملزمة. تنظم علاقات أفراد المجتمع. تنظيمياً يكفل سير مرافق الدولة ومؤسساتها علي وتيرة واحدة متناسقة. تضمن الحريات الفردية والمصالح الخاصة والمشتركة والعامة. بما يحقق العدالة والمساواة والكرامة. ويبني دولة الإسلام التي يراد لها أن تقيم الشهادة وتظهر كلمة التوحيد. وتسعد الناس دينا ودنيا. واكتفاءه باجتهادات فردية غير ملزمة. يمكن تصنيفها ضمن فلسفة فقهية مستنبطة في بعض جوانبها من مبادئ الشريعة ونصوصها قواعدها. وفي البعض الآخر من الثقافي والسياسي والاجتماعي. ومن الأهواء والولاءات. التراث البشري وظروف الاضطرار والخوف. نحن في أمس الحاجة إلي ترسيخ القيم الديمقراطية التي لابد ان تشكل مصفوفة حقوق الإنسان في مناهجنا المستقبلية. والمستمدة من أحكام ومبادئ الشريعة. ألا وهي: - الحرية: وتشمل حرية التعبير والرأي والمعتقد والاتصال والاجتماع. والاختلاف واحترام الرأي الآخر. والإبداع. واختيار نوع التعليم. والتفكير أو الفكر. والانتقال والتنقل. - المساواة وتمثل عدم التمييز علي أساس الجنس واللون والدين والعرق أو اللغة والعشيرة أو المركز الاجتماعي والاقتصادي والمنطقة الجغرافية. والمساواة بين الجميع أمام القانون وفي المرافق العامة. - العدالة وتشمل العدالة في تطبيق الأنظمة والتعليمات وفي توزيع الموارد التعليمية وفي توفير الفرص التعليمية وفي فرص القبول للتعليم وفي توزيع الكفاءات العلمية وفي توفير البنية التحتية للتعليم. - الكرامة وحقوق الإنسان وتشمل الحق في التعليم المدرسي. وفي التربية المستدامة وفي الكرامة الجسدية. وفي المسكن وكرامة العيش. وفي التمتع بجنسية واسم. وفي الظروف الصحية الجيدة. وفي التنمية الشخصية. وفي بيئة سليمة ونظيفة. وحماية الاطفال من الاستغلال والأذي. والحق في الحفاظ علي الهوية الثقافية واحترام الخصوصية الفردية. وعدم التدخل في شئون الآخرين. والاعتزاز بالذات الإنسانية. والتمسك بحقوق الإنسان. - التضامن والتسامح الإنساني ويشمل رفض العنف ونبذ الحرب وتقبل الاختلاف والتنوع اللغوي والديني والعرقي. ومناهضة العنصرية. والتضامن مع ذوي الاحتياجات الخاصة. وحل النزاعات بالطرق السلمية الإرادية واحترام الثقافات الإنسانية المختلفة. والتعاون أثناء الظروف الاستثنائية وتقديم المساعدة. والاهتمام بالبيئة والمصادر الطبيعية. إن أول أدوات التغيير بناء التصور السياسي لنظام الإسلام. واضح المعالم محدد الأركان. كفيلا بالقضاء علي عقلية التسلط والإذلال والأمل معقودا علي مفكري الأمة في تطوير صياغة شرعية لهذا الأمر من الكتاب والسنة.