لقد جاءت الأديان الإلهية من أجل الإنسان لتوجيهه إلي طريق الخير. وتحفظه وتحقق له حياة كريمة حتي يعبد الله عز وجل والدين الإسلامي وهو الخاتم والمهيمن علي جميع الأديان أتي بشريعة كاملة ودائمة وعالمية للناس جميعاً. ومن مقاصدها توفير الحاجات الأصلية للإنسان وهي: حفظ الدين وحفظ النفس. وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال. وعندما تحفظ هذه الحاجات يتحقق الأمن والأمان والحياة الكريمة للناس جميعاً ويعيش الإنسان آمناً في سربه معافي في بدنه عنده حاجاته المعيشية. وهناك علاقة سببية قوية بين نقص هذه الحاجات الأصلية وبين الجرائم والأخلاق السيئة والسلوكيات العدوانية. يقول العلماء إن للفقر والعوز رذائل اقتصادية. وإذا نقص أو ضعف عنصر منها أثر علي بقية العناصر. فعلي سبيل المثال إذا ضاع العقل بالإدمان والخمور ونحو ذلك يعرض النفس للهلاك ويضيع الدين ويعتدي علي العرض وتسلب الأموال وتهلك الزروع والثمار وتبدأ سلسلة المفاسد الاقتصادية. وكذلك إذا لم يلتزم الإنسان بالقيم الدينية والأخلاقية. فمن نتائج ذلك الاعتداء علي النفس. وضياع العقل. والاعتداء علي الأعراض وهلاك المال. ولقد أشار الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "لا يسرق السارق وهو مؤمن. ولا يزني الزاني وهو مؤمن.." "متفق عليه". وهذا كذلك يؤدي إلي مفاسد اقتصادية. واستنباطاً من ذلك فإن: المحافظة علي الدين. والمحافظة علي النفس. والمحافظة علي العرض. والمحافظة علي المال. يحقق الاستقرار والتنمية الاقتصادية وإذا لم يتم ذلك يكون الفساد في الأرض ومنه الفساد الاجتماعي والفساد الاقتصادي. ويري علماء الاقتصاد الإسلامي أن تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية يقود إلي الرخاء والتنمية والحياة الكريمة الرغدة للإنسان. فلا اقتصاد بدون أمن للنفس وأمن لعرض وأمن لمال. وقياساً علي ذلك فإن جريمة قطاع الطرق "الحرابة" تسبب خللاً في الحقوق الاقتصادية. حيث إن هذه الجريمة من اخطر الجرائم التي تسبب فوضي وخوفا وذعرا في المعاملات الاقتصادية وتسبب التخلف والحياة الضنك وذلك علي النحو الذي سوف نفصله في البنود التالية. * التكييف الفقهي لجريمة الحرابة "قطاع الطرق": يري فقهاء الإسلام أن جريمة قطع الطريق هي الحرابة التي أشار الله إليها في القرآن الكريم في قوله: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" المائدة: آية .33 ولقد بين رسول الله صلي الله عليه وسلم أن قاطع الطريق والاعتداء علي الناس رافعاً السلاح فليس من المسلمين. ودليل ذلك قوله: "من حمل علينا السلاح فليس منا" "رواه البخاري". ومن صور الحرابة المعاصرة ما يلي: * عصابات القتل للعنصرية أو الاستيلاء علي المال أو هتك الأعراض أو نحو ذلك. * عصابات خطف الأطفال لطلب المال أو للتجارة بهم. * عصابات السطو علي الناس سلب أموالهم ومتاعهم. * عصابات الاعتداء علي البنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية لسلب الأموال والمجوهرات ونحو ذلك. * عصابات قطع الطريق وخطف البنات والعذاري والفجور بهن. * عصابات اتلاف الحرث للمكيدة والعنصرية. * عصابات اغتيال بعض الناس بسبب الاختلاف في العقيدة أو الرأي أو نحو ذلك. وهذه الجرائم تدخل في نطاق الحرابة المحرمة شرعاً ولها عقوبات علي النحو التالي: * عقوبة القتل: وتطبق علي من قتل * عقوبة الصلب: وتطبق علي من قتل وسلب المال وهتاك العرض. * عقوبة قطع اليد اليمني والرجل اليسري: وتطبق علي من سلب المال ولم يقتل. * عقوبة النفي: وتطبق علي من روع الناس. ويترك تقدير هذه العقوبات للقاضي العادل. ويرجع في ذلك إلي كتب أصول الفقه الإسلامي باب حد الحرابة لمعرفة المزيد من التفصيل عن الضوابط الشرعية لتطبيق كل عقوبة حيث إن هذا خارج نطاق البحث وله أهله من رجال الفقه والعلم حيث تركيزنا علي الجوانب الاقتصادية لهذه الجريمة وكيف نعالجها من منظور الاقتصاد الإسلامي.