طالب المشاركون في ندوة الجمعية الشرعية بتشريعات رادعة ضد الإعلام المنفلت الأمر الذي يهدد باجهاض الثورة لابتعاده عن الموضوعية.. وأشاروا إلي أن القيم الأخلاقية والموضوعية من أهم ما يدعو إليه الإسلام حتي يحقق الإعلام رسالته المنشودة في المجتمع لأننا مازلنا نحلم باليوم الذي يرضي فيه الناس عن الإعلام في بلادنا بعد عقود من الإعلام البغيض المستفز الذي يهدد أمن الناس ويدمر أخلاقهم ويزعزع عقائدهم ويشيع الفوضي في نفوسهم بلا رقيب ولا حسيب. في البداية ربط الدكتور محمد المختار المهدي بين الإعلام والدعوة إلي الله نظراً للدور الخطير الذي يقوم به الإعلام في صياغة فكر الأمة وخاصة أن رسالة الإسلام في الأساس هي البلاغ المبين الواضح للناس حتي أن الله تعالي حصر مهمة النبي صلي الله عليه وسلم في هذا البلاغ المبين وقد حث القرآن الكريم علي التثبت من الخبر والتيقن منه قبل نشره وإذاعته وتصديقه وضرب المثل بقصة "الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام" والذي جاءه الهدهد بنبأ عظيم فرفض تصديق الهدهد قبل التثبت من صحة ما نقله. فحين قال له الهدهد "احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين" "النمل: 22" لم يصدق سيدنا سليمان بسرعة بل كان حاسماً وحازماً في الرد عليه وقال للهدهد: "سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" "النمل: 27". وأشار إلي أن الكلمة مسئولية أمام الله والناس وبالتالي فإن الشخص الذي ينقل النبأ مسئول ومحاسب علي شهادته.. وقد حذر النبي صلي الله عليه وسلم من خطورة نقل الكلام قبل التثبت. وجاء في الحديث أن المرء قد ينطق بكلمة فيهوي بها في النار سبعين خريفاً وفي الوقت ذاته يحذر القرآن الكريم من الآثار المترتبة علي هذه الكلمة وكيف أنها تمثل عبئاً كبيراً علي من ينطق بها قال تعالي: "إنا نحن نحيي الموتي ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" "يس: 12" ومن ثم تكمن خطورة الكلمة في تحمل الإنسان لها ومحاسبته عليها وعلي من عمل بها إلي يوم القيامة ومن المؤسف أن الإعلام المعاصر الذي استمد مادته الإعلامية من الثقافة الغربية التي ميعت ثقافة الناس وانحدرت بأخلاق الشباب ولم تراع القيم السائدة في المجتمع ولم تعرض قضاياها بتجرد وموضوعية بل تعمدت الفضائيات والقنوات الخاصة تقديم الحضارة الغربية نموذجاً وقدوة واستضافت أشخاصاً بعينهم ممن روج عند البعض النموذج الغربي والثقافة الغربية وباعتبارهما أساس التقدم المطروح. وانهي كلمته بمطالبة المسئولين عن الإعلام بمراجعة سياسته المستفزة في استضافة أشخاص بعينهم يعرفون بعدائهم للإسلام والأخلاق وممن لهم أهداف معينة في إثارة الفوضي والقلق في المجتمع من أجل سرقة الثورة لأن سياسة الإعلام عبر قنواته ضوابط إعلامية وأكد الدكتور محمود يوسف وكيل كلية الإعلام وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية إلي وجود تجاوز إعلامي واضح فيما يتعلق بالقواعد التي يعمل الإعلاميون بمقتضاها في الوقت الراهن ووجود تجاوز إعلامي أيضا لكل الأسس والنماذج والمفاهيم المهنية والتي لها جذور في القرآن والسنة وأن محاسبة الإعلام تأتي من خلال التفرقة بين ثلاثة متغيرات وهي: الضوابط الأخلاقية الموجودة في الكتب السماوية والممارسة المهنية والتشريعات الوضعية ومن أدبيات أساتذة الإعلام في القرن العشرين والتي تنص علي أن الأخبار ذات الحساسية وذات التأثير علي الرأي العام ينبغي أن تؤخذ من مصدرين لا من مصدر واحد وهذا ما طبقه النبي صلي الله عليه وسلم ولهذا لابد في نقل الخبر من الالتزام بالتشريعات الوضعية والممارسة المهنية والضوابط الأخلاقية للدين لأن شيوع ظاهرة الأخبار المجهلة كارثة ولهذا فإن أخلاقيات الإسلام وكذلك الإعلام تجرم الأخبار المجهلة وتري أن الإعلام المحترم لابد فيه من الإعلان عن المصدر الذي تم منه استقاء الخبر.