في يوم مولدك العظيم.. يوم أشرقت أنوار الملكوت لتنير هذا الملك العظيم أتوجه إليك يا راعي المرأة ويا راحم النساء.. أغثنا وأدركنا يا رسول الله.. فلقد باتت المرأة في هذا العصر ذليلة ومستضعفة. يحاربها أهل الجهالة بكل الوسائل.. تارة يصفونها بأنها عورة. وتارة ينعتونها بأنها شيطان رجيم. قتلوها روحياً وفكرياً. وأنكروا فضلها كأم ومربية ومعلمة. تجاهلوا تعاليمك العظيمة وأقوالك السماوية حين قلت يا رسول الله "الجنة تحت أقدام الأمهات". ألست أنت يا رسول الله الذي أشركت المرأة في بيعة العقبة الكبري؟! وألست أنت يا حبيب الله الذي جعلتها في معيتك في بيعة الرضوان تحت الشجرة؟! وألست أنت القائل حين نزلت عليك الآية الكريمة: "وأنذر عشيرتك الأقربين" قلت يومها: يا صفية عمة رسول الله. ويا فاطمة بنت رسول الله. اشتريا أنفسكما من الله فإني لا أغني عنكما من الله شيئاً. إن نداءك للمرأة بهذا الصوت الجهير شيء يستنكر في عصرنا الأخير. يقولون إن اسمها لشخصها عورة لا يجوز أن يعرف!! ويقولون ما للمرأة وهذه الشئون؟ أن يكفي أن يحضر رجل من أسرتها ليبلغها أما أن تنادي علي رؤوس الأشهاد فذلك عيب! أين هم يا سيدي يا رسول الله من أمهات المؤمنين ونساء الصحابة ومن بعدهن من المؤمنات القانتات يتكلمن مع الرجال ويروين لهم الأحاديث ويتبادلن معهم الشعر والأخبار. سيدي وسيد البشرية جمعاء.. إن أعداء الإسلام والجهلاء من المسلمين والمدعين العلم يتجنون عليك ويدعون باطلاً أن تعاليمك العظيمة حالت بين المرأة وبين العلم. فلم يجعلوا لها نصيب من العلوم الدينية والدنيوية وحرموا عليها القراءة والكتابة. وإني أسأل: أين هؤلاء من قول نساء الصحابة رضي الله عنهن يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك. فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتك فيه. تعلمنا مما علمك الله. فقال: اجتمعن يوم كذا وكذا فاجتمعن فعلمهن مما علمه الله. أين هؤلاء من ترغيبك الرجال في تعليم النساء حين قلت وقولك الحق: "ثلاثة لهم أجران.. رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلي الله عليه وسلم. والعبد المملوك أدي حق الله وحق مواليه. ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران". وها هن أمهات المؤمنين.. من تقرأ وتكتب وتروي التاريخ وتحفظ القرآن والأحاديث ما يرجع إليه الصحابة في التشريع من الأسرار التي ما كان يطلع عليها غير رسول الله كشئون البيت ومعاملة الإناث وما هو خاص بالنساء من أحكام الطهارة والصلاة والحيض والحمل والرضاعة ونحو ذلك. هي عائشة الصديقة رضي الله عنها تروي الحديث ألفا ومائتين وعشرة. وتستنبط الأحكام من أدلتها. وترد علي ما هو أكبر منها سناً وأقدم منها صحبة وملازمة لصاحب الشريعة ورأيها في البكاء علي الميت وحفظ الشعر والسعي بين الصفا والمروة والعمرة في رمضان يخالف رأي عمر بن الخطاب وابنه عبدالله وعروة بن الزبير وغير هذا. وحفصة رضي الله عنها كانت تحسن القراءة والكتابة وقد وضعت عندها المصاحف حين قتل أبوها لأنها تستطيع ضبطها والمحافظة عليها حتي تسلمها عثمان رضي الله عنه منها. ولنساء المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ومنزلة في العلم لا تنكر. وكم أخذ العلم كثير من الرجال البارزين من أولئك السيدات. أين هم من هؤلاء يا سيدي يا رسول الله؟!! إن أكثر من سبعمائة امرأة تتلمذ علي يدهن كثير من الصحابة وفحول العلماء ويروي الحافظ بن عساكر الحديث عن أكثر من ثمانين امرأة فيما بين سوريا والعراق فقط. والتاريخ حافل بسيدات أنرن طرق العلم والمعرفة والشعر والتدريس والرواية.. عدد لا يحصي بمصر والشام والعراق واليمن والمغرب والأندلس حتي قال شوقي أمير الشعراء في هذا الصدد: هذا رسول الله لم ينقض حقوق المؤمنات العلم كان شريعة لنسائه المتفقهات ولقد علت ببناته لحج العلوم الزاخرات كانت سكينة تملأ الدنيا وتهزأ بالرواة روت الحديث وفسرت أي الكتاب البينات وحضارة الإسلام تنطلق عن مكان المسلمات سيدي يا رسول الله يا من صلي عليه الله وملائكته إنك حين أخرجتنا من الظلمات إلي النور بشريعتك السمحاء وجاء الحق وزهق الباطل. دخل الرجال والنساء في دين الله. وأعطوا المواثيق علي اعتناق الحق والعمل به. والزود عنه انتظمت الصفوف في المسجد النبوي تستوعب الرجال والنساء علي سواء. روي مسلم عن أم هشام بنت حارثة: "ما أخذت القرآن المجيد إلا من لسان رسول الله صلي الله عيله وسلم يوم الجمعة يقرأ بها علي المنبر كل جمعة". أي أنها حفظت السورة كلها عن ظهر قلب من شدة انتباهها وهي تسمع الخطبة. وهذه سنة عنك أن كانت النساء تحضر الجمع والجماعات وهي الآن سنن مهجورة. وقد حرمت يا سيدي يا رسول الله بل وأبطلت ما كانت عليه الجاهلية من كراهية البنات والمعاملة السيئة التي كانت تعامل بها كعدم توريثها وفي ذلك قوله تعالي: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا". بل وكرمت المرأة أيما إكرام حين قلت وقولك الحق: "استوصوا بالنساء خيرا" وحين قلت: "المرأة لا يكرمها إلا كريم ولا يهنها إلا لئيم". رفعت عنها الظلم والاضطهاد الذي كان يقع عليها من قبل جاء في حديث الكريم: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهاتو وأد البنات وكره لكم القيل والقال". بل وبشرت بالجنة من ربي وأحسن تربية البنات وأكرمهن.. ألست أنت القائل وقولك الحق: "من ابتلي من هذه البنات بشئ فأحسن إليهن كن له سترا من النار". وفي رواية أخري: "من كانت له أنثي فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده "أي الذكور" عليها أدخله الله الجنة". وفي الطبراني: "إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتي في القبل. سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحد لفضلت النساء علي الرجال" رواه بن النجار عن النعمان بن بشير. أين هم يا سيدي يا رسول الله أيها الرحمة المهداة من حنانك ورحمتك ورفقك بالمرأة المسلمة؟! وماذا يريدون بإنقاص قدرها وأنت الذي رفعت وأبرزت دورها أفحكم الجاهلية يبغون؟!! أين هم من النص القائل: "النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" ألسن هؤلاء النساء اللاتي تحملن معك يا صاحب الرسالة شظف العيش ومشقة الحصار المضروب علي أمتك. لقد اخترن البقاء معك عندما خيرن. وأبين العودة إلي أهلهن في بيوت أماً بالسمن والعسل. وحملهن الإيمان علي البقاء في جو التهجد والقيام والكفاح معك يا نبي الله لمقاومة الضلال في العاملين. فهل يكون الجزاء بعد هذا الوفاء؟!