المعاملات هي التي تمثل جانب الدنيوية في هذا العلم المبنية علي أسس الدين من حيث تنظيمها لعلاقة الإنسان بصفته الخاصة مع غيره من الأفراد أو مع الجماعة ثم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من غير المسلمين سلما أو حربا في شتي نواحي الحياة. ويتميز هذا الشق من الموضوعات في التشريع الإسلامي 1- إن أحكامه معقولة المعني أي يستطيع العقل البشري أن يعي أسباب تشريعها ويبحث عن العلة من ذلك. 2- إنها موضوعات غير محددة بذاتها علي سبيل الحصر وذلك كما سنري قريبا من أسباب خلود وأبدية أحكام الشريعة الإسلامية حيث وردت الأصول عامة والقواعد كلية في هذه الموضوعات لتكون مرشدا للفقهاء يخضعون كل جديد من الوقائع المماثلة للواقعة التي أتي بها الحكم الشرعي لنفس الحكم وكل جديد في حلقة مستمرة دائمة إلي يوم الدين وفي هذا مصداقية القول الظاهر صلاحية التشريع الإسلامي لكل زمان ومكان أي لكل قائم ولكل متجدد وبالتالي لا ينقطع الحكم الشرعي ولا يجمد بانتهاء فترة زمنية أو انقضاء أحداث واقعة بعينها. فالأحكام الأساسية ثابتة والفروع متجددة لا تنضب لأن حركة الفقه من خلالها دون قيود بشرط عدم الخروج علي الأصول العامة للتشريع. - أمثلة لأهم موضوعات المعاملات التي يعالجها الفقه الإسلامي: بداية فإنه يجب أن ننوه إلي أن القسمين السابقي الذكر لموضوعات الفقه الإسلامي إنما هما من قبيل التقسيمات العامة وأن الموضوعات التي يعالجها الفقه الإسلامي لا يمكن سردها علي سبيل الحصر كما اسلفنا وبخاصة في "قسم المعاملات". ليس شرطا أن تكون مسميات الموضوعات في الفقه الإسلامي مماثلة لنفس المسميات الفكرية الحديثة لها فليس هذا قصورا أو يؤدي للجهالة كما يزعم البعض وإنما هو منهج متميز للفقه الإسلامي. وقد غير المصطلحات واستبدلها بمصطلحات مترجمة في كثير منها نفس الإنسان الذي تقبلها أولا عندما تعاقبت عليه الأحداث والسنون فأثرت عليه فليس عيبا إذن أن تظل المسميات الشرعية للتصرفات باسمائها وإضافة الجديد لما تستلزمه الحياة في إطار الدين كما أنه لا مانع لمعرفة المسميات الحديثة لتفهم حقيقتها ومقارنتها. لكن نخطأ كل الخطأ في توجيه زعم عدم المعرفة للفقه الإسلامي لهذه المسميات لأن الاتهام يقدم ممن أسس وأنشأ وليس من الأحداث للأقدم فيقول الأول للثاني إنك قد بدلت ولا يقول الثاني للأول إنك لم تعرف. ولنتبين ذلك من خلال عرض أهم موضوعات المعاملات في الفقه الإسلامي التي يندرج تحتها كل الموضوعات التي عالجتها القوانين الوضعية وإن اختلف الشكل لعموم التشريع الإسلامي وشموله وتتنوع إلي الموضوعات التالية: موضوعات المعاملات الخاصة: وهي تلك التي تنظم علاقات الأفراد في معاملاتهم الخاصة. أ- موضوعات نظمها الفقه الإسلامي في صورة العقود التي يتداولها الأفراد لقضاء مصالحهم وحاجياتهم في كافة الأنشطة الإنسانية كعقد والوكالة. الهبة. العارية. الوديعة. الرهن. الكفالة. والتي تشمل كافة اغراض التعامل من نقل ملكية أو نقل منفعة أو ضمان أو إبراء "أي اعفاء من الدين" وما يتعلق بالأهلية وشروطها. كذلك تنظيم علاقات العمل بتحديد أنواعها من الاجارة الخاصة والاجارة المشتركة ونظم الاجر ووقت أدائه واحترام حقوق العامل وأدوات العمل وضمانه وكذلك ضمن أبواب الاجارة باعتبار العمل صورة منها. كذلك تنظيم بيع وجيرة الارض الزراعية ونظم الحقوق المترتبة علي ذلك من حق السبل وحق الشرب وحقوق الارتقاق والمسقرة والمزارعة ونظام الشفعة وأسلوب جارة الأرض ومدته وهذا ما يعرف في القوانين الوضعية بالقانون المدني وقانون العمل والقانون الزراعي بما يري معه اختلاف المسميات واتحاد الموضوع وان اختلف المضمون. وأبواب هذا الفرع نجده في كتب الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة تحت عنوان "كتب المعاملات" الذي تتوالي فيه العقود تباعاً بأحكامها التفصيلية التي تنظم مجرياتها نظريات كاملة للعقد وغيره. ب موضوعات نظمها الفقه الإسلامي تتعلق بنظام الأسرة واستقرارها وهي الاحكام المنظمة لبناء الاسرة ابتداء ببيان احكام الخطبة بشروطها الشرعية ثم ادراج واحكامه وحقوق الزوجين كل منهما قبل الآخر ثم تنظيم انهاء هذه العلاقة بضوابط محددة عند الاقتصاء بالفرق الشرعية المحددة من طلاق أو خلع.