أنواع الأحكام التي جاء بها القرآن الكريم ثلاثة: الأول: أحكام اعتقادية: تتعلق بما يجب علي المكلف اعتقاده في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. والثاني: أحكام خلقية: تتعلق بما يجب علي المكلف أن يتحلّي به من الفضائل وأن يتخلي عنه من الرذائل. والثالث: أحكام عملية، تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال وأفعال وعقود وتصرفات. وهذا النوع الثالث هو فقه القرآن، وهو المقصود الوصول إليه بعلم أصول الفقه. والأحكام العملية في القرآن تنتظم نوعين: أحكام العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج ونذر ويمين ونحوها من العبادات التي يقصد بها تنظيم علاقة الإنسان بربه، وأحكام المعاملات من عقود وتصرفات وعقوبات وجنايات وغيرها مما عدا العبادات، وما يقصد بها تنظيم علاقة المكلفين بعضهم ببعض، وسواء أكانوا أفراداً أم أُمما أم جماعات. فأحكام ما عدا العبادات تسمي في الاصطلاح الشرعي أحكام المعاملات. وأما في اصطلاح العصر الحديث، فقد تنوعت أحكام المعاملات بحسب ما تتعلق به وما يقصد بها إلي الأنواع الآتية: 1- أحكام الأحوال الشخصية: وهي التي تتعلق بالأسرة من بدء تكونها، ويقصد بها تنظيم علاقة الزوجين والأقارب بعضهم ببعض، وآياتها في القرآن نحو 70. 2- والأحكام المدنية: وهي التي تتعلق بمعاملات الأفراد ومبادلاتهم من بيع وإجارة ورهن وكفالة وشركة مداينة ووفاء بالالتزام، و يقصد بها تنظيم علاقات الأفراد المالية وحفظ حق كل ذي حق، وآياتها في القرآن نحو70. 3- والأحكام الجنائية: وهي التي تتعلق بما يصدر عن المكلف من جرائم وما يستحقه عليها من عقوبة، ويقصد بها حفظ حياة الناس وأموالهم وأعراضهم وحقوقهم وتحديد علاقة المجني عليه بالجاني وبالأُمّة، وآياتها في القرآن نحو 30. 4- وأحكام المرافعات: وهي التي تتعلق بالقضاء والشهادة واليمين، ويقصد بها تنظيم الإجراءات لتحقيق العدل بين الناس ، وآياتها في القرآن نحو 13. 5- والأحكام الدستورية: وهي التي تتعلق بنظام الحكم وأصوله، ويقصد بها تحديد علاقة الحاكم بالمحكوم، وتقرير ما للأفراد والجماعات من حقوق وآياتها نحو 10. 6- والأحكام الدولية: وهي التي تتعلق بمعاملة الدولة الإسلامية لغيرها من الدول، وبمعاملة غير المسلمين في الدول الإسلامية، ويقصد بها تحديد علاقة الدول الإسلامية بغيرها من الدول في السلم وفي الحرب، وتحديد علاقة المسلمين بغيرهم في بلاد الدول الإسلامية، وآياتها نحو 25. 7- والأحكام الاقتصادية والمالية: وهي التي تتعلق بحق السائل والمحروم في مال الغني، وتنظيم الموارد والمصارف، ويقصد بها تنظيم العلاقات المالية بين الأغنياء والفقراء وبين الدول والأفراد، وآياتها نحو 10. ومن استقرأ آيات الأحكام في القرآن يتبين أن أحكامه تفصيلية في العبادات وما يلحق بها من الأحوال الشخصية والمواريث لان أكثر أحكام هذا النوع تعبدي ولا مجال للعقل فيه ولا يتطور بتطور البيئات، وأما فيما عدا العبادات والأحوال الشخصية من الأحكام المدنية والجنائية والدستورية والدولية والاقتصادية، فأحكامه فيها قواعد عامة ومبادئ أساسية، ولم يتعرض فيها لتفصيلات جزئية إلا في النادر، لأن هذه الأحكام تتطور بتطور البيئات والمصالح، فاقتصر القرآن فيها علي القواعد العامة والمبادئ الأساسية ليكون ولاة الأمر في كل عصر في سعة من أن يفصلوا قوانينهم فيها حسب مصالحهم في حدود أسس القرآن من غير اصطدام بحكم جزئي فيه.