لا يوجد شخص تعرض للانتقاد والإساءة والتطاول علي مدي أربعة عشر قرناً من الزمان مثلما تعرض أشرف بشر خلقه الله وهو محمد صلي الله عليه وسلم.. وقد تسابق مفكرو وعلماء الإسلام عبر كل العصور في التصدي للحاقدين فأصدر عباس محمود العقاد "عبقرية محمد" وألف محمد حسين هيكل "حياة محمد" وأبدع الشيخ محمد الغزالي كثيراً من المؤلفات للرد علي المستشرقين وبيان حقيقة السيرة.. ولكن تعددت صور التطاول والإساءة في السنوات الأخيرة فكيف نرد عليها بشكل قوي.. هذا ما يجيب عنه هذا التحقيق. في البداية نرصد لتاريخ بعض الإساءات إلي الإسلام ممثلاً في شخص الرسول صلي الله عليه وسلم باعتباره يمثل الرمز والقدوة ومنها علي سببيل المثال لا الحصر: ** الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لمحمد في صحيفة يولاندس بوستن فيما يعرف بالرسوم المسيئة في 30 سبتمبر 2005 حيث قامت بنشر 12 صورة كاريكاتيرية للرسول وبعد أقل من أسبوعين قامت صحف نرويجية وألمانية وفرنسية بإعادة نشر الصور الكاريكاتيرية. * كلمة بابا الفاتيكان التي لم يكتف فيها بالإساءة للإسلام فقط وإنما تطاول فيها علي نبي الإسلام بل وأهان المنتسبين للإسلام من خلال محاضرة ألقاها في إحدي جامعات ألمانيا وعندما تعرض للانتقاد قيل إن هذا خطأ غير مقصود وزلة لسان رغم أن هذا الحديث استغرق ثلث المحاضرة حيث أكد أن محمداً صلي الله عليه وسلم لم يأت بجديد ولم يأت إلا بما هو شر أو غير إنساني حيث انتشر دينه بالسيف وأن صورة الإله في العقيدة الإسلامية لا تتماشي مع العقل بل إن الإسلام نفسه يتصف بالجمود وعدم القابلية للتطور واستيعاب مستجدات الأمور. * إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن منذ بداية ترشحه للرئاسة انه يقود حرباً صليبية. ** وصف برلسكوني.. رئيس وزراء إيطاليا السابق.. الإسلام بأنه دين رجعي ولا يواكب الحضارة وأن رسول الإسلام يدعو إلي العنصرية ولهذا فقد تبني دين الإرهاب. ** عندما ذهب رئيس الوزراء البريطاني لزيارة البصرة عقب الاحتلال الأمريكي للعراق أقام قداسا مع الجنود وأنشدوا جميعا جند النصاري الزاحفون إلي الحرب يتقدمكم صليب المسيح وبظهور آية النصر هربت كتائب الشيطان إخوة نمشي علي خطي سار عليها القديسون وحدة الأمل والعقيدة. ** قال الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون: لقد انتصرنا علي العدو الشيوعي ولم يبق لنا عدو إلا الإسلام. ** المخرج الهولندي ثيو فان غوخ مغربي أخرج فيلما قصيرا مدته عشرة والاستسلام يصور فيه سوء معاملة المرأة في الإسلام دقائق باسم "الخضوع وربطه بنصوص من القرآن وسلوكيات مفتراة عن رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم. ودعا الدكتور جعفر عبدالسلام.. الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية إلي تبني مشروع إسلامي متكامل يتضمن استخدام وسائل الإعلام الحديثة في التعريف بالإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم لأن الإنسان عدو ما يجهل وكثير من أنواع الإساءة سببها الحقيقي الجهل المغلف بالأحقاد والأكاذيب التاريخية التي روج لها المستشرقون ورجال الدين والمسيحي وحاخامات اليهود منذ ظهور الإسلام حتي الآن وادخال ذلك في مناهج التعيم الغربية وكشف الدكتور جعفر عن تبني الرابطة لفكرة حوار الحضارات والثقافات علي مستوي الجامعات والمؤسسات الثقافية الغربية لتفعيل مبادرة اليونسكو لإزالة المغالطات التاريخية من المناهج الغربية ضد الإسلام ورسوله وهذا يتوافق مع ما يدعو إليه الإسلام حيث قال تعالي "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" آية 125 سورة النحل. وأنهي الدكتور جعفر كلامه بدعوة المجتمع الدولي وخاصة الأممالمتحدة إلي اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيقاف الاستمرار في الإساءة إلي رسل الله واستصدار ميثاق دولي يجرم الإساءة إلي الرسل بزعم حرية التعبير لأنه يجب ألا تستغل في الإساءة للآخرين والاعتداء علي عقائدهم وحرماتهم المقدسة. الرد الأمثل وعن تفسيره لهذه الموجة من الإساءات المستمرة لرسول الإسلام قال الدكتور محمد عبدالمنعم البري الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية: هذه الأقوال ليست غريبة بل تكشف حقيقة الآخرين تجاه رسولنا صلي الله عليه وسلم وقد بدا هذا منذ فجر النبوة وللأسف أن هناك من يحاول إخفاءها رغم قول الله سبحانه وتعالي "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر" وقوله "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق" آية 109 سورة البقرة. وطالب الدكتور البري باستخدام كل الوسائل للدفاع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ليس من خلال الكتاب والموسوعات فقط بل من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالإضافة إلي استثمار ثورة تكنولوجيا الاتصال مثل الإنترنت في التعريف برسول الإسلام صلي الله عليه وسلم بمختلف اللغات التي ينطق بها البشر في مشارق الأرض ومغاربها باعتبار ذلك جزء من تبليغ الإسلام وفي نفس الوقت الرد علي خصومه وتصحيح الصورة المشوهة عنه وخاصة أن الحرب علي رسول الإسلام ودينه الحق لن تتوقف إلي يوم القيامة لقوله تعالي "ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" اية 217 سورة البقرة. وقوله أيضاً "ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم" آية 120 سورة البقرة. المقاطعة والتصحيح ورفض الدكتور إسماعيل عبدالرحمن عميد كلية الشريعة والقانون بدمنهور جامعة الأزهر أن تأخذ الاحتجاجات علي الإساءة للرسول صلي الله عليه وسلم طابعا عنيفا مثلما حدث في دمشق حيث تم إشعال النيران في المبني الذي يضم سفارتي الدانمارك والنرويج وكذلك إحراق القنصلية الدانماركية في بيروت عقب أزمة الرسوم المسيئة لأن الإعلام الغربي يتخذ من ذلك وسيلة فعالة لمزيد من التشويه للإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم ولكن الأفضل اتخاذ ردود عقلانية مثل المقاطعة الاقتصادية للدول التي ترعي القائمين بالإساءة وكذلك الشركات التي لها علاقة بهم لأن سلاح المقاطعة أثبت جداوه في فترة من الفترات لدرجة جعلت أصحاب الإساءات أو القائمين برعايتهم يتراجعون ويعتذرون سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وحذر الدكتور إسماعيل من الإساءات التي تحدث من بعض المسيحيين داخل مصر وانها تكون سببا في الفتنة الطائفية مثلما حدث مؤخراً في أسيوط عقب قيام طالب مسيحي في المرحلة الثانوية بالإساءة للرسول صلي الله عليه وسلم عبر الإنترنت. وقال الدكتور إسماعيل عبدالرحمن: شتان بين الإساءة للأديان كلها وخاصة ما يتعلق بالأنبياء والرسل وبين حرية النقد والتعبير عن الرأي التي يتشدق بهها القائمون بالإساءة ولهذا لابد من تشريعات رادعة ضد كل من يزدري الأديان عامة لأن هذا فيه إساءة للمشاعر الدينية. وأنهي الدكتور إسماعيل كلامه بالتأكيد علي أنه إذا كان حسب عقيدتنا ليس من المقبول تمثيل الرسول محمد في صورة أو تمثال أو أي شيء آخر يؤدي إلي تقديسه فما بالنا بمن يسيئون إليه.