* كلف العاهل المغربي عبد الإله بن كيران بتشكيل الحكومة المغربية القادمة.. والرجل لا يعرف عنه الإسلاميون في مصر الكثير.. أما العوام فلم يسمعوا عنه تقريبا. * وهو أول إسلامي يكلف بتشكيل حكومة مغربية بعد أن فاز حزبه العدالة والتنمية بالأغلبية البرلمانية في المغرب. * وبهذا التكليف يتوج كفاح كيران الطويل والمستمر لبناء وتطوير الحركة الإسلامية المغربية بالنجاح. * لقد تنقل كيران من جماعة الشبيبة المغربية والتي ساهم في تطويرها وإدخالها إلي الجامعات.. إلي الجماعة الإسلامية المغربية التي تركها لينشأ جماعة العدل والإحسان المغربية.. ثم ينتهي به الأمر إلي تشكيل حزب العدالة والتنمية المغربي والذي فاز بالأغلبية البرلمانية هذه الأيام. * وهو أول من سمي حزبه بهذا الاسم وهو سابق للحزب التركي الذي يسمي بنفس الاسم.. وبذلك يكون كيران أول من أنشأ حزبا له مرجعية إسلامية دون أن يضيف إلي اسمه كلمة إسلامي أو أي كلمة عن الشريعة كما دأبت معظم الجماعات المشرقية علي أن تضيف هذه الكلمات إلي مسميات جماعاتها وأحزابها. * سيقول البعض: وما الجديد في حياة كيران عن غيره من قادة الحركات الإسلامية؟ * فأقول له إن كيران يختلف تماما عن القادة التقليديين للحركات الإسلامية المعاصرة الذين لا يجددون فكرهم ولا يطورون عملهم ولا يراجعون آراءهم ولا ينتقدون أنفسهم.. إنه طراز مختلف تماما عنهم. * لقد عرفت الحركات الإسلامية نمطا واحداَ من قياداتها قد يتحدي أعتي الأنظمة الديكتاتورية ويستعد أن يسجن من أجل مواجهة ظلمها وبغيها. * ولكنه ضعيف أمام جماهير حركته ويخشي هذه الجماهير أكثر من خشيته من الديكتاتور الحاكم.. ولا يغامر بجاهه من أجل تطوير وتغيير فكر جماهير حركته العتيق. * ولكن كيران كان نوعا مختلفا فقد كان يستطيع مواجهة نفسه وجماهير حركته بأخطائها الفكرية والعملية ولا يكتفي بذلك بل يسعي لتطويرها وتحسين أدائها ومراجعة فكرها. * إنه لم يقع يوما أسيرا لجماهير حركته.. ولم يقبل أن ينافق العوام.. فضلا عن رفضه لنفاق الحكام.. وهما أخطر أنواع النفاق. * لقد ترك جماعة الشبيبة المغربية بعد أن انتهجت العنف لأنه وجد العنف مخالفا للشريعة ومقاصدها.. وضارا بالدعوة والحركة معا.. ومؤخرا لها وليس حاميا لها كما زعم البعض. * ثم عزم علي ترك السرية تماما بعد أن رآها متفشية في الجماعة الإسلامية المغربية.. وعزم علي أن تكون الجماعة الإسلامية علنية مدرجة في سجلات الحكومة.. رغم رفض الكثيرين من أنصاره لذلك. * ثم وجد أن اسم الجماعة الإسلامية لن يكون مناسبا لجماعة تعمل في مجتمع مسلم متدين من أصله كالمغرب.. فلم يستنكف أن يغير اسمها إلي ¢العدل والإحسان¢. * ثم وجد أن الجماعة ينقصها ذراع سياسي.. لتهتم الجماعة بالدعوة.. ويتخصص الحزب في السياسة.. وكأن من أوائل من دعوا في العالم العربي إلي فصل الدعوي عن الحزبي. * وذلك كله أذاقه المرارة تلو المرارة.. والألم تلو الألم.. والنقد بعد النقد.. ولكنه في النهاية جني ثمرة كل هذه الآلام والمراجعات والتصويبات ليصبح أخيرا رئيسا للوزراء في المغرب عن جدارة واستحقاق.