منذ أن اقتربت من الحركة الإسلامية فى المغرب وأنا أسمع عن هذا الرجل، وكان أكثر ما سمعته عن عبدالإله بن كيران نقدا حادا فى حقه قد يصل إلى الجرأة على الرجل خاصة من بعض شباب الحركة، وكان هذا فى رأيى غريبا فى حق رجل تولى قيادة الحركة ما يقرب من عقد كامل شهد أهم أحداثها وتحولاتها حتى استوت على عودها ورقما مهما فى الحالة الإسلامية. حين التقيت به للمرة الأولى قبل عامين فى مكتبه بصحيفة التجديد فى الرباط كان لافتا لى طريقة تعامله مع مرؤوسيه، التى تتسم بالمباشرة وعدم التكلف ولاحظت أنها تخلو من ميكانيزمات الهيمنة والإخضاع، التى دائما ما تسم علاقة القادة بالاتباع، وهو ما ينشىء بينه وبين مرؤوسيه علاقة ندية أكثر من تبعية. واستوقفنى أكثر أننى حين بدأنا نقاشنا لم أجد كبير عناء فى اقتحام الرجل بل ونقده، ولم يتركنى الرجل كثيرا فى حيرتى فقال فى لحظة صفاء وكأنما يجيب على أسئلة لم أطرحها عليه: أنا قائد لا يبحث عن التوقير بين حركته (أو للدقة قال: أنا قائد غير موقر بين حركتى!)، وأضاف: ولن تجد فى حركتنا هذا النمط الشائع من القيادة بين الإسلاميين. لا يمكن الحديث عن هذا النوع من القيادة سواء فى شخص عبدالإله بن كيران أو حركة التوحيد والإصلاح إلا بتقديم نظرة عامة على الجيل المؤسس للحركة الإسلامية فى المغرب، إنه الجيل الذى نشأ فى حركة الشبيبة الإسلامية، التى أسسها عبدالكريم مطيع، ثم أسس للعمل الإسلامى فى عقد السبعينيات فى الجامعات المغربية، وبعدها انفصل فى بداية الثمانينيات عن تنظيم الشبيبة بسبب تورط الأخير فى العنف والتحريض على الدولة. إنه الجيل الذى أسس لتجربة إسلامية جديدة بدأها بتنظيم «الجماعة الإسلامية» 1981 واستمرت حتى تغير اسمها عام 1988 إلى حركة «الإصلاح والتجديد»، ثم دخلت فى حوار مع بعض مكونات العمل الإسلامى (مثل رابطة المستقبل الإسلامى) أدت عام 1996 لوحدة فريدة من نوعها كان ثمرتها حركة «التوحيد والإصلاح». كان عبدالإله بن كيران واحدا فى مجموعة متقاربة عمريا وفكريا ومتساوية تقريبا فى قدراتها وإمكاناتها ليس فيها من يفوق الأخرى أو يتميز عنهم، وهى المجموعة التى ضمت معه محمد يتيم وعبدالله بها وعزالدين توفيق وسعدالدين العثمانى وعبدالعزيز بومرت والأمين بوخبزة ومحمد العمرانى.. وغيرهم من الذين صاروا رموزا للعمل الإسلامى فى المغرب.