* في سؤال لدار الإفتاء يسأل صاحبه عن: جواز تشريح الجثة بمعرفة إدارة التحقيق في حالة الوفاة المشكوك فيها؟ ** أجاب الشيخ عبدالمجيد سليم: لم نجد في كتب الفقه من تعرض لهذا الموضوع. وما وجدناه هو شق بطن من ماتت وولدها حي أو بالعكس. وموضوع شق البطن لإخراج ما يكون قد ابتلعه من مال قبل وفاته. فقال علماء الحنفية في الموضوع الأول أنه إذا ماتت امرأة حامل واضطرب في بطنها شيء وكان رأيهم أنه ولد حي شق بطنها لأن هذا وإن كان فيه إبطال لحرمة الميت ففيه صيانة لحرمة الحي وهو الولد فيجوز. وإذا مات الولد في بطن أمه وهي حية فإن خيف علي الأم. قطع وأخرج بأن تدخل القابلة يدها وتقطعه بآلة بعد تحقق موته. أما لو كان الولد حياً فلا يجوز تقطيعه. لأن موت الأم به موهوم. فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم. والمأخوذ من كلامهم في الموضوع الثاني: أن المال إما أن يكون للميت أو لغيره. فإن كان له فلا يشق بطنه لاستخراجه. لأن حرمة الآدمي وإن كان ميتاً أعلي من حرمة المال. ولا يجوز إبطال حرمة الأعلي لصيانة حرمة الأدني. وكذلك الحكم فيما إذا كان المال لغيره وقد ترك الميت مالاً فإنه لا يشق بطنه في هذه الحالة أيضاً بل تدفع قيمة المال مما تركه الميت إلي صاحبه. أما إذا كان المال لغيره ولم يترك الميت مالاً فإنه يشق. لأن حق الآدمي مقدم علي حق الله تعالي. ومقدم علي حق الظالم المتعدي. وقد زالت حرمة هذا الظالم بتعديه علي مال غيره هذا مذهب الحنفية في الموضوعين. وأما مذهب الشافعي فخلاصته في المسألة الأولي: أنه إذا ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها وأخرج إن كان يرجي حياته بعد الإخراج. بأن يكون له ستة أشهر فصاعداً أما إذا كان لا يرجي حياته بعد الإخراج فالأصح أنه لا يشق بطنها. وخلاصة مذهبه في المسألة الثانية: أن المشهور للأصحاب إطلاق الشق حينئذ من غير تفصيل إذا كان المال لغيره وطلبه. وقال بعضهم: إنه يشق جوفه إذا لم يضمن الورثة مثله أو قيمته. أما إذا بلع جوهرة لنفسه فلها وجهان مشهوران الأول أنه يشق. والثاني: أنه لا يشق. والخلاصة أن عند الشافعية رأياً بالشق مطلقاً لاستخراج المال من الجوف. هذه خلاصة ما نقله الإمام النووي في شرح المهذب. وقد نقل فيه عن أبي حنيفة وسحنون المالكي أنه يشق مطلقاً في مسألة المال. وقد علمت مذهب الحنفية في ذلك. ونقل عن أحمد وابن حبيب المالكي. أنه لا يشق. لقول الرسول صلي الله عليه وسلم "كسر عظم الميت ككسره حياً". قال السيوطي في بيان سبب الحديث مانصه: عن جابر خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في جنازة فجلس النبي صلي الله عليه وسلم علي شفير القبر وجلسنا معه فأخرج الحفار عظماً ساقاً أو عضداً فذهب ليكسرها. فقال النبي صلي الله عليه وسلم لا تكسرها. فإن كسرك إياه ميتاً ككسرك إياه حياً. ولكن دسه في جانب القبر. وبهذا الحديث استدل من قال من الفقهاء بعدم جواز شق بطن الميت لاستخراج ما فيه من مال مطلقاً. والذي يقتضيه النظر الدقيق في قواعد الشريعة وروحها أنه إذا كانت هناك مصلحة راجحة في شق البطن وتشريح الجثة من إثبات حق القتيل قبل المتهم أو تبرئة هذا المتهم من تهمة القتل بالسم مثلاً أنه يجوز الشق والتشريح. ولا ينافي هذا ما جاء في الحديث الشريف من قوله عليه الصلاة والسلام "كسر عظم الميت ككسره حياً".