مصر الآن مثل سفينة في بحر متلاطم الامواج وتجاهد للوصول الي بر الامان ووسط هذا الصراع الرهيب يبرز من يأبي لها الوصول الي شط الامان. ربما عن عمد وربما عن جهل . فتارة نجد تشددا وغلوا الي درجة لايمكن قبولها او تصورها وتارة نجد الحادا وانحلالا لايمكن تصوره في مجتمع مسلم محافظ. ووسط كل هذا ننسي تماما اننا مسلمون وديننا هو دين الوسطية لا التشدد ولا الانحلال لا هذا ولا ذاك . هذا الاسبوع شهدت مصر عدة احداث تبرز هذا الصراع الخطير. فنجد في مدينة الاسكندرية داعية سلفي يجبر مذيعة علي ارتداء الحجاب حتي يظهر معها والغريب وحسب كلام المذيعة فان الشيخ السلفي قال لها انه يمكن ان يجلس معها دون حجاب ولكن ليس اثناء التصوير. وواقعة اخري حين اقتحم الداعية السلفي حازم شومان حفلا لهشام عباس في اكاديمية النيل واصر علي ايقاف الحفل, واحداث اخري ربما لايتسع المجال لذكرها, وفي المقابل نجد فتاة اقل مايمكن ان توصف به بانها عاهرة اسمها علياء ماجدة المهدي هكذا تسمي نفسها باسم امها نجدها تضع صورها العارية تماما علي مدونتها -ثائرة مصرية- وتبرر هذا بانها الحرية وانها رد علي تشدد التيارات الدينية. وبين هذا وذاك فلتحزن مصر ولتغرق مصر فكل يبحث عن نفسه ومصلحته واتجاهاته وافكاره والكل يري انه الصواب ونسينا ان الاسلام هو دين وسطي. وعلياء المهدي انسانة مشوشة تتساءل كيف تكون المرأة نائبة ورئيسة جمهورية في مجتمع أغلبيته لا تري فيها إلا أداة للجنس؟وكيف ينسب الولد لابيه تلقائيا ولا ينسب لامه؟ ولماذا يلجأ الناس للاطباء لاختيار جنس المولود الذي غالبا مايكون ذكرا ؟ هذه ابرز الاسئلة التي تطرحها المدونة علياء المهدي صاحبة الصور العارية علي مدونة مصرية ثائرة - التي اثارت ضجة عالمية خلال الايام الماضية حتي ان مدونتها التي لم يزرها احد من قبل سجلت رقما قياسيا في اعداد الزائرين - لتثبت من خلالها اننا نعيش في مجتمع متخلف وغير حضاري ينتشر فيه التمييز والجنس. فمن هي علياء المهدي وماذا كان دافعها لهذا العمل غير المبرر بطبيعة الحال مهما كانت اسبابها ؟ قبل أن تترك منزل والدها بسبعة أيام. قام أبيها بالتعدي عليها بالضرب ثلاث مرات عندما حاولت الخروج بمفردها لركوب أتوبيس الجامعة ورفضت أن يقوم بتوصيلها بسيارته إلي الجامعة فكان قرارها علي الطريقة الغربية هي مغادرة المنزل الي شقة تعيش فيها بصحبة صديقها المدون كريم عامر الذي يشاركها نفس الافكار الملحدة والمتطرفة. شاركت علياء في الثورة واعتصمت في ميدان التحرير وكانت تبيت في نفس الخيمة التي ينام فيها اصدقاؤها الشباب وكانت تثور عندما يفتح احد من التيارات الاسلامية الخيمة عليهم وينبههم الي ان هذا لايليق.وعندما تجلس مع صديقها كريم عامر في ميدان التحرير وتضع يدها حول كتفه وياتي احد لينبهها الي ان هذا لايجوز تقول له انه ليس من حقه ان يطلب هذا الطلب. هي تري ان مصر بحاجة الي ثورة اجتماعية وان العنصرية هي التمييز ضد مجموعة علي أساس العرق أو الدين أو اللون أو الجنس أو الميل الجنسي وبالتالي فان المثلية الجنسية ليست اهانة من وجهة نظرها. وهي ايضا طالبت بوضع او ¢لصق ستيكر علي خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي¢. علياء تعلن بكل صراحة أنها ملحدة. ولم تعد تؤمن بدين الإسلام منذ كان عمرها 16 عاماً. وربما نعثر علي أحد أسباب إلحادها في آخر تدوينة لها والتي لم تكتب فيها سوي جملة واحدة: ¢أيهما أكثر إقناعاً؟¢ ثم تقدم عددا من الفيديوهات العلمية التي تشرح كيفية بدء الخلق من خلال نظرية ¢الانفجار العظيم¢. مقارنة إياها بقصة الخلق التي وردت في الأديان السماوية الثلاثة. كذلك وتحت عنوان ¢ولكنها تدور¢ تسرد قصة جاليليو مع الكنيسة الكاثوليكية. التي كادت تحكم عليه بالقتل نظراً لأنه اكتشف عبر مناظيره المستحدثة. أن الأرض بيضاوية الشكل وتدور حول نفسها وحول الشمس وأن هناك كواكب أخري غير أرضنا. وذلك في القرن الخامس عشر. وكيف أن الفاتيكان قدم اعتذاراً هاماً لجاليليو في ثمانينات القرن الماضي. ليأتي الشيخ السعودي بن باز في عصرنا الحديث ويؤكد أن الأرض مسطحة ولا تدور. مستعيناً بآيات من القرآن.. وتعترض أيضاً من خلال تدوينة بعنوان ¢ مذكرات مسلم صغير¢ علي تحديد هوية الطفل الدينية في شهادة ميلاده وفقاً لديانة والده رغم أنه لم يختر شيئاً بنفسه. عبد الكريم نبيل سليمان المعروف إعلاميا باسم ¢ كريم عامر ¢ ولد في السابع عشر من يونيو عام 1984 بمدينة الإسكندرية . وإلتحق بالتعليم الديني الأزهري منذ حداثة سنة بناء علي رغبة من والديه . و درس المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية بالمعاهد الأزهرية . وحصل عام 2001 علي الشهادة الثانوية الأزهرية . بدأ الكتابة عبر مواقع الانترنت وأبرزها موقع الحوار المتمدن منتصف عام 2004 قبل أن ينشيء مدونته الخاصه بعد عام من هذا التاريخ وينشر من خلالها آراءه التي أثارت الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض لها كونها تقترب من خطوط التماس مع التقاليد الإجتماعية والثوابت الدينية التي يرفض قطاع كبير من المجتمع التقليدي الاقتراب منها بالنقد أو المناقشة . ينتمي كريم إلي أسرة سلفية متشددة تتبع جماعة الدعوة السلفية وقد كان لموقف والديه وأشقاؤه المحرض للقضاء والرأي العام ضده أثناء نظر قضيته دافع كبير وراء قراره الانفصال التام عن الأسرة التي فعلت الكثير في سبيل تقييد حريته هو وأشقائه تبعا لفهمهم الخاص للدين الذي استمدوه من تأثرهم بالمدرسة السلفية التي ينتمون إليها فكريا وعقائديا ليتمكن من ممارسة حريته الكاملة بعيدا عن القيود الأسرية . مرحلة خطيرة يقول الدكتور احمد عبد الشكور المتحدث الرسمي لحزب الحرية والتنمية مصر تمر بمرحلة خطيرة جدا تتقاذفها مختلف التيارات والحركات والافكار وهي مرحلة تحتاج الي حكمة كبيرة في التعامل, حتي نعبر هذه المرحلة بسلام وامان. واضاف المناخ الذي تعيشه مصر حاليا يسمح بافراز مثل هذه العناصر فهي فترة حرية غير منضبطة والكل يري ان من حقه ان يفعل مايشاءفكانت النتيجة خروج علياء المهدي ومن علي شاكلتها في مقابل التيارات الدينية المتشددة التي تريد فرض رأيها بالقوة في حين ان المجتمع المصري معروف عنه ان تدينه وسطي وغير متشدد وهو مايفرض ان نأخذ حذرنا ونتعامل مع هذه الازمة بهدوء وحكمة وعلي العقلاء والعلماء ان ينشطوا جيدا خلال هذه الفترة ويعرفوا الناس بصحيح دينهم حتي لايقعوا بين تفريط وتشدد . يقول الدكتور محمد سليم العوا. المرشح المحتمل للرئاسة ما فعلته هذه الفتاة شئ فج. لا يقبله المجتمع المصري. فحتي الملحدين المصريين وسطيون. ومصر ليست هكذا. مصر وسطية. وصورتها ستظل كما هي. واضاف لا التشدد مقبول ولا الانحلال الاخلاقي مقبول ايضا. ومصر الآن تمر بمنعطف خطير تحتاج الي التكاتف وعدم الخلاف والانجرار وراء القضايا الجانبية التي قد تأخذنا الي منزلق خطير, ومثل هذه الافعال كفيلة باحراق المجتمع ان لم ننتبه لها. وقال هناك قيمتان اساسيتان هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مراعاة المصالح والمفاسد وهي القيمة الأساسية التي تتفرع عنها سائر القيم السياسية الإسلامية. والشوري وهي القيمة التي تلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأهمية. تيار الوسطية يقول الدكتور نصر فريد واصل. مفتي الديار المصرية الأسبق. ان الوسطية لها دور كبيرفي بناء الأمة الإسلامية. و إن تيار الوسطية هو تيار قوي. لأن الذي يجمع بين طرفي شيء لابد وأن يكون قويا. والوسطية تحقق السلام وليس في الإسلام غلو ولا تطرف. اضاف من يقول ان الحرية تكون في التعري او في اقتحام الحفلات لا هذا صواب ولا هذا صحيح. التعري مفسدة حقيقية ولا توجد حرية ابدا في هذا الفعل المنحل غير الأخلاقي والذي يجب ان تعاقب صاحبته حتي تكون عبرة لغيرها. وقال ان تغيير المنكر باليد والقوة يجب ان يكون من ولي الامر والا تحول الامر الي فوضي والداعية دوره في النصح والارشاد والتعليم وليس في اقتحام الحفلات او فضها بالقوة.