في الوقت الذي يسعي فيه غالبية المسلمين إلي أداء فريضة الحج ليرجعوا منه مغفورا لهم .. ومن لم يستطع اداءها يظل قلبه معلقا بالأماكن المقدسة .. علي الجانب الآخر نجد فئة حولت موسم الحج إلي بيزنس يستغلون فيه البسطاء.. ونصابين علي هواة الجاه والشهرة من الشخصيات المريضة نفسيا بحب الظهور حتي انهم حولوا ضيف الرحمن الي "زبون " يجب الوصول الي جيبه بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة فما هي خطورة تلك الظاهرة؟.. وما جزاء من يحترفونها؟ نستعرض بعض مظاهر النصب والاستغلال فنجد ان شركات السياحة التي تعتبرها سبوبة كبري وتنظر الي الحاج علي أنه "زبون" لابد من تحقيق أرباح طائلة حيث يتم بيع التأشيرات بأضعاف أسعارها ووصل الأمر الي أن تلك الشركات كونت ما يشبه اتحاداً فيما بينها للوصول الي جيوب راغبي الحج بأي وسيلة بعد أن رفعت شعار "الغاية تبرر الوسيلة" ووصل سعر الحج السياحي الفاخر لنجوم السياسة والفن والرياضة لأكثر من مائة ألف جنيه. وأيضا تحت ستار الحث علي أداء الفريضة المقدسة عن الإعلانات المتكررة عن ملابس الاحرام وشرائط كاسيت لتعليم اداء المناسك عن طريق القنوات الدينية التي تتحالف مع أصحاب الجمعيات الأهلية في النصب علي المواطنين لجمع أموالهم. تجار التأشيرات من الأفراد وشركات السياحة تقوم بالمتاجرة واستغلال رغبات ليس من يرغبون في الحج فقط بل ومن يرغبون في الهروب من مصر بحثا عن فرصة عمل بعد الهروب بعد أداء الفريضة في حين تخصصت شركات أخري في تهريب راغبي الاستمرار في السعودية بعد أداء عمرة رمضان حتي موعد الحج مقابل مبالغ طائلة حتي شركات السياحة الصغيرة تتسابق أيضا في الدخول في بيزنس بيع التأشيرات حيث تنشط رغم أنها لا تملك إمكانيات تؤهلها لتنظيم رحلات الحج ولا ترغب في التنظيم تقوم ببيع حصتها من التأشيرات لشركات كبيرة أو لأفراد عاديين. وتدخل شركات الطيران سوق بيزنس الحج مبررة رفع أسعارها بأن الطائرات تعود بدون ركاب شركات الاتصال توفر كروتاً منزلية للخطوط الدولية بأسعار خاصة وبعرض دقائق مجانية بالإضافة إلي تخفيضات تنافسية للحجاج بحجة توفير الطمأنينة لهم لذويهم أثناء فترة الحج وتتم السرقة بشكل خفي لعدد الدقائق او الخدمات التي تقدمها بعض البنوك دخلت بيزنس الحج عن طريق تنظيم رحلات الحج بالتقسيط بدون فوائد كما تدعي ذلك علي أن يقوم الشخص بدفع نصف التكلفة نقداً والباقي بالتقسيط. هناك فئات تسافر للسرقة والنشل والمتاجرة بالعملة أو عقد صفقات تجارية مع رجال أعمال عرب وأجانب. تصرفات أكثر جاهلية يري الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية أن ما يكسبه النصابون والاستغلاليون أثناء موسم الحج هو من الكسب الحرام الذي لن يبارك الله فيه وسيحاسب القائمين به حسابا عسيرا في الآخرة فقال الله تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضي مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَي اللَّهِ يَسِيرًا" أشار الي انه المفروض ان الحج تجارة مع الله باعتباره موسماً للطاعة واستجلاب الخير وليس للمتاجرة علي عباد الله بشكل مباشر او غير مباشر مما يفوق افعال الجاهليين قبل الاسلام حيث كانوا يقدمون السقاية الرفادة وخدمة الحجيج مجانا ويطعمونهم ابتغاء الثواب أما الآن فهناك من يستغل ضيوف الرحمن في كل مراحل الرحلة ولهذا فإن ما يكسبونه هو أكل لأموال الناس بالباطل . ومن المفروض أن المؤمن يستحي من الله أن يستغل عباده بالباطل أو أن يعسر علي الناس أداء تلك الفريضة بدلا من تيسيرها وهذا يتنافي مع قوله صلي الله عليه وسلم¢ من يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة¢. وقوله صلي الله عليه وسلم ¢مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِري أَوْ يَضَعْ عَنْهُ¢. يتعجب الدكتور المهدي ممن يكررون الحج بأعلي الأسعار وكأنهم يذهبون الي رحلة سياحية للتغيير الجو علي الرغم من أن تكرار الحج ليس فرضا علينا كمسلمين أكثر من مرة لأن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يحج سوي حجة الوداع . ولست مبالغا اذا قلت إن حج هؤلاء تشوبه شائبة لأن القبول من عدمه بيد الله وحده لأن هؤلاء ضاعت عندهم حكمة الحج وضلوا ترتيب الأولويات حتي أنني أؤكد أنهم لو أنفقوا تلك الأموال علي الفقراء والمساكين لكان أفضل من الحج السياحي الفاخر الذي يعطي الفرصة للنصابين الذين حولوا الحج إلي بيزنس للمتاجرة بالتأشيرات وتقديم ما يطلبه "الزبون" حتي ولو كان منافيا للشرع. تشديد الرقابة يطالب الدكتور محمد عبد اللطيف قنديل الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بالاسكندرية بضرورة تشديد الرقابة لضبط كل من يتلاعب بطرق غير شرعية للحصول علي تأشيرات إضافية أكثر من حصته وخاصة أن هناك بعض الشركات تكون اتحادات مع بعضها لتجميع أكبر عدد من التأشيرات وبيعها لراغبي الحج من الأثرياء الراغبين في الحج الفاخر فقط. وذلك لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. ولهذا فإن مواجهة هؤلاء واجب شرعا علي أولي الأمر وفي نفس الوقت لابد من نشر الوعي الديني بين الناس لمواجهة عمليات النصب والتصدي لذوي النفوس المريضة من النصابين وراغبي الحج الفاخر الباحثين عن المنظرة. يتعجب الدكتور قنديل من الرفاهية المفرطة لبعض الحجاج علي الرغم من أن الحج فريضة فيها مشقة وتهذيب للنفس وتنازل عن زينة الدنيا وتذكير بالآخرة إلا أننا نجد الباحثين عن المتعة لدرجة فرش الخيام بالنجيلة والصالونات الفاخرة بدون والتنقل بحافلات الشخصيات الهامة وتوفير اغلي الخيام المستوردة بالقرب من جسر الجمرات في مني بحجة أن "الزبون عايز كده" بل إنهم يحاولون تبرير ذلك شرعا بقوله تعالي: "وأما بنعمة ربك فحدث". وهذا استدلال خاطئ لأنه تبذير وإسراف وخروج عن حكمة الحج وتحويله إلي رحلة سياحية أنهي الدكتور عبد اللطيف قنديل كلامه بالتأكيد أن الإسلام نهي أتباعه عن الكسب الحرام في كل الأوقات وأمرنا بالإكثار من الطاعات في مواسم معينة ومنها الحج ولكن الجشع جعل شياطين الإنس يحولون موسم الطاعات الي موسم للكسب الحرام فقال صلي الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا". ولاشك أن سرقة اموال الناس بالباطل أو خداعهم والنصب عليهم نوع من انواع تعذيبهم.