مع دخولنا الشهور المباركة رجب وشعبان ثم رمضان التي يحلو للمصريين اداء العمرة خلالها يبدأ موسم الحديث عن المشاكل التي تتجدد كل عام وتختلف من عام الي عام باستثناء المشكلة الكبري والتي تعتبرها المملكة العربية السعودية - حيث الأراضي المقدسة - مصدر صداعها الدائم . وهي مشكلات تخلفات آلاف المعتمرين واصرارهم باستخدام جميع الوسائل غير القانونية علي عدم العودة . انهم يتطلعون الي ان يكتب للغالبية منهم اداء فريضة الحج بعد أدائهم للعمرة . ان معظم هذه الفئة من الفقراء غير القادرين الذين استطاعوا توفير تكلفة رحلة العمرة بشق الأنفس ولا يستطيعون بأي حال تحمل التكلفة العالية للقيام برحلة الحج. هذا القطاع الكبير من المعتمرين يتحايلون علي البقاء شهور ما بعد العمرة في السعودية بكل السبل .. وليس خافيا ان هناك عناصر سعودية تقدم المساعدة لهم لتحقيق ذلك .. البعض منهم يقدمونها لوجه الله تعالي والبعض الآخر مقابل أجر معلوم أو من خلال تكليفهم بالعمل لحسابهم مقابل أجور متدنية للغاية استغلالا لعدم قانونية اقامتهم في السعودية. وهناك نسبة ليست قليلة من هؤلاء المعتمرين »المزوغين« تقوم الشرطة السعودية بالقاء القبض عليهم والقائهم في السجون حتي يتم ترحيلهم الي مصر. ورغم هذه الظروف الصعبة فإن هذه الفئة التي تتمحور حياتها علي اداء فريضة الحج يقبلون هلي هذه المغامرة مضطرين لعجزهم وعدم قدرتهم علي تدبير النفقات الباهظة والتي تصل الي اكثر من خمسة أضعاف تكلفة العمرة . انهم وفي سبيل تحقيق هذا الامل علي استعداد للتضحية بكل شئ .
تفاقم مشكلة تخلفات المعتمرين المصريين والتي يستهدف غالبيتهم ضرب عصفورين بحجر واحد حيث يدفعون تكلفة الرحلة الي السعودية لاداء العمرة وبنفس هذه التكلفة يؤدون فريضة الحج اذا ما نجحوا في الهروب من حملات شرطة السعودية خلال شهور ما قبل موعد الحج. ان هدف جانب من هؤلاء المتخلفين من رحلات العمرة هو البقاء في السعودية ليس للحج وانما للعمل حتي لو كان ذلك بشكل غير قانوني.. يحدث هذا علي الرغم من الشروط والقواعد المشددة التي تضعها السلطات السعودية لرحلات العمرة وتلزم بها الوكلاء السعوديين الذين يتعاقدون مع شركات السياحة المصرية ويحملونهم مسئولية تنفيذها.
نتيجة لتجدد مشكلة التخلفات كل عام فإن السلطات السعودية تلجأ من بين ما تتخذه من اجراءات للحد من هذه الظاهرة الي تقليص اعداد التأشيرات المتاحة للمعتمرين المصريين . يتم ذلك من خلال تعنت الوكلاء السعوديين في تعاملهم مع شركات السياحة المصرية بحجة تجنب العقوبات والغرامات التي تفرضها عليهم السلطات السعودية. ورغم احتفاظ هؤلاء الوكلاء بجوازات سفر المعتمرين المحسوبين عليهم إلا أن هذا لا يمنع استمرار التخلف وان معظم هؤلاء المتخلفين يتركون جوازات سفرهم للوكيل السعودي ويهربون.. هذه الممارسات دفعت الوكلاء السعوديين الي تحميل قيمة الغرامات التي يدفعونها علي تكلفة رحلات العمرة التي يقومون بتنظيم خدماتها للمعتمرين المصريين . ورغم المكاسب التي تحققها شركات السياحة المشاركة من تنظيم رحلات العمرة التي تصل اعدادها الي اكثر من 003 ألف رحلة إلا أن المعوقات والمشاكل التي لا حل لها للمتخلفين الذين يتحملون مسئوليتهم.. تجعلهم يرفعون اصواتهم بالشكوي من تعاظم الصعوبات التي يواجهونها عاما بعد عام.
ليس من حل لهذه المشكلة سوي التوعية الشاملة والتي يجب ان يشارك فيها بشكل رئيسي وبالأخص في الريف أئمة المساجد بالاضافة الي اجهزة الاعلام المرئية.. ليس متوقعا حتي بحملات التوعية الواسعة ايجاد حل عاجل هذه المشكلة ولكن كل ما يمكن ان يحدث هو الحد من تصاعدها وتفاقمها.