في هذه الأيام المباركة. يعيش المسلمون فرحة العام. أو فرحة العمر. وهي الاستعداد لحج بيت الله الحرام. الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا. وجعل أفئدة الناس تهوي اليه ورزق أهله من الثمرات.. ويطيب لي بهذه المناسبة أن ألقي بعض الضوء. ما استطعت علي هذا الصرح الشامخ بحفظ الله ورعايته الي يوم تقوم الساعة!! شرف الله مكة بالبيت الحرام. وهي محصورة بين عدة سلاسل من الجبال تبعد حوالي الثمانين كيلو مترا عن شاطئ البحر الأحمر "بحر القلزم" وتكاد هذه الجبال تخنق مكة. لولا منافذ ثلاثة يصلها أحدها بطريق اليمن والثاني قريب من البحر الأحمر عند مدينة جدة السعودية وثالثها الطريق المؤدي الي فلسطين. وتاريخ مكة موغل في أعماق الزمان. آلاف السنين التي خلت.. ولكن الثابت أن وادي مكة. كان أول ما اتخذ موئلا لراحة القوافل التجارية. بسبب ما كان به من بعض عيون الماء. حتي صارت مضارب خيام القادمين من اليمن الي فلسطين أو العكس. حتي كان النبي اسماعيل عليه السلام. أول من اتخذها سكنا ومقاما له. ولذريته من بعده بعد أن كانت معبرا وسوقا للتجارة بين قبائل جنوب وشمال شبه الجزيرة العربية. ومكة قبل اسماعيل غمض تاريخها الديني كل الغموض.. ويمكن القول بأنها اتخذت مقاما للعبادة قبل ان يعمرها اسماعيل وذريته. وهذا الذي جعلنا نمر من السحاب علي قصة ابراهيم عليه السلام: حيث ولد بالعراق لأب كان يملك مصنعا خاصا لإنتاج آلهة الكفر "الأصنام" فيبيعها للناس ويعبدونها من دون الله الواحد القهار. وشب ابراهيم يساعد أباه علي هذه الصنعة. ورأي ما يخلعه قومه من هالة التقديس علي هذه القطع الخشبية التي صنعها أبوه. سارع الشك الي ابراهيم. فأقبل يسأل أباه. كيف نعبدها وهي من صنع يديك؟؟!!.. وأذاع ابراهيم السؤال علي مسامع القوم. حتي علم أبوه بذلك فنهره. إلا أنه كرر السؤال فخاف آذر من ابراهيم ابنه علي تجارته من الكساد فنحاه وأبعده!! أوضحت الآيات من 74 حتي 79 من سورة الأنعام قصة ابراهيم مع ابيه في قول الحق سبحانه "وإذ قال ابراهيم. لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة" الي قوله عز وجل "أني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا. وما أنا من المشركين" والفطرة تنطق علي لسان ابراهيم. أن هذه الأصنام التي يعبدها قومه ليست آلهة. وإنما الإله هو الذي يتوجه اليه العباد في السراء والضراء والذي خلق الموت والحياة.. ولا يمكن ان يكون حجرا صنعته يد مخلوق يستحيل عليه الخلق والأصنام لا تخلق. ولا ترزق. ولا تسمع ولا تجيب فلا تستحق العبادة. ولا حتي أن تكون واسطة بين العبد والمعبود سبحانه وتعالي. أحس ابراهيم بفطرته ان عبادة الأصنام هي الضلال المبين. وهنا أسرع بانكار ذلك علي أبيه قائلا علي لسان ربه الذي لم يبعثه ولم يعلم عنه شيئا "أتتخذ أصناما آلهة. أني أراك وقومك في ضلال مبين" والي لقاء مع البيت الحرام. نستكمل قصته عبر التاريخ والله من وراء القصد وهو المستعان.