يصدر المجلس العسكري خلال أيام قليلة قانون دور العبادة الموحد الذي ينظم بناء دور العبادة الإسلامية والمسيحية في مصر.. والذي اعتبره البعض سوف يقضي علي أحداث الفتنة التي تنشأ بين الحين والآخر بين المسلمين والمسيحيين.. وفي نظر آخرين يرون صدور مثل هذا القانون سوف يزيد النار اشتعالا. ويعتبر المجلس العسكري هو صاحب الحق الوحيد في إصدار هذا المرسوم طبقا للإعلان الدستوري.. وهو أيضا صاحب الحق في التوقف عن إصداره إذا كان علي غير رغبة الجماهير. قراءة سريعة لما يحدث يتبادر للذهن سؤال هل بناء المساجد والكنائس هو السبب في الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة؟.. أم أن هناك أشياء أخري خافية يعتبرها البعض منطقة محظورة للنقاش فيها وهل نحن فعلا في حاجة لمثل هذا القانون لتنظيم عملية البناء في وجود عشرة شروط قد يراها البعض مجحفة لتنظيم بناء المساجد فقط أقرها مجلس الوزراء في العام 2001؟ بنظرة سريعة علي بعض بنود مشروع القانون الجديد الذي أعده مجلس الوزراء والذي يعرض الآن علي المجلس العسكري نجد أن فيه نقاط تنظيمية وأخري إن لم تراجع قد تجر البلاد إلي ما لا يحمد عقباه. حقوق الإنسان في مشروع القانون جاء في البند الأول ألا تقل المسافة بين المكان المطلوب بناء دار عبادة فيه وبين أقرب دار عبادة مماثل عن ألف متر أي كيلو متر مربع وهذا الشرط يراه البعض من أخطر ما جاء في بنود مشروع القانون وهو أن أمنح التراخيص لبناء المساجد والكنائس وفق المسافة بين كل مبني للعبادة وآخر في حين أن المعيار العالمي لحقوق الإنسان يري في توافر مباني العبادة علي أساس الكثافة والمسافة المخصصة لكل فرد وهي متر * متر علي حين أن الألف متر في القري المزدحمة والمناطق الشعبية الآهلة بالسكان والمناطق ذات العمارات العالية تزيد الكثافة في الكيلو متر المربع لتصل إلي عدة آلاف من المواطنين لا يكفيهم مبني واحد للعبادة من المسلمين وبذلك سوف يبحث المصلون عن أماكن للصلاة غير مزدحمة مما قد تجعله يسافر مسافة عشرة كيلو مترات لكي يصلي وقد لا يجد مكانا فيضطر للصلاة في الشوارع أما إذا كان المشرع يقصد تقليل الحجم للمصلين أو منع الصلاة فهذا أمر آخر!! لكن معيار الكثافة من شأنه إهدار حقوق المسلمين في بناء المساجد لأن هذا معناه أن عدد ألف أسرة لا تملك حسب القانون الجديد مسجدا لأن هناك مسجداً علي مساحة واحد كيلو متر بينما هذا البند من المشرع أعطي الحق للأخوة المسيحيين بأن يكون لكل أسرة مسيحية دار عبادة وذلك إذا ما قو.رن ذلك بعدد السكان ففي مصر 80 مليون مواطن منهم علي وجه التقريب 6 أو 7 ملايين مواطن مسيحي وهذا اجحاف لحق الأغلبية المسلمة.. فنحن في حاجة لقانون اعادل لبناء دور العبادة وهذا قسمة طالمة من حيث دور العبادة مساحتها. شكل المسجد النقطة الثانية والتي لا تقل أهمية وخطورة عن الأولي وهي أن مشروع القانون يحرم بناء المساجد علي الشواطيء والترع ويقول المشرع إقامة دور العبادة اسفل العمارات أو علي شوارع الترع والنيل أو في المناطق الأثرية.. وهذه النقطة فيها منع للمسلمين من الصلاة وهذا ما دفع مجموعة من المحامين للاحتجاج أمام القضاء حول هذه النقطة بحجة أن الإسلام لم يشترط شكل المسجد للصلاة ويجوز للمسلم أن يقيم الصلاة في أي مكان علي الأرض.. وبالتالي لا يحق لأحد منعه من إنشاء مسجد في أي مكان تم تخصيصه لهذا الغرض. القري الفقيرة كذلك نقطة ألا تقل مساحة دور العبادة عن ألف متر وهذا فيه حرمان لأهالي القري الفقيرة والمناطق العشوائية الضيقة من إقامة الصلاة أصلا لأنه لا توجد لديهم مسافة الألف متر. ونظرا لأن هذه النقاط قد تكون محل اتفاق من البعض وخلاف من البعض الآخر لذا فإنه من الأفضل ألا يصدر بها قانون إلا في وجود مجلس شعب منتخب انتخابا حرا نزيها ليعبر فيه الأعضاء المنتخبون من الشعب لأن هذا القانون إذا لم يخرج موافقا لإرادة الأغلبية فقد يثير العديد من المشكلات الطائفية التي تضر أكثر مما تفيد لذلك يجب أن يدرس دراسة مستفيضة قبل صدوره. الشروط العشرة وقبل صدور هذا القانون هناك عدة ضوابط أخري أقرها مجلس الوزراء والتي سميت بالشروط العشرة لبناء المساجد الجديدة وهذه الشروط تخضع لها المساجد فقط ووافق عليها مجلس الوزراء بتاريخ 17/10/2001 والتي تضع من القيود والضوابط ما يعجز الكثير من المسلمين من بناء بيوت الله.. وهذه الشروط هي: * أن تكون المنطقة خالية وفي حاجة حقيقية إلي المسجد المراد إنشاؤه وذلك بسبب الكثافة السكانية التي لا تستوعبها المساجد المقامة فعلا. * مراعاة ألا تقل المسافة بين المسجد القائم والمزمع إنشاؤه عن 500 متر. * ألا يقام المسجد علي أرض متنازع عليها. * أن يلتزم من يتطوع ببناء المسجد بالرسومات والتنظيمات الهندسية والتي تعدها وزارة الأوقاف بما يتناسب مع الموقع والمسافة والتكاليف والمساحة. * ألا يقل مساحة المسجد عن 175 مترا مربعا ويشترط بناء دور أرضي تحت المسجد يخصص لمزاولة أنشطة خدمية واجتماعية وصحية وثفافية وتنموية مع مسكن للإمام. * يمنع منعا باتا إقامة مساجد أو زوايا تحت العمارات السكنية ولا يجوز إقامة مساجد أو زوايا علي شواطيء النيل أو الترع إلا بموافقة صريحة من وزارة الري. * الحصول علي قرار بتبوير الأرض المزمع إقامة مسجد عليها علي أرض زراعية قبل أي إجراء. * لا يجوز لأي أحد بناء المسجد قبل موافقة مسبقة من وزارة الأوقاف. * يتعهد المتبرع ببناء المسجد بإيداع مبلغ مبدئي لحساب بناء المسجد لا يقل عن 50 ألف جنيه دليلا علي جدية العمل. وأمام هذه الشروط التعجيزية التي وضعها مجلس الوزراء ومشروع القانون الجديد الذي يبحثه المجلس العسكري يظل المسجد فقط حائرا بين المشروع الجديد والشروط العشرة في الوقت الذي يمنح فيه القانون الجديد بناء كنيسة لكل أسرة مسيحية ومسجد للمسلمين كل كيلو متر.. فهل راعي المشرع أننا في بلد إسلامي غالبيته من المسلمين؟!